بعد التوصل لاتفاق على دفع مستحقاتهم وإنهاء الإضراب عمال «سوكلين» و«سوكومي»: ما هو مصيرنا؟
إنعام خرّوبي
بعد إضراب استمرّ يومين، أنهى عمال شركتي «سوكلين» و«سوكومي» إضرابهم وعادت آليات الشركتين إلى الشوارع ليل السبت لرفع النفايات المتكدّسة، بعد اتفاق قضى بدفع الشركة تعويضات للعمال شهراً عن كلّ سنة عمل وشهرين بدل صرف تعسّفي، من دون أن يوضح الاتفاق مصير ألف عامل لبناني وألفي عامل أجنبي، وخصوصاً أنّ الحكومة اللبنانية لم تلحظ في دفاتر شروط المناقصات الجديدة أن تلزم الشركات الفائزة بالتعاقد مع العمال الحاليين.
نشطت الاتصالات النقابية والسياسية على أكثر من صعيد للتوصل إلى حلّ لهذه المعضلة الاجتماعية الإنسانية التي يصحّ القول فيها إنّها حصيلة ما جنت أيدي الحكومات المتعاقبة منذ تلزيم ملف النفايات للشركتين على مدى عقدين من الزمن، وقد كان المكتب العمالي المركزي في حركة أمل «عرّاب» التوصل إليه، فتولى مهمة التواصل مع العمال المُضربين ووزارة العمل ومع الشركتين، على أن تُستكمل المفاوضات اليوم بشأن بعض البنود المتعلقة بانتقال نسبة معينة من العمال إلى الشركة الجديدة واستمرار التقديمات الصحية ومصير العمال الباقين.
«هناك قطبة مخفية»، يقول رئيس نقابة سائقي سيارات نقل النفايات في لبنان طه نصّار لـ«البناء»، مذكراً بأنه كان يعمل في شركة «سوكلين» وتمّ صرفه بعد تأسيس النقابة. ويضيف: «صحيح أنّ الاتفاق يقضي بإعطاء العمال مستحقاتهم لكنّ هناك أموراً لا تزال غير واضحة، نحن نطالب باستمرارية العمل. هناك نسبة معينة قد تستمرّ في العمل مع المتعهّد الجديد، لكن ماذا عن بقية العمال؟ هناك عمال خدموا هذه الشركة عشرين عاماً ولم تعد أمامهم فرصة للحصول على عمل وهناك عُمّال مُصابون إصابات عمل خطرة ومنهم من أُعطبوا أثناء الخدمة، فما هو مصيرهم»؟
ويتابع نصار: «نحن نحترم القانون ولكن لماذا لا يراعى الجانب الإنساني في هذه القضية؟ يجب تأمين استمرارية العمل للجميع كحق لهم وليس منة من أحد، وصرف معاشات تقاعدية تؤمّن شيخوخة لائقة لمن قاربوا سنّ التقاعد أسوة بعمال البلديات وموظفي الدولة، بالإضافة إلى تأمين الرعاية الصحية للمرضى».
ويرى نصار أنّ هناك التفافاً قد حصل في أسلوب التفاوض حيث تمّ استبعاد النقابة نهائياً، كما «مورست ضغوط على بعض العمال وتمّ شراء ذمم البعض الآخر. نحن لا نحمّل العمال مسؤولية ما جرى فقد عانوا كثيراً ويريدون حلاً لقضيتهم». ويتابع: «دخلت السياسية على خط الأزمة مع أننا كنا ندرس خطوات تصعيدية ونبحث أفكاراً للحصول على حلّ عادل».
وفي المقابل، يشرح رئيس لجنة ممثلي موظفي وعمال «سوكلين» طلال حمدان لـ«البناء» مسار التفاوض، ويقول: «اتفقنا على أن تبدأ عملية إزالة النفايات وأرسلنا عدداً من الآليات منذ ليل الجمعة كمبادرة حسن نية، وبالتزامن مع التفاوض بدأ العمال ليل السبت إزالة أكوام النفايات وقد لعب وزير العمل سجعان قزي دوراً كبيراً في التوصل إلى هذا الحلّ كذلك المكتب العمالي في حركة أمل».
ويلفت حمدان إلى أنّ هناك نسبة معينة من العمال ستنضمّ إلى الشركة الجديدة وهم العدد الأقلّ أيّ الذين يعملون منذ ثلاث أو أربع سنوات «وسنبحث مع وزير العمل إمكان انتقال هؤلاء بعقد جماعي وتأمين استمرارية العمل لهم».
ويضيف: «اللجنة لا تزال تتابع المفاوضات بخصوص بعض البنود، لا سيما ما يتعلق بإمكانية تمديد مدة بطاقة التأمين بعد توقف فترة الضمان وإمكانية إعطاء من سينتقلون إلى العمل مع المتعهّد الجديد شهرين بدل صرف تعسّفي وأمور أخرى، خصوصاً أنّ العقد الموقع مع مجلس الإنماء والإعمار لم يلحظ بنداً يتعلق بانتقال العمال إلى المتعهّد الجديد. نحن نريد تأمين حماية للعمال كي لا نقع في مشكلة».
أما المكتب الإعلامي لشركتي «سوكلين» و«سوكومي»، فيوضح في اتصال مع «البناء» أنّ الشركتين «تتفهّمان خوف العاملين على مصيرهم وتطمئنانهم بأنّ تعويضاتهم ستُدفع لهم، كما تقدّران تفهّمهم مبدأ استمرارية عمل المرفق العام، ونحن مستمرّون في عملنا بالتعاون مع السلطات المختصة، ونسعى إلى تأمين استمرار عملهم مع المتعهّدين الجُدد بالتنسيق مع وزارة العمل ومجلس الإنماء والإعمار».
مع قرب انتهاء عقد «سوكومي» في 13 كانون الأول نهاية العام، ومع «سوكلين» في الثامن من آذار 2017، ينظر 3000 عامل، منهم ألف لبناني، بقلق إلى مصير يكتنفه الغموض بعد تسوية أوضاعهم ودفع مستحقات صرفهم، في حين أنّ ديمومة عملهم مهدّدة إذا لم يتمّ الاتفاق على انتقالهم للعمل مع المتعهّدين الجُدد.