حكومة انتخابات… ومعركة توزير حلفاء
هتاف دهام
ينطلق اليوم قطار مشاورات الرئيس المكلف سعد الحريري مع الكتل النيابية لتشكيل الحكومة. لن يتأخر تأليفها كثيراً. الحكومة هي حكومة انتخابات.
تدرك الأطراف كلها أنّ هذه الحكومة هي حكومة العهد الأولى. تأتي بعد التسوية التي أوصلت العماد ميشال عون إلى «قصر الشعب» وجلوس رئيس تيار المستقبل سعد الحريري على كرسي الرئاسة الحكومية، فضلاً عن أنّ مَن قاد حملة المعارضة ضدّ مفاوضات الرابية بيت الوسط رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان موقفه في موضوع الحكومة إيجابياً بتسميته الشيخ سعد.
يؤكد المعنيون أنّ هذه الحكومة ستكون جامعة ووحدة وطنية. في هذا السياق، جاء خطاب قَسَم الرئيس ميشال عون الوطني والاستقلالي، كما وصفه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم. وأتى كلام السيد حسن نصر الله عن تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع ويبدأ التحضير للانتخابات النيابية، فتأكيد الرئيس الحريري من بعبدا أمس «تشكيل حكومة وفاق وطني تتخطى الانقسام السياسي، مستندة إلى إجماع القوى السياسية كلها حول خطاب القسم بمندرجاته كلّها».
لن يضع أيّ مكوّن نفسه في مظهر المعرقل أو من يتولى وضع العصي في الدواليب، خصوصاً أنّ خطاب رئيس تيار المستقبل ما بعد تكليفه اختلف بأسلوبه ومصطلحاته عن حلقته التلفزيونية الأسبوع الفائت.
العناصر كلها تشي بأنّ المعركة السياسية الكبرى سوف تجري حول قدرة هذه الحكومة على إنجازها، بالتكاتف والتضامن مع المجلس النيابي، قانون انتخاب جديداً التزم به «فخامته» في خطاب قسمه، و«دولته» في جلسة الانتخاب في 31 تشرين الأول.
لا يرغب أيّ مكوّن أن يتحمّل مسؤولية العرقلة في المرحلة الأولى. يبدو أنّ هناك عناصر خفية أسّست لانتخاب الرئيس، ربما تكون في هذه المرحلة مسؤولة عن رسائل حسن نيات التكليف.
يعتقد البعض أنّ الحكومة العتيدة لن تأخذ الوقت الذي استغرقته الحكومات الثلاث الأخيرة بعد اتفاق الدوحة. حكومات الرؤساء فؤاد السنيورة، سعد الحريري، نجيب ميقاتي استهلكت كلٌّ منها نحو خمسة أشهر. لتحصد عملية تشكيل حكومة رئيس تصريف الأعمال تمام سلام 11 شهراً.
ويؤكد قطب بارز لـ «البناء» أنّ مفاوضات التأليف ستكون شاقة وصعبة. سوف تستهلك بعض الوقت، لكنها ستصل الى نتيجة، العمل سينصبّ على إنجاح العهد الجديد في بناء الجمهورية.
عنوان المرحلة المقبلة يقول القطب نفسه، حكومة الوضوح في إجراء انتخابات نيابية في الموعد المحدّد في أيار المقبل، والغموض في إنجاز قانون عصري يراعي صحة التمثيل للمكونات كلها، في الفترة الفاصلة عن الموعد المحدّد في الربيع المقبل. مسألة الإقرار متعذّرة، مردّ ذلك موقف التيار الأزرق من قانون انتخاب نسبي.
أوحى المشهد الرئاسي ومشاورات التكليف السريعة أنّ الحكومة ستشكل قبل الاستقلال. قطعت التفاهمات غير المرئية شوطاً كبيراً، بغضّ النظر عن المدى الزمني الذي لن يتجاوز الأعياد.
لكن هل ستقتصر الحكومة على التيار الوطني الحر، تيار المستقبل، حزب الله، حزب القوات؟ بالطبع لا. يجمع الأفرقاء السياسيون وفق القطب نفسه، على حكومة وطنية جامعة. يعني ذلك، أنّ رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية سيدخل إلى الحكومة، سيشدّ به الرئيس بري القائل «يعملوا حسابهم من هلق، ما بمشي بلا فرنجية»، والرئيس الحريري أيضاً.
سيؤكد حزب الله أهمية مشاركة حلفائه الاستراتيجيين في الحكومة بحقائب أساسية وأحقية وضرورة هذه المشاركة.
سيعمل تيار المستقبل على إرضاء حزب الكتائب. كلّ ذلك سيفرض تخلي كلّ مكوّن عن نسبة من التمثيل الطائفي لصالح إمكانية التبادل. فهل سيفتح التبادل التعقيدات على مصراعيها؟ ماذا عن الثلث الضامن؟ هل سيُطرح أم لا؟ كيف ستحسم التحالفات الجديدة داخل الحكومة؟
كلّ ذلك سيبقى رهن الأيام المقبلة، وما سترسو عليه المشاورات النيابية اليوم وغداً…