إطلاق المهرجان السينمائي الروسي الأوّل في لبنان «خمس سنوات في خمسة أيام»
اعتدال صادق شومان
ثمّة حقيقة لا يختلف عليها اثنان، اعتبار الفنون بأشكالها كافة، اللغة الأبلغ للتواصل بين شعوب العالم، حيث يتخطّى الفنّ الفوارق اللغوية ويتجاوز تنوّع الحضارات. وعليه، هو أداة الوصل والبناء للتفاهم الإنساني.
ومن هذه الفنون، السينما تحديداً بحكم انتشارها الواسع على مستوى العالم، وكونها فنّاً جامعاً للفنون الإنسانية، فاستحقت لقب «الفنّ السابع».
السفير الروسي في لبنان آلكسندر زاسيبكين يقول: «الفنّ السينمائي يربط الناس بصلات وثيقة أهمّ وأفضل من أيّ شيء آخر». كلام زاسيبكين جاء في المؤتمر الصحافي الذي عُقد صباح أمس في فندق «فينيسيا» خصّيصاً لإطلاق المهرجان السينمائي الروسي الأول في لبنان، وذلك في سياق التقارب الروسي ـ اللبناني المتجدد.
المهرجان حمل عنوان «خمس سنوات في خمسة أيام»، وأطلقته بالتعاون مع السفارة الروسية في لبنان، الشركة الروسية لإنتاج الأفلام « BUta films»، وأعدّت لهذا المهرجان الوكالة الروسية «rossotrudnichestvo»، لمناسبة إعلان العام 2016 عام السينما الروسية.
حضر المؤتمر الصحافي وزير السياحة ميشال فرعون، نصري براكس ممثلاً وزير الثقافة ريمون عريجي، السفير الروسي في لبنان آلكسندر زاسيبكين، النائب أمل أبو زيد، مدير المركز الثقافي الروسي والوكالة الروسية في لبنان إيرات أخميتنوف، إضافة إلى المديرة العامة للمهرجان ومؤسّسته ماريا إيفانوفا.
وفي دردشة مع «البناء» قبيل افتتاح المؤتمر، نوّه زاسيبكين بحرّية التعبير التي يملكها الفنانون في روسيا، ما يعطي دوافع للآخرين للتفكير بهذه اللغة السينمائية الجديدة المختلفة.
بدوره، أشار فرعون إلى ضرورة تطوير العلاقات اللبنانية ـ الروسية من السياسة إلى السياحة والثقافة، خصوصاً أن روسيا دولة محورية ومن الضروري تطوير علاقة لبنان بها. وفي هذا السياق، ومن أجل تشجيع السياحة بين البلدين، دُعي 16 صحافياً روسياً لزيارة لبنان، والزيارة ستتخذ طابعاً سياحياً ثقافياً.
الكلمات التي ألقيت في المؤتمر أجمعت على ضرورة تطوير العلاقات الثقافية اللبنانية ـ الروسية بما يخدم البلدين. فنوّه زاسيبكين بوعي الشعب اللبناني معرفياً وثقافياً وفنياً، مؤكداً على ضرورة العمل على توسيع آفاق التواصل بين البلدين عبر السينما على سبيل المثال، هذا الفنّ الآسر والمتوفر أمام الجميع.
ودعا زاسيبكين إلى تبادل الزيارت السياحية بين لبنان وروسيا، كون الفنّ والسياحة مرتبطين ارتباطاً وثيقاً ببعضهما. وشدّد على ضرورة تطوير العلاقات بين لبنان وروسيا في المجالات كافة ومنها الفنون والثقافة.
وأكد أن هذا الحدث فرصة مهمة للتبادل الثقافي بين روسيا ولبنان، ولتعريف المشاهد اللبناني إلى المسار الذي سلكته السينما الروسية في السنوات الخمس الأخيرة لتصل إلى التطوّر التي هي عليه اليوم.
كلمة عريجي ألقاها براكس، مرحّباً بكلّ النشاطات الفنية والثقافية التي تختار لبنان منصّة لها، تحقيقاً للمشاركة والتفاعل الحضاري، خصوصاً المبادرات الآتية من روسيا الاتحادية، ذات الإرث الثقافي العريق.
وعدد براكس أسماء كبار رجال الفنّ والأدب الروس قائلاً: ما من مجال في الثقافة والفنّ والأدب، إلا وكان لأعلام وشخصيات روسية دور مؤسّس ومميز فيه. وتناوب على الكلام في المؤتمر كل من النائب اللبناني أمل أبو زيد، ومدير المركز الثقافي الروسي إيرات أخمنيتوف، مؤكّدين على أهمية هذا المهرجان السينمائي الروسي الأول في لبنان.
وذكرت المديرة العامّة للمهرجان ماريا إيفانوفا قائلة: «منذ نصف سنة بالتحديد، وصلت إلى لبنان للمرّة الأولى عن طريق سورية، حيث كنت أحضّر وثائقياً عن اللاجئين. وأوّل ما رأيته في لبنان كانت صخور كبيرة في البحر، صخور هائلة، صلبة ورائعة الجمال. لبنان بلد فاتن لذا وقعت في حبّه من النّظرة الأولى… وخلال تواجدي في لبنان، كان اللبنانيون يقولون دائماً أنه من الضّروري إقامة مشروع روسي هنا. فأصبح المهرجان السينمائي الروسي هذا المشروع، خصوصاً أن الدولة الروسية أعلنت أن عام 2016 هو عام السينما.
وأضافت قائلة: سنُحضر إلى لبنان أجمل ما يمكن أن تقدّمه السينما الروسية المعاصرة. وتتّسم الأفلام التي سنعرضها بأنها اختيرت من قبل مهرجان كان السينمائي ومهرجان تورونتو الدولي للأفلام، وحازت على جوائز مهمة في العرض الأساسي للأفلام الوطنية الروسية «Kinotavr».
وقالت أيضاً: يعتبر فريق المهرجان فريقاً متواضعاً غير أنه يتألّف من أشخاص يافعين وموهوبين ومحترفين، يرغبون بحقّ العمل على هذا المشروع. أما يدي اليمنى فهي كايت بيروغوفا المنتجة المنفّذة للمهرجان والتي تتمتع بخبرة ملفتة في إدارة المناسبات.
وصرّحت قائلة: أنا أدين بالشكر والعرفان لوزارة الخارجية الروسية لرعايتها هذا المهرجان والأهم ثقتها بنا. أشكر أيضاً السفير الروسي في لبنان آلكسندر زاسيبكين. وقد قدّم أيضاً السفير اللبناني في روسيا شوقي بو نصار الكثير للمهرجان. وساعدنا النائب في البرلمان اللبناني الدكتور أمل أبو زيد كثيراً لنتمكن من إقامة المهرجان. وأشكر أيضاً وزيرَي الثقافة والسياحة اللبنانيَين اللذين كانا من الرعاة. أما الشكر الأكبر، فيعود بالطبع إلى شريكنا في التنظيم، مدير المركز الثقافي الروسي والوكالة الروسية «Rossotrudnichestvo» في لبنان إيرات أخميتوف وفريق عمله.
وشدّدت إيفانوفا قائلة: تعتبر النسخة الأولى من المهرجان السنمائي الروسي في لبنان المشروع الأول من سلسلة من المبادرات الشرق أوسطية التي نخطّط لتنطيمها. وسنستمرّ في إقامة مناسبات رائعة. لقد حان الوقت للانتقال من الكلام إلى الفعل، ونحن جاهزون لمواكبة العصر.
وأُعلِن في هذا المؤتمر عن عرض 12 فيلماً روسياً في صالات سينما «cinemacity» و«Empire metropolis» من 24 تشرين الأول الجاري إلى 28 منه. وتضمّ العروض نخبة من الأفلام المميزة والمرشّحة لجوائز أوسكار لعام 2016، وتضمّ العروض أفلامَ الصور المتحرّكة القصيرة والحائزة على جوائز ومنها «Listening to Beethoven» عُرِض في مهرجان كان السّينمائي وفيلم «We Can>t Live without Cosmos» المرشح لجوائز أوسكار لعام 2016 وفيلم «The Last One» المختار ضمن المجموعة الرسمية للأفلام المعروضة في مهرجان كان السّينمائي لعام 2014 وكذلك الأفلام التي لاقت رواجاً كبيراً على شبّاك التّذاكر ومنها فيلم «The Duelist» عُرض للمرّة الأولى عام 2016 في مهرجان تورونتو الدولي للأفلام ، وفيلم «The Crew» الفيلم الروسي الأول الذي وزّع في لبنان في حزيران 2016 . وسيُفتتح المهرجان بفيلم «Ice-Breaker»، الذي أطلق مؤخراً في روسيا، وهو مخوّل أن يحقق نجاحاً كبيراً. والفيلم من إخراج نيكولاي خوميريكي الذي نال جائزةً في مهرجان كان السينمائي.
تجدر الإشارة إلى أن الدخول إلى العروض مجاني والأفلام تضمّ ترجمة عربية وإنكليزية. وسيشهد المهرجان فعاليات فريدة من نوعها متعلّقة بعالم الأفلام يومياً في موقع المهرجان، بما في ذلك جلسة أسئلة وأجوبة وصفوف للمحترفين تضمّ ضيوف شرف من روسيا، سيقدّمون فرصة للحوار والتّفكير. إضافة إلى ذلك، ستحظى الموسيقى أيضاً بأهمية كبيرة في خلال الحفل الختامي للمهرجان، فسيتّسم المهرجان بمرافقة موسيقية حية لآليكسي آيغوي، أحد أشهر المؤلفين الموسيقيين الروس، وفرقته الموسيقية. وسيجعل مزيج موسيقى الروك والجاز والإلكترونيك والموسيقى الكلاسيكية من آدائهم لحظة لا تُنتسى.