عندما يشكل خطاب حزب الله ودوره عنصراً للتوازن في لبنان والمحيط
شارل أبي نادر
ليس من السهل ان تجد حزبا يستقطب هذا الاهتمام الواسع داخليا واقليميا ودوليا كحزب الله، وحيث يتوزع هذا الاهتمام بين التأييد والتقدير الى الانتقاد والتصويب، تجد دولا ومنظمات كبرى تعمل جاهدة لتطويقه اعلاميا وماليا وعسكريا وسياسيا، لتجد من جهة اخرى تصاعدا وتمددا في تأييد استراتيجيته وقراراته وسياسته ونهجه في لبنان والمحيط.
في لبنان، يتوزع حضور حزب الله وتأثيره على الشكل التالي :
– شكل عبر التاريخ الحديث وما زال، بقوة وبفعالية، مقاومة عنيدة في وجه الاحتلال الاسرائيلي، ارغمها بثباته وصبره وبفضل دماء شهدائه الابطال على الانسحاب من معظم الاراضي التي كانت تحتلها باستثناء مزارع شبعا، وهو يفرض حاليا، وطبعا من خلال تنسيق واسع وكامل مع الدولة اللبنانية وعبر ثلاثية ذهبية جمعته مع الشعب والجيش، معادلة ردع و توازن رعب بوجه العدو، اسس وبنى مداميكها على اتصالات وعلاقات احترام وثقة متبادلة مع سورية وايران حصل عبرها على اسلحة وتجهيزات متطورة وكاسرة للتوازن.
– لعب دائما وما زال يلعب دور المنظم والضابط للتناقضات الثقافية والسياسية والشعبية في لبنان وذلك من خلال حضوره الواضح، شعبيا وعسكريا وتنظيميا، ومن خلال انفتاحه وتقاربه مع اغلب مكونات المجتمع اللبناني، وقد ساهم عبر هذا الحضور بالتزام جميع المكونات على احترام خصوصية كل منها، بالرغم من حساسية تلك الخصوصيات التي لو تفلتت لذهبت باصحابها وبالوطن الى اشتباك ونزاع ليس بالسهل ضبطه ومعالجته.
– وقف ويقف دائما الى جانب الدولة في تطبيق الانظمة والقوانين وهو يحثها دائما لتلعب دورها على هذا الصعيد، وخطاب قادته ومسؤوليه خير شاهد على ذلك في حرصهم الدائم وتشديدهم في بيئتهم وفي مجتمعهم لناحية محاربة المخدرات وجرائم السرقة والنهب والثأر وغيرها، لدرجة الدعوة عبر الاوساط والقنوات الدينية والحزبية والشعبية لنبذ كل مجرم او مرتكب وحرمانه من اي عطف او رعاية او حماية عائلية او محلية او حزبية.
– برهن مؤخرا في انتخابات رئاسة الجمهورية، وكما كان يبرهن دائما في معظم الاستحقاقات الدستورية والشعبية عن فهم عميق وواع ورؤية بعيدة وثاقبة لمفهوم الوحدة الوطنية والميثاقية بين مكونات الوطن، ولا يمكن لاحد ان ينكر دوره الاساس في استكمال هذا الاستحقاق الاخير بالرغم من الضغوط الداخلية والاقليمية والدولية التي تعرض لها لثنيه عن مواقفه التي بقيت ثابتة وشكلت محورا واساسا لسير عجلة المؤسسات التي كانت متعثرة لاسباب واسباب.
في المحيط، ما بين سورية واليمن وفلسطين والعراق وغيرها، فرض حزب الله نفسه لاعبا مؤثرا، وبمعزل عن نظرة البعض السلبية وامتعاضهم من تدخل حزب الله في سورية خاصة وفي غيرها بشكل عام، لا يمكن لاحد، فاهما كان بامور الميدان والامن والمعارك ام غافلا عنها، ان ينكر دور حزب الله الاساس في حماية لبنان من الارهاب التكفيري الذي لامس حدوده واخترقها في اماكن عدة، كما لا يمكن لاحد،عارفا كان بخفايا السياسة الدولية وتركيباتها او بعيدا عنها، ان ينكر دور حزب الله الميداني في المساهمة مع الجيش العربي السوري لخلق مساحة أمان في الازمة السورية، جعلتها حاضرة وجاهزة دائما للسير بتسوية سلمية تحفظ حقوق الجميع الى حد ما، وذلك بعد ان كانت الامور في هذه الساحة سائرة باتجاه وضع أسود مجهول فيه من التشدد والارهاب والتكفير ما يكفي للاطاحة بالدولتين السورية واللبنانية على الاقل.
ويبقى دور حزب الله الاساس وخطابه الثابت الصامد لنصرة فلسطين وشعبها ومقاومتها، فهي كانت وما تزال بالنسبة له القضية الام، منها انبثقت تداعيات احتلالات واعتداءآت الكيان الصهيوني على لبنان وسورية ومصر وغيرها، ولم يدخر حزب الله على الدوام جهدا في الميدان او الاعلام او السياسة او الديبلوماسية او في التحركات الشعبية الفاعلة والضاغطة في سبيل دعم ومؤازرة القضية الفلسطينية، قضية جميع الاسلام والعرب، رغم جنوح بعض الانظمة وعلى راسها نظام آل سعود الى نسيان هذه القضية لا بل الى العمل لطمسها و وأدها في غياهب واروقة المنظمات الدولية المتامرة على العرب وعلى قضاياهم المحقة.
واخيرا… وبفضل الايمان والثبات والجهاد، وبفضل دماء الشهداء الذي ينساب غزيرا في كل مواقع المقاومة ضد العدو الاسرائيلي او في مواقع الدفاع المقدس، سيبقى حزب الله جامعا ضامنا وعنصرا اساسيا في خلق وتثبيت وحماية التوازن في لبنان و محيطه.