أنطوان مسرّة: بلغنا سنّ الرشد في ما يتعلّق بالحوار الوطنيّ والميثاقية

استضافت كلّية الآداب في «جامعة رفيق الحريري» ـ المشرف، عضو المجلس الدستوري ورئيس كرسيّ الأونيسكو للوساطة والحوار والتعدّدية، البروفسور أنطوان نصري مسرة، في محاضرة حملت عنوان: «الحوار والتعدّدية، قيم لبنان التأسيسية».

حضر الندوة كلّ من عضو اللقاء الروحي في جبل لبنان إمام جامع العجمي الشيخ إياد العبد الله، ورئيس المركز العربي للحوار الشيخ عباس الجوهري، عضو مؤسسة الفكر التوحيدي المعاصر للحوار والأبحاث الشيخ حاتم ضو، كاهن رعية الباروك والفريديس الأب إيلي كيوان، رئيسة المنتدى العالمي للأديان والإنسانية المربّية نجوى ناصر الدين، إلى جانب عمداء الكلّيات وطلاب الجامعة وطالباتها.

بعد الافتتاح، ألقت رئيسة قسم اللغات والإنسانيات في الكلّية الدكتورة هيام لطفي كلمةً أشادت فيها بالأثر الفكري والثقافي الذي يتركه البروفسور مسرة في كلّ المحافل المحلية والإقليمية والدولية. مشيرةً إلى ضرورة نقل فلسفة الرياديين المعاصرين وفكرهم إلى الأجيال الجديدة، وضرورة أن تلعب الجامعات دورها في مجال يتخطّى التعليم التقليدي، إلى مرحلة التشارك والمسؤولية الوطنية.

ثم كانت كلمة للصحافي والأستاذ الجامعي الزميل غسان بو دياب، اعتبر فيها أنّ شباب اليوم ليسوا بحاجة إلى تنظير، بل إلى نموذج رياديّ يعلّمهم أنّ ما يرونه صعب ومستحيل، هو في الواقع متاح إذا اقترنت النيّة بالمثابرة.

وشدّد بو دياب على أهمية أن تستضيف الجامعات اللبنانية حوارات مع أهل الفكر والثقافة والرأي، خصوصاً في ظل ما سمّاه «سوبرماركت القيم»، وفي ظلّ عشوائية وفوضى تحكمان الواقع القيمي الأخلاقي العلمي في هذا الشرق والعالم، مشيداً في الوقت عينه بالبروفسور مسرة الذي اعتبر أنه يصلح أن يكون نموذجاً للأستاذ الملهم.

ثم ألقى البروفسور مسرة محاضرة تناول فيها القيم التأسيسية للبنان منذ عام 1920 إلى عام 1943 واستمراريتها، متناولاً في المحور الأول موضوع الحوار من بوابة المواثيق أو التعهدات الوطنية، باعتبارها نمطاً من البناء القومي، مشدّداً على أن هناك ثلاث مراحل تاريخية في الميثاق اللبناني، أولها الطفولة، من عام 1920 إلى عام 1943، والمراهقة من عام 1943 إلى عام 1990، ومصنّفاً المرحلة الحالية بسنّ الرشد الميثاقي.

وفي المحور الثاني، أشاد مسرة بعَظَمة التسوية اللبنانية، استناداً إلى القاعدة الحقوقية والمصلحة العامة، وصُغر مساحة لبنان، ومشيراً إلى طبيعة التعدّدية اللبنانية، من حيث التعدّدية المجزّأة، والتعدّدية المندمجة، ومشدّداً على أن الذكاء اللبناني تعدّدي، فاللبنانيّ الأصيل هو اللبناني الذي تتكوّن شخصيته من مجموع شخصيات جميع الطوائف.

وفي المحور الثالث، وحمل عنوان «بناء الذاكرة الجماعية المشتركة»، شدّد مسرة على ضرورة التوبة القومية، واحترام الذاكرة الجماعية، منبّهاً إلى أنّ لبنان والمنطقة يقفان على عتبة خطيرة، فإما اللبننة، وإما الصهينة، مشيراً إلى مراسلات بن غوريون وشاريت حول إمكانية تقسيم لبنان، وإشارة الأخير إلى أن العلاقات المتينة بين العائلات الروحية اللبنانية تمنع هذا التقسيم.

واعتبر مسرة أن تجربة الإسلام التاريخية لا تصطدم بالغيرية، بل بالعكس ترعاها، وتحتضنها. مشيراً إلى أن فقه الغيرية موجود في الدين الإسلامي، ومطالباً بحماية النسيج التعدّدي العربي من الصهينة وإعادة الاعتبار إلى التراث العربي في التعدّدية الحقوقية وعصرنته.

وختم مسرة باستذكار ما قاله الرئيس الشهيد رشيد كرامي: «ميثاقنا الأخير، فلنعمل لما يغنيه لا لما يلغيه».

ثم كانت مداخلات للشيخ عباس الجوهري وللحضور عبّروا فيها عن التفاعل مع المحاضر، واختُتم اللقاء بحفل كوكتيل في المناسبة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى