زيتوني: لن يستقيم أمر الدولة إلا بالعبور من الطائفة إلى الوطن
شيّع الحزب السوري القومي الاجتماعي وأهالي بلدة مجدلبعنا ومنطقة عاليه والجبل الرفيق المناضل خالد حسن عبد الخالق في مأتم حزبي وشعبي مهيب، شارك فيه رئيس المجلس الأعلى الوزير السابق محمود عبد الخالق، نائب رئيس الحزب د. وليد زيتوني وعدد من أعضاء هيئة منفذية الغرب وأعضاء المجلس القومي.
كما حضر ممثلون عن الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديمقراطي اللبناني والقوى الوطنية في منطقة عاليه، رؤساء بلديات ومخاتير المنطقة، وفاعليات اجتماعية وتربوية وأهلية، وجمع من رجال الدين، وحشد من القوميين والمواطنين.
بعد تأدية القوميين الاجتماعيين تحية الوداع للرفيق الراحل، ألقيت في المأتم كلمات قدّمها عماد يوسف عبد الخالق، فكانت لعماد زهر كلمة مؤثرة نثراً وشعراً، وألقى مروان فارس عبد الخالق كلمة العائلة.
كلمة مركز الحزب
وألقى نائب رئيس الحزب وليد زيتوني كلمة قال فيها: أربعون سنة يا رفيقي… أربعون سنة تفصل بين رصاصات الأصيل ولحظات الرحيل. كأنها الذاكرة تقفز عنوة لتعيد رسم المستحيل.
ذات معركة في كيفون… أصيبت بندقيتك ونجوت، بل ونجونا. ربما القدر أرادك وأرادنا أن نعيش الزمن الصعب!
أن نشهد محنة الأمة من جديد. أن نشهد حمّى الشرذمة والتفرقة والتقسيم. أن نشهد كيف شعبنا ينساق وراء الغايات الخاصة والمصالح الفردية، وراء الرؤى الخادعة والأحلام الباهتة. وراء المشاريع والإرادات الأجنبية والإقليمية. وراء الإملاءات الخارجية القادمة من الشرق والغرب. وأن يستقوي بعضهم بالأيدي المجرمة الوافدة من كلّ حدب وصوب…
تلك الليلة يا رفيقي، لم تأخذنا الرهبة… بل نشوة الخلاص بالصدفة التي قاربت الأعجوبة.
وفي بيتك المسكون بالقضية، المشحون بالنضال، تكلّمنا عن الانتصار، عن مجد الأمة، عن وقفة العزّ، عن المقاومة التي مارستها في مسيرتك، وفي ما بعد جسدتها في ألمك.
صحيح يا رفيقي… فرّقنا العيش، إنما جمعتنا الحياة على الحق والخير والبذل والعطاء. يا رفيقي ما زال حزبك طليعياً في الصراع من أجل استعادة السيادة الممزّقة، والحرّية المنقوصة، والاستقلال الموؤود منذ الولادة.
وقال: المشكلة الأساس في لبنان، لا ترتبط بوجود رئيس أو عدمه، وبوجود وزارة أو عدمها، وبوجود مجلس نيابي وشرعيته أو عدمها، إنما ببنية دولة لم ترق لمستوى أن تكون دولة، لعيب في تكوينها، وفي مواصفاتها ومعاييرها، في نظامها ومؤسساتها وآلية اشتغالها.
الدولة ذات السيادة المنقوصة، مستباحة في برّها وبحرها وجوّها، في ثروتها، في ناسها وتقاليدها، مترجرجة في سياستها، عابثة باقتصادها، مشوّهة في ثقافتها، فاقدة إرادتها.
لن يستقيم أمر الدولة بمعالجات موقّتة، وتقاسم لمغانم آيلة إلى الجفاف، بل بالذهاب إلى معالجة الأساس المنخور بعلل الطائفية والمناطقية والعشائرية.
لن يستقيم أمر الدولة إلا بالعبور من الطائفة إلى الوطن، ومن المزرعة إلى الدولة، ومن التفتت إلى الوحدة.
لن يستقيم أمر الدولة إلا بقانون للانتخابات على أساس النسبية، خارج القيد الطائفي، واعتبار الكيان دائرة انتخابية واحدة، منعاً لطغيان الأكثرية على الأقلية، ولتمثيل كافة الشرائح الاجتماعية من دون استثناء.
لن يستقيم أمر الدولة إلا بقانون للأحوال الشخصية يؤسّس لعدالة اجتماعية، ومساواة بين أبناء الدولة الواحدة على قاعدة مواطَنة كاملة، تحت سقف القانون المحدّد للواجبات والحقوق.
لن يستقيم أمر الدولة إلا بقانون عصري للأحزاب، يدفع باتجاه حياة سياسية أخلاقية، تقوم على السعي لتحقيق مثل عليا جديدة، تتناسب مع أهدافنا وأحلامنا وشخصيتنا التاريخية والحضارية.
هذه العناوين التي ناضلنا من أجلها، وما زلنا نناضل من أجل تحقيقها، نراها الطريق الوحيد، بل الأوحد لاستعادة ماهية الدولة بما فيها السيادة والحرّية والاستقلال.
وختم: في هذا الكيان، كما في كلّ الكيانات الأخرى، نحمل همّ الإنسان، وهمّ السيادة، وهمّ الوحدة والانصهار الاجتماعي، وندفع بالغالي والرخيص من أجل قضية تساوي وجودنا. مؤمنين وقائلين مع سعاده: إنّ الدماء التي تجري في عروقنا عينها ليست ملكاً لنا بل وديعة الأمة فينا متى طلبتها وجدتها.
يا رفيقي… أستودعك راحة النفس والبقاء للأمة.