أنقرة… واستراتيجة «المدى المجدي»!
فاديا مطر
ما زال مشهد المنطقة تحت رحمة تطورات محاور الصراع العسكري، في أحزمة الشمال السوري والعراقي ومايترسب عليه من حضور سياسي لأقطاب الفاعلية، فزيارة وزير الدفاع الأميركي، أشتون كارتر، لبغداد في 22 تشرين الأول/ إكتوبر الحالي، التي وصفت بالمفاجئة، مازالت أصدائها تحل في مختلف التطورات، رغم أنها في محتواها تحمل رائحة «ترك ـ خليجية»، فهل هي زيارة تسووية؟ أم إنها خطة طريق جديدة من أجندة الناتو؟ وهي التي لم تكن في إطار توقيتها ذات مغزى تسووي سياسي، بل حملت في سريتها محاولة لتعديل مسار العلاقات العراقية مع أنقرة، التي رفضت بغداد أي مشاركة لها في عمليات تحرير الموصل، رغم ما يتضح من تراجع في لوجستيات تحالف واشنطن لبغداد وإستبداله بكيفية إنقاذ تنظيم «داعش» من شفا الحفرة المهلكة له. وهي في الوقت ذاته، تفتح الساحة مجدداُ للتمدد التركي، في المدى المجدي للمحيط الجيوسياسي للمنطقة، تحت غايات رسمت لها واشنطن خرائط تحضيرية تصل إلى شرق الفرات، في مشهد سيكون خاطفاً للأضواء في مجريات تقدم ما يسمّى «درع الفرات»، رغم إعتبار الدولة السورية هذا خرقا للسيادة، بعد أستهداف المدنيين بالطيران والمدفعية التركية في شمال حلب، فالهدنة التي أسقطها تنظيم «النصرة» في حلب الشرقية، لم تكن بالأهتمام التركي الكافي، لكن يمكن لها أن تكون ذريعة إضافية لحضور تركي أكثر كثافة، في البر السوري الشمالي ولو من دون تغطية جوية، لأنها تحمل محاذير ترقى إلى إحتمال إسقاط مقاتلات تركية، فأين مشهد المدى المجدي التركي في أحزمة الشمالي من سورية إلى العراق؟ وهل وصل إلى حدود دائرة الخطر؟
فبعد الرعاية السعودية والغربية لحضور تنظيم «داعش « إلى الرقة السورية، يتضح مشهد الراعي الرسمي للتنظيم الأرهابي في أنقرة. ويصبح التقدم في توسيع المدى المجدي، تحت غطاء التحالف وإكذوبة مكافحة الأرهاب ولو على حساب المكون الكردي، يتقدم للواجهة أكثر، فهو أمر أقرب مايكون للرضا الأميركي، رغم التخوف من إستدارة كردية تنسف ما راهنت عليه واشنطن، من بقائه خطا فعالا في الأستراتيجة العسكرية. وهو برمته، سيصطدم تلقائيا، بالحائط الروسي الحاكم. وسيجعل القلق التركي يبلغ مستويات تلامس مستويات القلق الصهيوني، من الحضور الروسي. فأنقرة، التي تسابق لإقتسام أحلام مشتركة مع واشنطن، بتوسيع «الأمدية المجدية» في سورية والعراق ولو على حساب فصائل تحمل سلاحاً أميركياً، فإنها ترسم محيطا جيوسياسيا جديدا، ربما يحرق أصابعها في لعبة تنسف كل «أمدية» من حاول سابقاً تقريب مداه المجدي، من خطوط النار الروسية. فلعبة تغيير المدارات، مازالت بعيدة المنال عن متناول من يلعب دور المفترس وهو في الوقت عينه، الفريسة. فهل هناك من يتقن، في أنقرة، القراءة ويحسن التصرف معاً؟