الأسد: النصر آتٍ وسنلتقي في حلب قريباً
د. خيام الزعبي
قرابة ست سنوات من العدوان العالمي الذي تقوده أميركا وينفّذه عملاؤها من العرب وتؤيده «إسرائيل» علناً وترسل خبراءها ومستشاريها الى حلب، ظناً منهم جميعاً أنهم سيكسرون إرادة الشعب السوري، فموازين الحرب في سورية بدأت تشهد انقلاباً كبيراً متدرّجاً، فهناك عمليّات عسكريّة يشرف عليها الرئيس بشار الأسد، إلى جانب عدد من القيادات الأمنية والعسكريّة السورية، وهناك بداية شعور بالأمن وبعودة الدولة بكلّ هيبتها، على الرغم من المحاولات المستمرة التي يبذلها الإرهابيون بفصائلهم كافة من أجل العودة بالوضع إلى الخلف لتدمير البلاد وتفتيتها.
قال الرئيس الأسد في المقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية إنه «لا خيار إلا مواصلة تنظيف المنطقة، ودفع المسلحين للعودة إلى تركيا، كما أنّ الانتصار في معركة حلب، سيمهّد الطريق لاستعادة السيطرة على بقية مناطق البلاد».
في هذا السياق فإنّ انتصارات الجيش السوري، الذي أصبح على مقربة من تحرير مدينة حلب بالكامل، زادت من هستيريا أميركا وحلفائها، فانتقلوا من القلق والاتهام، إلى التهديد، بعد أن أدركوا أنهم اليوم أقرب إلى إعلان الهزيمة من أيّ وقت سبق، فالغطاء الجوي الروسي والخبرات العسكرية الإيرانية، صبّت في صالح الجيش السوري الذي أثبت عبر سنوات طويلة بأنه عصيّ على الانهيار، وأنه بدون توقف يرفع راية النصر في كلّ الجبهات التي يحارب عليها، إذ حقق تقدّماً جديداً في مدينة حلب بتحريره المدرسة الزراعية وكتلة الروافع والهنكارات والمعامل والمناشر عند الأطراف الشمالية للمدينة، كما أحكم السيطرة على منطقة المقلع وكسارات العويجة وقوس العويجة بعمق كيلومتر واحد وبعرض كيلومتر واحد أيضاً، بعد القضاء على آخر تجمّعات الإرهابيّين فيها وتدمير تحصيناتهم، ويعتبر هذا التقدّم هو الأهمّ لأنه يهدف إلى فتح طريق جديد إلى مطار حلب في شرق المدينة، كما حققت القوات السورية تقدّماً في الأطراف الشمالية للأحياء الشرقية وأحياء عدة في الجهة الشمالية والشمالية الشرقية التي أصبحت تحت مرمى نيرانها.
يوماً بعد يوم تثبت الجماعات المسلحة بأفعالها وجرائمها شدّة كرهها لسورية وشعبها، وعمالتها لمصلحة أنظمة ودول تريد أن تدفع سورية للوراء وتمنعها عن طريق التنمية والتقدّم، لكن الجيش السوري لهم بالمرصاد، فقد تصوّروا أنّ سورية أرض براح يستطيعون أن يرتكبوا فيها جرائمهم الشنيعة التي رُسمت لهم. ولكن هيهات، فالجيش السوري الذي صمد وحرّر المدن من الإرهاب، لن تستعصي عليه هذه المجموعات التي لا تعلم أنها ألقت بنفسها في أتون النار، نار المقاتل السوري التي لا تنطفئ إلا باستعادة حق شهدائه من كلّ المجموعات التي أرادت سوءاً بسورية.
لذلك نحن أمام مرحلة حاسمة من التصدي للمتطرفين وأعوانهم تستدعي من كلّ أبناء سورية بأطيافهم كافة بذل المزيد من الجهود وعلى المستويات كلّها للتصدي لهم وإفشال مخططاتهم ومآربهم الخبيثة، وإنّ العدوان التحالفي الأميركي الغربي المباشر على سورية يدفع بآخر أوراقه التي ستفشل كسابقاتها اعتماداً على الجيش السوري ووعي أبناء الشعب، وستثبت الأيام أنّ العدوان العالمي على سورية لم يكن غير حماقة لن تجني منها إدارة أوباما أيّ مكسب، كما لن يحقق منه التحالف التركي وأعوانه سوى الهزيمة والفشل.
مجملاً، إنه بعد الانتصار… أمام سورية وأبطالها مهام كبيرة أكبر من معركة الدفاع والتحرير، مهمة إعادة الحياة الى المدن والمناطق السورية كافة، إعادة سورية كما كانت، مهمة إعادة الإعمار والبناء، وبالتالي سمح صمود سورية بأن تكون هناك بداية لمشروع كبير يمكن أن يفضي إلى استعادة التوازن في المنطقة، لذلك من المؤكد أنّ العام المقبل سيكون حاسماً لجهة معرفة: هل كان الرهان على سورية وجيشها في مكانه؟ الميل إلى الآن، أنّه كان في محلّه فعلاً.
باختصار شديد، يمكن القول إنّ التبدّلات الاستراتيجية في سورية ليست إلا ثمرة من ثمرات الجيش السوري الذي استعاد زمام المبادرة من تلك الجهة الملتهبة من المحافظة الشمالية، وهذا أمر ينبئ بقرب عملية الحسم النهائي في مدينة حلب، التي من خلالها، سترسم استراتيجية جديدة في محاربة الجماعات المسلحة وأخواتها كلّها، وبناءً على ذلك فإنّ جميع الاحتمالات والسيناريوات واردة، ومن المتوقع حدوث مفاجآت كبيرة، ربما يكون أبرزها وأهمّها، زيارة الرئيس الأسد قريباً إلى مدينة حلب، بعد تحريرها بالكامل من المتطرفين وأعوانهم، على أيدي أبطال الجيش السوري وبمساندة حلفائه من الروس والإيرانيين وحزب الله، لتكشف المجموعات المتطرفة والدول التي تدعمها حجم الهزائم والخسائر التي أصابتهم، وليكتشفوا أنهم على وهم، وما يتحدثون عنه من إنجازات، هي في الحقيقية، أحاديث الوهم والسراب.
khaym1979 yahoo.com