بين تخريجة الحريري وأزعور السنيورة… هل يقارب «الانتخاب» الطلق؟
هتاف دهّام
نضجت المبادرة الحريرية. لم تَعُد محفوفة بخطر العزوف عنها، لكنها تحتاج إلى «تخريجة». يجري العمل راهناً على هندسة التبني عبر مقابلة تلفزيونية، قيل إنّ الرئيس سعد الحريري أرجأها بعدما كان سيُطلّ مع الإعلامي مارسيل غانم في «كلام الناس»، قبل أن ينتقل غانم إلى الولايات المتحدة لمتابعة الانتخابات الرئاسية الأميركية.
أخذ الحريري قرار المضيّ بمبادرته تجاه دعم ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح الجنرال ميشال عون. خطواته وفق مقرّبين منه جدية. وليس في وارد الرجوع عنها، لما لها من ارتدادات سلبية عليه. يُدرك «الشيخ» أنّ المقاومة لا تضع خطاً أحمر على وصوله إلى السراي، بغضّ النظر عن اعتبارات حارة حريك والتي أبرزها أن الظروف في المنطقة تغيّرت، والإدارة السعودية تتخبّط والحريري سيصل ضعيفاً.
في المقلب السوري «لا فيتو أسدي» على رئاسة الحكومة الحريرية. أسند الرئيس السوري بشار الأسد الملف الرئاسي إلى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، لكن الأكيد أنّ حزب الله يتحفّظ على المضيّ بالتسوية من دون فريق 8 آذار مجتمعاً مع تمسكه وحليفيْه الإقليمييْن في الوقت نفسه، بدعم وصول حليف المقاومة الاستراتيجي العماد عون إلى قصر بعبدا.
حوصر الحريري في الزاوية. هل يكون المخرج دعم انتخاب الجنرال والنزول إلى البرلمان والتصويت له؟ أو وفق صيغة تقوم على ضرورة أن يتفاهم رئيس تكتل التغيير والإصلاح مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ليعلن على ضوء التفاهمات رئيس التيار الأزرق تبني الترشيح رسمياً؟
يدفع التيار الوطني الحر برئيس التيار الأزرق إلى الإسراع في الإعلان الرسمي. طالما أنّ الضوء الأصفر السعودي أعطي له «خذ قرارك وتحمّل مسؤوليته». الموقف السعودي neutre. التغريدة السعودية وفق «المستقبليين» ليست موجّهة ضدّ الجنرال. التغريدة ستكون بمثابة جائزة ترضية للرئيس فؤاد السنيورة «المطعوج»، بالتعيين المنوي إقراره لابن شقيقة الوزير جان عبيد الوزير السابق جهاد أزعور حاكماً لمصرف لبنان خلفاً لرياض سلامة الذي تنتهي ولايته في أيار المقبل.
يتفاءل المعنيون بقرب إنجاز الاستحقاق الرئاسي. توحي المعطيات أننا أمام جهد يبذل لتذليل العقبات وترتيب الأمور الداخلية من الآن حتى مطلع تشرين الثاني لإيجاد صيغة معينة والوصول الى حلول وتطمينات معينة تطلبها الأطراف. وإذا لم يحصل الانتخاب أقله الشهر المقبل، فسيكون الاتجاه تصعيدياً. شكلت الحشود البرتقالية أمس، والتدفق الشعبي بغضّ النظر عن كلمة العماد عون التهدوية رسالة عن قدرة التيار الوطني الحر على التصعيد، إذا أُفشلت التسوية من الداخل أو الخارج.
تؤكد مصادر معنية بحزب الله أنّه إذا أخذ القرار الأزرق بدعم ترشيح الجنرال، فيصبح التفاهم العوني الأملي أسهل، وتذوب العقبات. لا مصلحة لحزب الله بالذهاب إلى انتخاب رئيس من دون التفاهم مع رئيس المجلس، وإنْ كان شرط الحزب الأساس هو نزول عون للجلسة ليحضر.
تعوّل مصادر مطلعة على تدوير «الأستاذ» الزوايا في لحظة كهذه، ونجاح تفاهمه مع الجنرال. لا يسير البلد من دون تسويات، وإنْ كانت كلّ الملفات كقانون الانتخاب فلن تُحسم قبل إنهاء الفراغ. يريد بري تطمينات معينة وسيحصل على ما يريده. وكما أعطى العماد ضمانات لرئيس المستقبل بالتنسيق مع حزب الله سيقدّم مثيلاً لها لرئيس المجلس.
وفق الأجواء العونية، فإنّ الرئيس الفخري للتيار الوطني الحر سيندفع بعد الخطوة الحريرية إلى مبادرات ومدّ اليد لبعض الأطراف التي «أُخذ ع خاطرها». سيذهب إلى خطوات فعلية على صعيد العلاقة مع عين التينة وبنشعي. وبحسب ما ينقل عن المطلعين على خط حارة حريك الرابية، فإنّ لقاء رباعياً غير مستبعَد بين «السيد» و«العماد» و«الأستاذ» و«البيك». الاجتماع سيكون تتويجاً لاتصالات الرابية الثنائية مع بري وفرنجية كلّ على حدة. يرى البعض أنّ الأمور ليست مأزومة لتستدعي لقاء كهذا. حزب الله عمل وبحسب المعلومات المؤكدة على تذليل العقبات الداخلية مع حلفائه، وما حصل في مجلس الوزراء في الجلستين الأخيرتين مؤشر إيجابي، هو أنّ « الوطني الحر» يحاول تقديم خطاب إيجابي، فضلاً عن أنّ المقابلة التلفزيونية الأخيرة للجنرال تركت انطباعاً بنّاءً عند الأطراف كلها.
لكن كيف يفكر حزب الله للمرحلة المقبلة؟ هل فعلاً لا يريد انتخاب رئيس قد يعيق خططه واستراتيجياته؟
إنّ أيّ قرار يتعلق بدور حزب الله في سورية أصبح مرتبطاً بالمشهد في المنطقة. لم يعُد قراراً داخلياً. مآل الأوضاع في سورية سيفرض على حزب الله إعادة النظر في انتشاره، لكن الجنرال لن يُقدم على أيّ قرار لا يتناسب مع مصالح المقاومة الاستراتيجية ولن يقبل به.
ماذا عن قانون الانتخاب؟
لا يريد حزب الله تغيير النظام السياسي كما طرح سابقاً مؤتمر تأسيسي أو عقد جديد . لبنان في مرحلة انتقالية. ليس هناك اتجاه للتغيير الكلي بانتظار حسم المشهد في الإقليم. يرغب «الحزب» بالمحافظة على الوضع اللبناني وتفعيل هذا النظام. دوره الإقليمي قائم ما دام الوضع في المنطقة متفجراً. لذلكسيبقى همه حماية الاستقرار الداخلي حتى انجلاء الصورة.
لا رؤية أو تصوّراً لما يريده حزب الله في المرحلة المقبلة. لديه هدف مرحلي يتمثل بإصلاح قانون الانتخاب، لكن الظروف الواقعية تفرض عليه التخفيف من الطموحات. صحيح أنّ النظام بات غير قابل للحياة، لكنه في الوقت نفسه قويّ إلى درجة أنّ تغييره صعب. هناك من يغمز من قناة التمديد التقني للبرلمان لمدة ستة أشهر أنه احتمال غير مستبعَد.
وعليه، يبدأ العمل بجدية بعد الانتخابات الرئاسية لإقرار قانون انتخاب جديد، وإنْ كانت القوى السياسية لا تمانع بأكثريتها إجراء انتخابات على «الستين». إذ من المؤكد وفق قطب سياسي، أنّ الجنرال لن يقارب لغم قانون الانتخاب في بداية عهده، لأنه سينفجر في وجهه.
هل يقارب جنين «الانتخاب» استحقاق الطلق بعد الرئاسة؟