لبنان.. فخامة الجنرال
نظام مارديني
بعيداً عن «عكاظ» الآراء التي ستحفل بها مقالات عدة في الصحافة اللبنانية والعربية والغربية، كان البرلمان اللبناني أمس مبهجاً وهو يعبّد طريق الرئاسة الأولى.. كما عبدّه أمام الجنرال ميشال عون، الرئيس الثالث عشر للجمهورية الثالثة. فهل يمكن القول إنّ لبنان ما قبل انتخابات الرئاسة ليس هو ما بعده؟ وهل تضاء الشموع لقيامة لبنان مع انبلاج العهد الجديد؟ وهل انتصر خيار عون المشرقي في لبنان؟
لا شك في أنّ لبنان عاش منذ سنتين ونصف السنة شغوراً رئاسياً مديداً كاد أن يشلّ آلية الدولة ويعطل أداءها كله، وذلك بسبب تأثره المباشر بأزمات المنطقة وصراع المحاور.. أرتدى المجهول في لبنان «ماسك».. السياسيون جميعهم كانوا في أبراجهم العاجية، في حين كان الشعب يعيش حالة من الغليان.. البطالة تزداد مع ازدياد النازحين والوضع الاقتصادي يتراجع. الفساد يتمدد مع تمدد النفايات في الشوارع.. لا كهرباء ولا ماء، الامر الذي دفع أغلب الشباب لحمل شهاداتهم، وحقائبهم، متجهين دائماً إلى البلدان التي يظنون أن لها مستقبلاً.. كان لبنان قبل انتخاب عون من دون مستقبل بعدما وقع في حالة انعدام… الزمن! وكان الخوف إذا استمرّ النزيف الراهن في الأدمغة، وفي الأيدي، لا أحد من السياسيين يعنيه النزيف هذا ما دام المال يتدفق، من كل حدب وصوب.
هل نتذكر الفيلسوف الفرنسي ريمون آرون الذي كان يعلّق على مصير الجمهورية الرابعة في بلاده قبل أن يطلق شارل ديغول الجمهورية الخامسة بالقول: «إن الأقنعة هي التي تحكم فرنسا الآن، نأمل ألا تكون أقنعة الشياطين»! فهل يطلق فخامة الرئيس عون أعمال الجمهورية الرابعة؟
البعض أعلن الحرب على سورية بعقلية المراهقة، والبعض أعلن الحرب الاستباقية على الإرهاب، وهي الحرب التي انتصرت خطوطها حيثما كانت المواجهة، في القصيْر كما في عرسال.. في غوطة دمشق كما في ريف حلب.
إذاً، ثمّة من كان يدعو الإرهابيين الى الأرض المستحيلة في لبنان، وهم معروفون ومعلومون بالاسم الثلاثي والولادة. وثمّة من كان يقول للإرهابيين إن لا مكان لكم في أرضنا المستحيلة.
الرئيس عون كان خياره المحور الثاني. استمرّ وصمد في مواجهة الإغراءات التي واكبت وضغطت عليه لينفصل عن المقاومة اللبنانية.. وبالتالي محور الممانعة، حتى كاد المحور الآخر يفجر الحرب الأهلية في لبنان، تعويضاً له عن خسارته حلب والموصل.
قيل إنّ فرنسا، وفي لحظة تجلٍّ، تحركت بسرعة قبل وصول الوضع اللبناني إلى لحظة الانفجار، ويكاد الفرنسيون أن يرقصوا الدبكة في بيروت، كما لو أنهم يرقصون الفالس، ويمارسون دبلوماسية الفالس!
الآن، يستمرّ اتفاق الطائف الذي يترجم دستورياً: «أنا ميشال عون، أقسم بالله العظيم..»، على صيانة لبنان وحماية حدوده واسترجاع أراضيه المحتلة من قبل العدو الصهيوني.. ومتابعة حربه الاستباقية ضد الإرهاب، داخلياً وخارجياً، قبل أن يتدحرج الزمن إلى الوراء.. ويصل الحريق الى فراشه!