الرئيس الأميركي العتيد… غير مناسب
كتب نداف هعتسني في صحيفة «معاريف» العبرية:
أمر سيّئ جداً يمر على الديمقراطية الأميركية، أمر يفلت من الانتباه في ظل محيط من التقارير التي تصل إلينا من هناك. فكيفما نظرنا إلى عملية الانتخابات الجارية الأن ـ روح الديمقراطية، فإنها تعطي ثماراً فجّة. وعليه، لا يهمّ ما تكون عليه النتائج في 8 تشرين الثاني، فإن الجمهور الأميركي والعالم بأسره تلقّوا حتى الآن رقماً قياسياً جديداً في القذارة، الازدواجية وعدم الموضوعية. والأخطر من كل ذلك، الرئيس الأميركي القادم، ولا يهم من سينتُخَب، سيكون رئيساً غير مناسب. يدور الحديث عن تحقق لنبوءة سوداء لمن عارضوا منح حق الانتخاب لكل المواطنين، في أواخر القرن التاسع عشر في أوروبا. فقد حذّروا من انتخاب مرشّحين مرفوضين بسبب اعتبارات النفاق السياسي، وهذا بالضبط ما توشك أميركا على أن تحصل عليه في الشهر المقبل.
حتى من يحب جداُ، مثلي، البرنامج السياسي للحزب الجمهوري تجاه «إسرائيل»، لا يمكنه إلا أن يعترف بحقيقة أساسية واحدة: دونالد ترامب فاشل. يتحدّث ويتصرّف هكذا. وكل كشف آخر عن تاريخه الشبق والمتحرش الفاخر يؤكد فقط ما هو واضح لكل من يستمع اليه لخمس دقائق. حقيقة أن هذا الرجل انتخبته غالبية أعضاء الحزب الجمهوري حادثة تاريخية مؤسفة. حادثة تنبع من ظروف استثنائية للنفور من المنظومة الواشنطنية. ترامب هو نتيجة مزاج عكر، عدميّ وعبثيّ لهوامش اليمين الأميركي، الذي سيطر على معظم مقترعي الانتخابات التمهيدية. في ظروف أخرى، في فترة عادية، ما كان سيخرج عن نطاق المهرج.
من الجهة الأخرى، تقف مرشحة فاسدة ومنافقة، في كل يوم أضافي تبيّن ما هو حجم صندوق المفاسد الذي راكمته هي وزوجها تحت ستارتهما الزائفة. هيلاري كلينتون ستنتُخب على ما يبدو لتكون رئيسة الولايات المتحدة، فقط بسبب البدائل رغم أن معظم الأميركيي يفهمون أنها ليست مناسبة لأن تكون رئيسة. وفرار معظم الديمقراطيين من الجنون الشيوعي لبارني ساندرس وإفلاتهم من البديل الجمهوري المثير للاشمئزاز، جلبا رئيسة المستقبل هذه. رئيسة كانت شريكة كاملة في السياسة الخارجية الخاسرت لباراك أوباما والمسؤولة ليس فقط عن قصور بنغازي وخرق الثقة في الرسائل الالكترونية الممنوعة، بل إنها عديمة الايديولوجيا وعديمة كل الخطوط الأخلاقية الحمراء. ونكاد نتلقى كلّ يوم دليلاً دراماتيكياً آخر عن قصص المواطِنة الأولى في المستقبل في منشورات «ويكيليكس»: من 25 مليون دولار لمحاضرات سرّية لكبار رجالات «وول ستريت» حيث تبسط مذهباً معاكساً لذاك الذي تسوقه الآن، حتى 12 مليون دولار على محاضرة في المغرب وملايين من دول تشجع الإرهاب مثل قطر، بينما كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية. والمرة تلو الاخرى ينكشف كم هي وزوجها أصبحا ملكي تضارب المصالح، زوجين عديمي الكوابح، ليس صدفة أن يكونا مسؤولين عن الشخوص الايقونية لـ«بيت الأوراق».
كما أن هذه هي اللحظة الظلماء للمملكة السابعة الحامية للديمقراطية ـ الصحافة الأميركية. فمن يتابع الفجوة الدراماتيكية بين ما تبلغه «فوكس نيوز» وبين التقارير في «CNN» مثلاً، يتلقى صورة مفزعة ليس فيها أي معنى للحقيقة وللواقع. كل شيء، لدى معظم وسائل الاعلام الأميركية المخلصة للديمقراطيين، مكرّس لصدّ ترامب وتتويج كلينتون. أحداث كانت تدخل سياسيين «إسرائيليين» إلى السجن من دون أن يرفّ جفن وتنكشف في «ويكيليكس» وتكاد لا تبلغ عنها «CNN» و«نيويورك تايمز» وباقي الأبواق الديمقراطية.
وعليه، في 9 تشرين الثاني سيتعيّن على الولايات المتحدة وكلّ العالم أن يُجري حساباً للنفس. فالنظام الديمقراطي سيبقى حتى الأن أهون الشرور، ولكن هذا الشرّ الأميركي هو شرّ كبير.