سلام لأهالي العسكريين: مطالب الخاطفين ما زالت غير واضحة والمفاوضات جارية بمساعٍ قطرية
ما زال الغموض يلفّ عملية التفاوض في ملفّ العسكريين المخطوفين، وبدا ذلك واضحاً في كلام رئيس الحكومة تمام سلام خلال لقائه أهالي العسكريين أمس، حيث أشار إلى أنّ «مطالب الخاطفين ما زالت غير واضحة حتى الآن»، في وقت طالب الأهالي بإبعاد ملفّ أبنائهم عن التجاذبات السياسية.
وقد تجاوز البقاع أمس قطوع الفتنة، بعد أن تمّ الإفراج عن ابن بلدة سعدنايل الذي تمّ خطفه اول من أمس على يد مسلحين. وجاء في بيان لقيادة الجيش: «بنتيجة التحريات المكثفة وعمليات الدهم التي نفذتها قوى الجيش في منطقة البقاع الشمالي، تمّ إطلاق سراح المواطن أيمن صوان مساء اليوم أمس ، حيث تسلمته مديرية المخابرات التي استكملت التحقيق لكشف ملابسات عملية الخطف».
وكانت اشتباكات اندلعت في وقت سابق، بين الجيش ومطلوبين خلال مداهمات في جرود بريتال، في إطار عمليات البحث عن صوان، ما أدى إلى جرح جندي من الجيش.
وبالعودة إلى ملفّ العسكريين المخطوفين، أكد رئيس الحكومة تمام سلام أنّ «المساعي الهادفة إلى الإفراج عن العسكريين المخطوفين جارية من طريق وساطة قطرية»، مؤكداً أنّ «الحكومة تعطي الأولوية القصوى لهذه المأساة ولن توفر أي جهد من أجل الوصول بها إلى خاتمة سعيدة».
واستمع سلام وأعضاء خلية الأزمة الوزارية إلى وفد كبير من أهالي المخطوفين زاره أمس في السراي، وأجمع الأهالي على المطالبة بـ«إبعاد هذا الملف عن التجاذبات السياسية»، ودعوا «الحكومة إلى القيام بواجباتها في إعادة أبنائهم بأي ثمن».
وأشار سلام إلى أنّ «مطالب الخاطفين ما زالت غير واضحة حتى الآن، إنهم يتصرفون بدهاء ويلعبون على غرائزنا وخلافاتنا السياسية بهدف شقّ صفوفنا، لذلك فإنّ أفضل رد يكون بتفويت الفرصة عليهم وعدم الوقوع في لعبتهم هذه». ودعا إلى «الحذر من الإيقاع بين أهالي المخطوفين والحكومة، أو بين الحكومة والجيش، أو بين أهالي المخطوفين والجيش»، مؤكداً أنّ «الحكومة لديها ثقة كاملة بالجيش، وهي قدمت له الغطاء السياسي، من دون قيد ولا شرط، للقيام بما يراه مناسباً لتحرير أبنائنا المخطوفين».
وأضاف سلام: «منذ اللحظة الأولى لحدوث هذه المأساة وقفنا في مجلس الوزراء وقفة موحدة ووضعنا جانباً خلافاتنا السياسية، وباشرت على الفور الاتصال بالدول التي ساعدت في الماضي في الإفراج عن مخطوفين، وقد تكون قادرة على لعب دور في مساعدتنا». ولفت إلى أنّ «المساعي التي تقوم بها الحكومة تجري بعيداً من الأضواء بمسؤولية عالية وبجدية كبيرة، والمطلوب التحلي بالصبر والثقة بالحكومة وبعملها»، مؤكداً أنّ «الوضع صعب والنتيجة التي نأملها جميعاً لن تظهر بين ليلة وضحاها».
وخاطب سلام أهالي المفقودين قائلاً: «وجعكم هو وجع كل الوطن، ومأساة عائلاتكم هي مأساة لبنان بأسره، أبناؤكم أبطال وهم عنوان لوحدة لبنان، وعندما ننقذهم نكون قد أنقذنا لبنان». وأضاف: «يجب الاعتراف بأنّ الهجوم على عرسال كان مباغتاً، ولم تكن الحكومة والجيش يتوقعانه، فنحن لسنا أمام أعداء تقليديين بل أمام وحوش كاسرة لا قيم لها ولا دين، ولذلك فإنّ التعامل معها صعب ولا يمكن أن يكون تقليدياً».
وشدّد سلام على أنّ «الخاطفين يجب أن لا يحسبوا على أي جهة طائفية أو مذهبية، فقد تسببوا في سورية والعراق بقتل أعداد من المسلمين السنّة تفوق بخمسة أضعاف ما قتلوه من أبناء الطوائف الأخرى». وكرر: «الدعوة إلى أهالي المخطوفين للتماسك وعدم الانسياق وراء الانفعالات والقيام بممارسات لن تفيدنا في الإفراج عن عسكريينا، مثل قطع الطرقات وغيره».
وانتهى الاجتماع إلى تشكيل لجنة مصغرة من أهالي المخطوفين للبقاء على تواصل مع رئاسة الحكومة.
خلية الأزمة
بعد ذلك، ترأس سلام في السراي الحكومية، اجتماعاً لخلية الأزمة الوزارية المكلفة متابعة ملف العسكريين المخطوفين، حضره نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل، ووزير الخارجية جبران باسيل، ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، ووزير العدل اللواء أشرف ريفي. وتغيب وزير المال علي حسن خليل بداعي السفر.
وانضم إلى الاجتماع قائد الجيش العماد جان قهوجي، والمدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، ومدير المخابرات العميد إدمون فاضل ومدير العمليات العميد زياد حمصي ورئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد عماد عثمان.
وأعرب الرئيس سلام في بداية الاجتماع عن أسفه للأحداث التي شهدها بعض المناطق اللبنانية في اليومين الماضيين، معتبراً: «أنّ هذا المشهد الذي استحضر صفحات قاتمة من الحرب التي طوى اللبنانيون صفحتها، يظهر حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الجميع، حكومة وقوى سياسية وفاعليات اجتماعية وقادة رأي وكل الحريصين على السلم الأهلي، في ضبط المشاعر وتخفيف الاحتقان وتغليب منطق الحكمة».
واستمع المجتمعون إلى عرض من القادة الأمنيين للأوضاع الأمنية، خصوصاً في منطقة البقاع، والإجراءات التي اتخذت لضبط الأمن فيها. وجرى نقاش حول آخر المعطيات المتعلقة بملفّ المخطوفين. واتخذت القرارات المناسبة.
قطع طرق في سعدنايل
وكان أهالي سعدنايل قطعوا طريق شتورا زحلة، احتجاجا على خطف صوّان، حيث نصبوا خيماً وسط الطريق، مؤكدين أنّ اعتصامهم سلمي ومفتوح حتى تحرير ابن البلدة، فيما عملت عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي على تحويل السير إلى الطرق الفرعية التي بقيت سالكة. ونفى المعتصمون المعلومات التي تحدثت عن رفع رايات «داعش» وصور أميرها أبو بكر البغدادي في المدينة، مشيرين إلى أنّ «ولاءنا الوحيد هو للعلم اللبناني والجيش». وقالوا: «لسنا قطاع طرق والخطف ليس من شيمنا، لكنّ عزتنا تمنعنا من الجلوس متفرجين على خطف ابن بلدتنا».
وسبق قطع الطريق الذي كان فتح ليل أول من أمس، كبادرة حسن نية، مؤتمر صحافي عقده خالد صوان شقيق المخطوف أيمن، في بلدة سعدنايل، أعلن خلاله أننا «سنعتصم بشكل سلمي على الطريق حتى يتم الإفراج عن أيمن، ولن نقوم بأي نشاط عدائي ضدّ أي شخص»، مشيراً إلى أنّ «الجيش يعمل على الإفراج عنه». وأكد صوّان «لا أسباب مالية أو شخصية» لخطف شقيقه كما روج، لافتاً إلى أنّ المخطوف أيمن «لا يدين بالمال لأحد، وقد خطف أمام جميع الناس والموضوع تخطى العائلة». وأضاف: «لا معلومة إيجابية إلى الآن في شأن مصير أيمن رغم الاتصالات التي أجريت على أعلى المستويات».
وقال رئيس بلدية سعدنايل خليل الشحيمي، من جهته، أنّ «كل ما ذكر في شأن اختطاف أيمن صوان محض كلام افتراء، ونحن أهل سعدنايل لم نتعود الخطف أبداً وما حصل غير مقبول».
ووجه نداء إلى السياسيين والأمنيين لـ«أن يعوا ملياً خطورة ما يحصل ويعمدوا إلى البحث الجدي عن مكان أيمن والإفراج عنه». وقال: «إذا انفلت الوضع لا يمكن لأحد ضبطه خصوصاً أنّ الجميع يعلم خطورة ما يجري حولنا في المنطقة». ورداً على سؤال عما حصل أول من أمس، من توقيف لباصات من مناطق معينة، قال: «ما حصل كان رد فعل على الفعل، ولا أحد في سعدنايل يخطف وهذا ليس من عاداتنا وشيمنا».
وتحدث إمام مسجد البلدة الشيخ عيسى خير الدين، فقال: «نريد التصدي للفتنة، فنحن لسنا دعاة فتنة ونريد الدولة ولا نريد أحداً غير الدولة، ونأسف لعدم وقوف أبناء زحلة إلى جانبنا».
وفي إطار عمليات البحث عن المخطوف أيمن صوان، اندلعت اشتباكات بين الجيش ومطلوبين خلال مداهمات في جرود بريتال، ما أدى إلى جرح جندي. كما نفّذ فوج التدخل الثاني إنزالاً جوّياً في جرود بريتال بحثاً عن صوّان.
وفيما تمكن من توقيف عدد من الأشخاص من آل المصري وطليس، كثف الجيش إجراءاته الأمنية ونشر الحواجز عند مداخل البلدة التي استمرت فيها الحركة اليوم بشكل طبيعي. وأشارت معلومات إلى أنّ العملية مستمرة إلى حين الإفراج عن المخطوفين. وأكدت مصادر أمنية أنّ هناك إصراراً على إنهاء ملف خطف صوان، لأنه اتخذ بعداً يتخطى حجمه، فكان هدفه الابتزاز المادي، لكنه تحول إلى قضية سياسية ومذهبية طائفية.
عائلة الخوري التقته برفقة الحجيري
وكشف الشيخ مصطفى الحجيري أنه اصطحب ليل أول من أمس أهل العسكري المخطوف جورج خوري إلى جرود عرسال حيث التقوا به، مشيراً إلى أنهم تعرضوا أثناء عودتهم لإطلاق نار في منطقة المصيدة.
وأكد الحجيري في حديث تلفزيوني أنه «لا يعرف مكان وجود العسكريين المخطوفين وأنّ «جبهة النصرة» هي التي تحدّد مكان ووقت اللقاء وكيفيته». وقال: «بعد أن سعيت لدى «النصرة» لجمع جورج بعائلته، وافقت «النصرة»، فاصطحبت عائلة جورج وتم اللقاء لنحو ساعة وأثناء عودتنا إلى عرسال تعرضنا لمحاولة قتل في المصيدة، إذ تمّ إطلاق النار علينا لأكثر من نصف ساعة فهل يجوز هذا الأمر؟ وهل المقصود قطع الطريق على أي مفاوضات؟ وأضاف: «الجيش أطلق النار عليّ وأريد توضيحاً من قيادة الجيش».
من جهة أخرى، تحدثت معلومات عن توجه وفد يضم 8 رجال دين من عرسال للقاء المسلحين في إطار المبادرة القطرية.