«الخال» في عيون الإيطاليين

محمد أبو سالم

في أيلول عام 2006، غداة صدور القرار رقم 1701 الذي نصّ على تعزيز قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان بُعيد عدوان تموز الذي انتهى بهزيمة نكراء لحقت بالصهاينة، كانت إيطاليا أولى الدول التي شاركت في هذه القوات، والأكثر مساهمة.

وأوّل من استقبل الإيطاليين في ذلك الوقت، كان رئيس بلدية صور حينذاك ، ورئيس اتحاد بلديات صور حالياً عبد المحسن الحسيني. إذ استقبل الضباط والجنود الإيطاليين في صور، وشرّع لهم أبواب الجنوب، لأنه كان ولا يزال يعرف قيمة العلاقات التاريخية التي تربط الشعب الإيطالي بالشعب اللبناني .

ثماني سنوات مرّت، والعلاقة مع الإيطاليين تزداد تميّزاً، ويُعتبر الحسيني من عرّابي هذه العلاقة، فكلّ الضباط الذين تناوبوا على قيادة الكتيبة الإيطالية، يكنّون له الاحترام المحبة. وحاز وسام الاستحقاق الإيطالي من رتبة كومندور، وأوسمة إيطالية عدّة .

الإعلام الإيطالي، مرئياً ومكتوباًَ، تحدّث كثيراً عن الحسيني، ونُشرت مقابلات كثيرة معه، وفي ما يلي، نورد ترجمة لمقابلة نشرت في إحدى أبرز الصحف الإيطالية.

الخال… مفتاج جنوب لبنان

«الخال»، في اللغة العربية، اسم يعطى لشقيق الأمّ. وبحسب العادات الشرقية، هو أحد أهمّ أفراد العائلة، والذي يهتم بشؤون أبناء الأمّ، وتربطه بهم علاقة صداقة قوية. وبالنسبة إلى التقاليد والعادات في الشرق الأوسط، فإنّ هذا الرجل يعني الكثير للعائلة .

في جنوب لبنان، «الخال» واحدٌ، أي السيد عبد المحسن الحسيني، رئيس اتحاد بلديات قضاء صور .لا نستطيع أن نجد لقباً لمطلق إنسان كما نجده عند «الخال»… اسمٌ على مسمّى. عندما تلتقيه، يجب أن تحني الرأس ليطبع قبلته الشهيرة على الجبين، خصوصاً أنه يعتبر الجنود الإيطاليين المشاركين في مهمة «اليونيفيل» كأبنائه، لأنه يعرف ما يعنيه التعاون المثمر من أجل زيادة الانسجام وبناء السلام في جنوب بلاد الأرز .

يعرف الكثير عن الصراع مع «إسرائيل»، في عام 2006، خلال الأيام الثلاثين من الحرب، كان حينذاك يشغل أيضاً منصب رئيس بلدية صور، لم يخرج أبداً من المدينة، ولم يتخلّ عن مهامه. وبفعل ذلك، ما زال حتّى اليوم يُعتبر بمثابة بطل، ويحظى باحترام جميع رؤساء البلديات .

يقول الحسيني: «نحن شعب عنيد، نريد الحياة في أرضنا والعيش بكرامة، كنّا وما زلنا مستعدّين للموت في مدينتنا».

«الخال»، رجل قوي وديناميّ، ذو خبرة واسعة نظراً إلى عمره البالغ 80 سنة، ويعرف دوماً أنّ الحرب قد تكون على الأبواب، على الخط الأزرق غير المستقرّ، والذي يفصل بين لبنان و«إسرائيل» فلسطين المحتلة ، ما يعيق نهضة جنوب لبنان وإعماره.

«الخال» يتحمّل مسؤولية 60 بلدية، تضمّ حوالى 250 ألف نسمة، ويضاف إليهم عدة آلاف من اللاجئين الفلسطنيين الذين يتوزّعون على ثلاثة مخيمات موجودة في منطقة صور .

يهتم كثيراً بالاستثمارات الأجنبية، ويقول عنها: «الأساس لنا الاستقرار، وبالأهمية نفسها يأتي الأمن، ومن دونهما لن يأتي أيّ مستثمر أجنبي».

يشعر الحسيني بالاطمئنان لوجود جنود «اليونيفيل»، ويأمل كثيراً منهم لأنهم من الثوابت التي يبنى عليها من أجل مستقبل واعد بالسلام فيقول: «جنود اليونيفيل يعملون من أجل السلام بكل إخلاص، وتحديداً الجنود الإيطاليين الذين تربطهم بالجنوبيين علاقة صداقة متينة مبنيّة على الاحترام المتبادل».

قادة الوحدة الإيطالية يعرفون جيّداً أهمية التواصل مع السلطات المحلية، فلذلك ينظمّون دورياً لقاءات مستمرّة مع رؤساء البلديات، خصوصاً مع رئيس اتحاد بلديات صور عبد المحسن الحسيني في الناقورة والمنصوري وفي شمع».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى