صباحات
صباحات
مع الانهيارات في أوضاع الغيتوات التي سيطرت عليها الجماعات المسلّحة حول دمشق لسنوات، نعرف معنى أن الحرب لعبة دومينو. لا يُقاس النصر والهزيمة فيها بالعديد والعتاد بل بالمعنويات. وأن المعنويات مناخ نفسيّ مستمدّ من انطباعات تتجمّع من كلّ ما يدور حول الفريقين من أحداث تتصل بحربهم، فيصحّ القول اليوم: «فرطوا»!
للمرّة الأولى يعلن منصور هادي أنّ وقف النار سيشمل وقف غارات السعودية ومَن معها، ويعلن الملك السعودي أنه تلبية لطلب «الشرعية اليمنية» سيوقف الغارات. وأمس قال السعوديون إن غارتهم التي تسبّبت بمجزرة صنعاء سببها جماعة منصور هادي. في الأولى يجب أن نصدّق أن منصور هادي كتلة ذكاء وقوة عملاقة، وأن السعوديين يعملون لحسابه. وفي الثانية قد نفهم أنه كتلة غباء ومجرّد عميل مأجور. هل نحتاج لأن نفكر كي نحسم أيهما الأدقّ؟ عندما نسمع السعوديين يقولون إن وقف الغارات سيستمرّ طالما توقفت الهجمات التي يشنّها اليمنيون عبر الحدود عليهم سنجد الجواب.
الاشتباك السياسيّ الذي ينجح بصنعه سعد الحريري كلما زاد ضعفاً داخل محور حلفاء المقاومة وأهل خيارها وأصدقاء سورية وشركاء نصرها، وهم ينتصرون، يعني إما تفوّق الحريري بالحنكة والذكاء أو تسابق الحلفاء على اقتسام مغانم النصر خارج منظومة القيم التي يمثّلونها… وكلاهما معيب.
عندما يعجز الأميركيون عن تطبيق التفاهم الذي أنجزوه مع روسيا بسبب بند فصل «المعارضة المسلّحة المعتدلة» كما يسمّونها عن «جبهة النصرة» الإرهابية كما يصفونها، فلذلك أحد تفسيرين: إما أن الفصل مستحيل، أو أن العيب في قدرتهم ونقص صلاتهم وعلاقاتهم بأحد الطرفين. وعندما يقولون إنّ هذا ممكن عبر العودة إلى اجتماعات الخبراء في جنيف بشرط انضمام الأتراك والقطريين والسعوديين، فذلك علامة على أنّ هؤلاء هم الأقدر. فإما هم أكثر اعتدالاً أو أكثر إرهاباً. أميركا أقلّ اعتدالاً من السعودية صفة مناسبة، والسعودية أكثر إرهاباً من أميركا صفة مناسبة!
ماذا يشعر مسلّحو حلب الشرقية عندما يقول رجب أردوغان: «أعطيناهم الأوامر المناسبة وماذا يخبروننا عن ثورتهم وعن سوريتهم. وماذا يريد السيد دي ميستورا أن يبلغنا عن حماسته المفرطة للدافع عن حقوق الإنسان؟».
يقول الرئيس سعد الحريري إنه أنفق الثورة ليحفظ الثورة، وهي ثورة لحماية لبنان من عواصف المنطقة. فهل يمكن أن يشرح لنا كيف ساهم ما أنفقه في إشعال الحرب في سورية بالعقود التي نظّمها مع شركات الإعلام والإعلان لصناعة الحملات والفتن وعقود السلاح التي تولّاها عقاب صقر، وفقاً لتقارير الصحافة الغربية؟ وهل الحماية الحقيقية للبنانيين كانت لتكون لولا تضحيات المقاومة في سورية في استباق زحف «النصرة» و«داعش» من بوابة عرسال التي لا تزال تعاني نتائج تسليمها من الحريري وفريقه لـ«النصرة» و«داعش»؟
الطريق الذي سلكه الحريري نحو النائب سليمان فرنجية أو العماد ميشال عون هل هو فعلاً من موقع الحرص على ملء الفراغ وقد مرّت سنتان ونصف السنة عليه، وكان ممكناً ملء الفراغ منذ سنيتن ونصف السنة لو سار الحريري بالعماد عون؟ فهل يمكن أن يبيع اللبنانيين حكاية الحرص على ملء الفراغ؟ أم الشعور بالطريق المسدود؟