رئيس الموساد الصهيوني السابق: الأحسن أن تفكر «إسرائيل» بخيارات أخرى إلّا الحرب
تساءل رئيس الموساد الصهيوني السابق افرايم هليفي عبر مقال له نُشر في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أمس: «هل انتصرت إسرائيل في عملية الجرف الصامد؟ وهل هُزمت حماس؟». قائلاً: «إنّ تاريخ الصراع بين إسرائيل وأعدائها يدلّ على أنّ جوابَيْ هذين السؤالين لا يتعلّقان ببعضهما. وإنه من المحتمل أن يكون الطرفان انتصرا أو خسرا. وقد نعرف الجواب فقط حينما تنتهي محادثات القاهرة».
وأضاف هليفي: «في الأيام الخمسين من القتال بين إسرائيل وحماس، عرف الطرفان ارتفاعات وانخفاضات. وقد أراد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الاسبوعين الأولين أن يوقف المواجهة العنيفة على أساس مبدأ الهدوء مقابل الهدوء، لكن توجهاته لم تُستجب. واستقر رأي المجلس الوزاري الامني المصغر مع ازدياد إطلاق الصواريخ، ومحاولة حماس استخدام أنفاق القتال على الارتفاع درجة، والعمل البرّي في داخل قطاع غزّة، وهو إجراء كانت إسرائيل تفضل الامتناع عنه. وبعد أن انتهى القتال، اضطرت حماس إلى التخلي عن أكثر المطالب التي اشترطتها لوقف إطلاق النار ومنها إقامة ميناء ومطار. وصدق رئيس الوزراء حين قال إن حماس لم تُحرز أيٍّ من مطالبها، لكن ذلك ليس المعيار الوحيد الذي يُحدد بحسبه من انتصر».
ولفت هليفي إلى أنّه في حرب يوم الغفران التي استمرت أقل من نصف مدة الجرف الصامد، انتهى أسبوع القتال الأوّل حينما نجح جيشا مصر وسورية في التقدّم إلى سيناء وهضبة الجولان وأوقعا من الجيش الإسرائيلي مئات الخسائر من الأرواح وأسقطا ثلث قوة سلاح الجوّ ـ 80 طائرة ـ ودمّرا نحو 800 دبابة. وفي نهاية الحرب كان الجيش الإسرائيلي على الضفة الاخرى من قناة السويس على شريان النقل الرئيس عند مدخل القاهرة، وكانت دمشق مستهدفة من مدافعنا. إن انتهاء الحرب بنصر واضح لإسرائيل لا يمنع مصر من أن تحتفل كل سنة بنصرها في حرب أكتوبر. وقد كان نصر الجيش الإسرائيلي حادّاً ساحقاً لكن الحكومة التي قادت إلى هذا النصر اضطرت إلى الاستقالة تحت ضغط الرأي العام الذي أعطى نتيجة المعركة النهائية تفسيراً آخر».
وبحسب هليفي، في هذه المرة كما في حرب «يوم الغفران»، مُنح كلّ طرف إمكان أن يعرض الرواية التي يريدها. ولا مُخالف عن أن حماس ضُربت ضربة عسكرية شديدة جدّاً، فقد قتل ألف من مقاتليها وفيهم قادة كبار منها. لكن في نظر الغزّي الذي يقعد عند أسفل بيته المدمر، تشمل صور المعركة أيضاً ما يوصف بأنه فرار مواطني «إسرائيل» من بيوتهم على طول حدود القطاع، وتوقف جزء مهم من النقل الجوي الدولي في مطار «بن غوريون» مدة 36 ساعة عقب إصابة قذيفة صاروخية واحدة لـ«مدينة ييهود». وتخلت «إسرائيل» مسبقاً عن هدف القضاء على حماس باعتبارها جسماً مقاتلاً على رغم أن الحرب دارت في ظروف إقليمية ممتازة. وفي وقت كان فيه العالم غارقاً في صراعات أخرى، على حدّ تعبيره.
كما اعتبر هليفي أنّ قدرة الطرفين على أن يزعما بصدق ما النصر، مُهدت بعد حرب «يوم الغفران» طريق القيادتين «الإسرائيلية» والمصرية لتحريك مسيرة انتهت إلى اتفاق تسوية. ولا تشبه نتيجة معركة «الجرف الصامد» نتيجة حرب «يوم الغفران»، وفشل حماس أكبر من فشل مصر في 1973، أما قدرات «إسرائيل» في مواجهة حماس فأكبر من قدراتها في مواجهة مصر وسورية في تلك الحرب، بحسب هليفي.
وثمّة سؤال آخر لا يقلّ أهمية عن سؤال من انتصر: «لو أنّ رئيس الوزراء علم أنّ المعركة ستدوم خمسين يوماً، ولو علم ما ستكون نتائجها ـ السلبية والايجابية ـ فهل كان يقود مجريات الامور بصورة مختلفة حتى نشوب عملية الجرف الصامد؟، لا يوجد من يقدّم جواباً متفقاً عليه عن ذلك. لكن من المناسب أن نفكر في ذلك في الوقت الذي نحرّك فيه الامور نحو جولة أخرى ستحين في وقت ما في المستقبل مثل ردّ فعل شَرْطي».
ويختم هليفي قائلاً: «الأحسن بعد ثلاث جولات بلا حسم، أن نفكر في البحث عن خيارات أخرى سوى حصر العناية فقط في الحاجة إلى ضمان نتيجة أفضل في المرة المقبلة. وهذا هو الفرق بين العيش على السيف إلى الأبد وكأنه قضاء وقدر وبين اختياره طوعاً».