اليمن: الحفاظ على النظام القديم مهمة مستحيلة

حميدي العبدالله

جهدت الولايات المتحدة والحكومات الخليجية في الحفاظ على النظام اليمني القديم. وحتى عندما اندلعت الاحتجاجات الشعبية في عام 2011 حاولت احتواء هذه الاحتجاجات عبر تغيير الرموز والحفاظ على النظام ذاته، وتجلّت هذه العملية بإبعاد الرئيس علي عبدالله صالح، واستبداله بنائبه الرئيس الحالي لليمن.

لكن توازن القوى داخل اليمن حتى قبل الحراك الشعبي عام 2011، وقبل حراك «أنصار الله» الأخير، يؤكد أنّ الأزمة القائمة في اليمن تخطت منذ زمن طويل مثل هذه الحلول الترقيعية. فالنظام القديم خاض أكثر من أربع جولات عنف ضدّ حراك الحوثيين في صعدة واستخدم الجيش اليمني كلّ قوته وفشل في القضاء على هذا الحراك، وبعد فشل الجيش اليمني أوكلت المهمة إلى الجيش السعودي الذي افتعل هو الآخر معارك مع الحوثيين وفشل في إضعاف الحوثيين وأرغم على توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار معهم على الحدود المشتركة اليمنية السعودية، بالشروط التي فرضها الحوثيون، وليس حكومة المملكة العربية السعودية.

أما الحراك في الجنوب، فهو الآخر لم يتوقف لا قبل 2011 ولا بعد ذلك، وجاء حراك «أنصار الله» في المرحلة الجديدة وسيطرتهم قبل ذلك على مناطق واسعة من اليمن، وتواجدهم القوي في العاصمة صنعاء، جماهيرياً، ليؤكد أنّ توازن القوى القائم في اليمن يشكل عقبة كبيرة في وجه أيّ حلول لأزمات اليمن على قاعدة الاحتفاظ بالنظام القديم والاكتفاء بتغييرات جزئية تقتصر على بعض الوجوه.

حلّ الأزمة في اليمن يصبح ممكناً، ويتحقق الاستقرار إذا انطلقت مقاربات الحلول من مسلمتين أساسيتين:

ـ المسلّمة الأولى، الاقتناع بأنّ القوى المساندة للنظام القديم على مستوى اليمن المتمثلة بجماعة «الإخوان المسلمين» وبعض أجهزة الدولة الأخرى لا يمكنها على الإطلاق الصمود في مواجهة الأغلبية الساحقة من اليمنيّين التي تقف الآن في صفّ المعارضة، والاستقواء بالخارج، سواء كان هذا الخارج الدول الخليجية أو الدول الغربية، لا يقدم ولا يؤخر، فقبل ذلك خاضت السعودية عبر جيشها معارك مباشرة مع مكوّن من المكوّنات اليمنية وخسرت المعركة، والإصرار اليوم على خوض مواجهة مع غالبية اليمنيّين سيكون مآلها الفشل.

ـ المسلّمة الثانية، أنّ أيّ حلّ جدّي للأزمة يجب أن يقوم على قاعدة المشاركة الفاعلة والندّية، في الحوار وفي السلطة، للمكوّنات الأساسية، وتحديداً «أنصار الله» والحراك الجنوبي، أيّ أنّ هذه الأطراف يجب أن تكون صانعة الحلول، وليس فرض الحلول عليها فرضاً من قبل جهات يمنية لا تمثل إلا الأقلية في اليمن، أو من قبل جهات إقليمية ودولية يهمّها مصالحها وليس مصالح الشعب اليمني.

إذا لم تسارع السلطات اليمنية الحالية إلى اعتماد مثل هذه المقاربة الواقعية، فإنّ احتمال سيطرة المعارضة على السلطة في وقت قريب بات هو الاحتمال الأرجح، وتمتلك المعارضة القوة الشعبية والعسكرية التي تؤهّلها لمثل هذا الحسم إذا سدّت السبل في طريق الحلّ السياسي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى