عشق الصباح

ضجّت الريح وانحنت جدائل الزيتون، وانهمر السحاب يُمطر الأرض اليباس، صبرك كصخرة الصوان لا يهزّك جنون الريح العابرة؟ يمشي الضوء على حواف الشرفة البحرية، يمسح على وجه الشبابيك التي تتعرّش على خشبها القديم دالية عنب حانية بالعناقيد. هناك مَن يحاول قتل الضوء. ثمة فناجين وكؤوس فارغة وأوراق وأعقاب سجائر مهملة، وامرأة مغسولة بالمطر شغوفة بالحنين، تنقر بأصابعها الطريّة على زجاج النافذة. عطرها ملء الأمكنة حتى أخجل الياسمين، حين لاح وجهها ارتبك الصباح وتنشف الندى على وريقات الحبق.

ما عدت أعرف كيف أوقف نزف البوح وأنا أعدّ الأيام فتوجعني التفاصيل. صبّ لي سلافاً معتّقات أطفئ لهيب الشوق. اشهد يا موج البحر، يا بحر اشهد، أنني شغوف بالعشق، كنت أحاول كتابتك مع كلّ سرب حمام يمرّ، مع كلّ نجمة تتقرّب من القمر، حيث تمطر سماء تشرين على الأرض برداً وسلاماً. «خذيني إليكِ أوجعني الحنين، معك أستعيد الحكايات التي نستني مركوناً على حافة الزمن»! فيروز ترتّل: «زعلي طوّل أنا وياك». تعال لنحكي، اترك القلم والحبر، ولّى زمن الخربشة على الورق، لن يستريح تعبك. علّمني ما سرّ تكاثر الذئاب في رحم الظلمة. كيف تتوالد مخلوقات مشوّهة تنبت كالفطر السام في أرض السواد؟

متعب أنا بالأسئلة والمصطلحات، ما بك تحاكي حالك، يبدو أن عصير العنب أخذ مفعوله. أسكرني الشوق، قد يُسكرنا الحزن، لا شيء يُدهش، الأمكنة تنزاح بفعل ريح هوجاء، وجنون المتغيّرات الطارئة. اتركيني مشغولاً بالعشق والحزن والانتظار.

حسن ابراهيم الناصر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى