القرارات الاقتصادية… ودعاوى الجماعات الإرهابية
بشير العدل
بعيداً عن الخوض في تفاصيل القرارات الاقتصادية التي اتخذتها حكومة بلادي مصر، ومهّد لها المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة الرئيس السيسي، والتي تتعلق بالتعويم الجزئي للجنيه المصري، وتحرير سعر صرف الدولار الأميركي مقابله، والرفع الجزئي للدعم عن المحروقات، فإنها ورغم ما يتردّد حولها من سلبيات تظهر آثارها على المواطن البسيط، إلا أنها جاءت كأبلغ ردّ على دعاوى الفوضى التي تخطط لها الجماعات الإرهابية، والتي تزعم بخروج الشعب احتجاجاً على الغلاء، ولكنها في حقيقتها دعاوى لإحداث فوضى في الدولة، ورغبة من جماعات الشرّ الإقليمية والدولية، بتقويض جهود الدولة نحو بناء مصر الجديدة.
فالدعوات للفوضى من جانب الجماعات الإرهابية سبقت القرارات الاقتصادية بكثير، ومع ذلك صدرت القرارات الخميس والجمعة الماضيين، رغم ما تحمله من مخاطر يراها البعض في حالة استنكار لدى بعض فئات الشعب، بسبب موجة الغلاء التي تصيب الأسعار وحركة نقل المواطنين والبضائع، بعد قرارَيْ التعويم الجزئي للجنيه ورفع بعض الدعم عن المحروقات.
وصدور مثل تلك القرارات يؤكد أنّ الدولة المصرية استعادت قدرتها على الحفاظ على أمنها وسلامة أبنائها، وأنها لم تعُدْ ترهبها دعوات الفوضى التي يطلقها المرتزقة والمتاجرون بهموم الوطن في الداخل والخارج. وهي أبلغ ردّ على أنّ الدولة المصرية أصبحت قوية وتعرف طريقها الصحيح، وتسير فيه رغم أنف الحاقدين، وراغبي تدمير البلاد والعباد.
والحقيقة أنّ تبعات القرارات الاقتصادية الأخيرة ليست بحجم الهول والتخويف الذي روّج له البعض، سواء من الذين يفتون في الاقتصاد بغير علم، ولهم عذرهم، أو من جانب الذين يصطادون في الماء العكر، وهذه طبيعتهم، كي يعملوا على تأليب الرأي العام ضدّ الدولة وسياساتها، وإحداث حالة من الانقسام وشقّ الصف الوطني.
صحيح أنّ بعض القرارات جاءت في غير موعدها، ولم تسبقها إجراءات كفيلة بالتطبيق، وكان من الممكن أن يتمّ تنظيم آليات صدورها وتطبيقها، بشكل يمنع كثيراً من الأحاديث حول السلبيات، التي طفت على السطح بفعل عوامل الإعلام المضلّل، والأفراد الذين اعتادوا الاعتراض والإفتاء بغير علم على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنها قرارات من الناحية الاقتصادية سليمة، وتنمّ عن رغبة حقيقية وأكيدة من جانب الدولة في إصلاح حقيقي، وأنها ثورة تصحيح وليست ردّة بصحيح على طريق الإصلاح الاقتصادي.
وقد يكون من المناسب التعرّض لتبعات تلك القرارات، وفحواها ومضامينها في مقال آخر، غير أنّ الذي يجب التأكيد عليه هنا، أنّ تلك القرارات تمثل رداً حاسماً على دعوات الفوضى، التي خرجت خلال الأسابيع القليلة الماضية، وقامت بتغذيتها كتائب الإعلام الالكتروني التابعة لجماعة الإرهاب والتضليل، لتؤكد أنها دعوات عابرة، وأنها تأتي في إطار رغبة جماعات وقوى الشرّ، في تكدير السلم والأمن العامين، وتأكيد على أنها جماعات كفرت بالوطن، وأنها لم تعلن التوبة وتعود إلى رشدها بعد.
غير أنّ إرادة الشعب وتصميم الدولة المصرية على المضيّ قدماً نحو البناء، واستعادة الدور الذي غاب بفعل عوامل الإرهاب والتضليل، يؤكد أنّ بلادي مصر لم تكن، ولن تكون، لقمة سائغة لأعدائها، أو مَن يعاونهم من قوى الشرّ الإقليمية والدولية، فمصر لن ترهبها دعوات الفوضى، ولن يأخذ منها قيام البعض بتمويل العمليات الإرهابية ضدها، واستهداف أبنائها من أفراد القوات المسلحة وجهاز الشرطة، وكذلك المدنيين، ولن يفتّ في عضدها كلّ محاولات الأعداء في الداخل والخارج للنيل منها. فهذه هي مصر وسوف تظلّ، أبية، عصية على الأعداء.
كاتب وصحافي مصري
مقرّر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة
eladl254 yahoo.com