لبنان والأزمات الاقتصادية

بشير العدل

يمثل الملف الاقتصادي أخطر التحديات التي تواجه لبنان بعد انتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً، بعد شغور في سدة الرئاسة استمر قرابة العامين ونصف العام، الأمر الذي يفرض على الرئيس عون وعلى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري حال تشكيلها، انتهاج سياسات اقتصادية تعمل على حلّ كافة المشاكل التي تراكمت بفعل العوامل السياسية والمتغيّرات الاقتصادية العالمية على حدّ سواء.

وبنظرة سريعة على أوضاع الاقتصاد اللبناني وفي الفترة التي تلت انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في أيار 2014، فإنّ الأرقام تشير إلى مشاكل اقتصادية خطيرة تفاقمت مع مرور الوقت وتزايد الأزمة السياسية بسبب الخلاف حول تسمية الرئيس عون قبل انتخابه، بفعل الانقسامات السياسية الحادّة وحالة شبه الشلل التي أصابت العمل الحكومي والتشريعي، فضلاً عن التوترات الإقليمية، ما جعل لبنان على شفا انهيار مالي واقتصادي.

فوفقاً لأرقام عام 2015 ارتفع العجز العام في الفصل الأول بمعدل 26.4 في المئة، وذلك على أساس سنوي مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2014 الذي شهد انخفاضاً بمعدل 27.2 في المئة، وكانت تلك الزيادة في الدين العام نتيجة مباشرة لانخفاض إيرادات الدولة مقابل زيادة النفقات.

وقد بلغ حجم الدين في ذلك العام نحو 69 مليار دولار بارتفاع سنوي نسبته 5 في المئة مقارنة بالعام السابق وهو ما يشكل نسبة 132 في المئة من إجمالي الناتج المحلي بنهاية النصف الأول من عام 2015، وذلك وفقاً لمشروع الموازنة الذي تمّ رفعه لمجلس الوزراء آنذاك.

كما سجّل ميزان المدفوعات عجزاً في العام نفسه بلغ 1.3 مليار دولار في نهاية النصف الأول من العام وذلك مقارنة بفائض قيمته نحو 216 مليون دولار عام 2014.

وسجلت الصادرات انخفاضاً بمعدل 8 في المئة خلال النصف الأول من العام 2015 صاحَبَه انخفاض في الاستيراد بمعدل 18.5 في المئة.

وبعد مرور عامين تظهر في الأفق المشاكل الاقتصادية الأخرى والتي تتمثل في انخفاض عائدات السياحة وتعرّض القطاع لأزمات خطيرة بفعل التداعيات والقرارات السياسية التي يواجهها لبنان والتي أدّت، بدورها، إلى تفاقم الأزمات وفي مقدّمتها أزمة النفايات.

وبعد انتخاب الرئيس عون وتكليف الحريري تشكيل الحكومة، فإنّ لذلك مردوده الإيجابي على الاقتصاد اللبناني، خصوصاً على صعيد إعادة الثقة بالاقتصاد اللبناني، وجعله يقف بأقدام ثابتة على طريق الأداء الجيد.

أمام لبنان الجديد فرصة، خاصة بعد لمّ الشمل السياسي وإنهاء الخلافات بين الفرقاء السياسيين، لكي يعود قوياً من الناحية الاقتصادية، غير أنّ ذلك في حاجة إلى سياسات اقتصادية تتوافق مع المتغيّرات الداخلية والخارجية على حدّ سواء، وهو ما يتطلب إجماع جميع الأطراف الفاعلة في المعادلة اللبنانية، على تبنّي سياسات اقتصادية جيدة تكون قادرة على مواجهة الأزمات وفي مقدّمتها أزمة النفايات التي كادت تؤرق المواطنين، ووصلت بهم إلى حدّ الاحتجاجات الشعبية.

كاتب وصحافي مصري

eladl254 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى