أردوغان… وجنون البطر ماذا بعد «وقاحة» الغرب!
معن حمية
أن يتجرّأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أسياده، ويتّهم الغرب بالوقاحة لأنه يدافع عن الذين تعتبرهم تركيا «منظمات إرهابية»، معنى ذلك، أنّ هناك مسرحية جديدة، شبيهة بمسرحية منتدى دافوس 2009 حين تَشاركَ أردوغان دور «البطولة» مع نظيره الصهيوني شيمون بيريز، وخرج من المنتدى متذرّعاً بأنه ضدّ قتل الفلسطينيين في غزة!
على دوره في مسرحية دافوس الشهيرة، حقق أردوغان «استثمارات» كثيرة، فتوسّع خارج النطاق التركي على المديين العربي والإسلامي، وأعاد تشغيل القاعدة الإخوانية بمحركات وأسماء جديدة ـ «داعش» و «النصرة» وأخواتهما وتفرّعاتهما.
وعلى ما يبدو واضحاً أنّ أردوغان الذي ظهر وقتذاك في موقف المعترض على قتل الفلسطينيين، إنما كان يشادد نظيره الصهيوني على امتياز الوحشية، فهو أيّ أردوغان سليل الجزّارين العثمانيين، ويرفض أن يتقدّم عليه الجزّارون الصهاينة في القتل والإجرام.
أردوغان الذي تظاهر بالعدائية تجاه الكيان الصهيوني، لم يفعل شيئاً تجاه الفلسطينيين الذين ادّعى نصرتهم، ولم يوقف تعاملاته الأمنية والعسكرية مع قاتل الفلسطينيين، لا بل كان حريصاً على تثبيت الاتفاقات الأمنية والعسكرية بين تركيا والكيان الصهيوني، مباشرة وتحت غطاء ومظلة حلف شمالي الأطلسي.
ويوم ارتكاب العدو الصهيوني مجزرة اسطول مرمرة، التي أودت بحياة مواطنين أتراك وآخرين، وقف أردوغان متفرّجاً عاجزاً، وظهر فارغاً إلا من سيل المواقف الكاذبة والتصريحات البهلوانية المنافقة.
والفارغُ تجاه «الإسرائيلي»، معبّأ ضدّ مَن يقف بوجه «إسرائيل». لذلك رأينا كيف أنّ أردوغان وحزبه وإخوانه وشركاءه عرباً وصهاينة، وأسياده الغربيين، صبّوا جامّ إرهابهم على سورية، وعلى مدى خمس سنوات لم يُعدِم هؤلاء مجتمعين وسيلة من أجل إسقاط الدولة السورية، وهم لا يزالون مستمرّين في حربهم ضدّ سورية، ومستمرّين في توفير كلّ الرعاية والدعم للمجموعات الإرهابية المتطرفة، لأنّ الإرهاب هو القاسم المشترك لكلّ هؤلاء.
ولأنّ أردوغان يفهم بأنّ أحداً من شركائه لن يستغني عن الدور الوظيفي الذي يؤدّيه، أصيب بلوثة جنون البطر، لوثة أين منها مرض «جنون البقر». وهذا الجنون دفع به إلى الإفصاح عن عثمنته بما تحمل من أوزار تاريخ حافل بالدموية والقتل والإجرام والأطماع. ودفع به أيضاً إلى أن يحدّد وجهة الأطماع في الموصل وحلب وغيرهما.
على كلّ حال، الردّ على جنون أردوغان وأطماعه لم يتأخّر، وقد جاء هذا الردّ في الميدان، من حلب إلى الموصل، وبالتأكيد سيقف أردوغان عاجزاً فارغاً خائباً.
لكن السؤال الأهمّ، هل حقاً أنّ الغرب غير راضٍ عن أفعال أردوغان وحزبه القمعية داخل تركيا، وهي أفعال وصلت حدّ اعتقال نواب والزجّ بعشرات الآلاف من القضاة والعسكريين والصحافيين والمدنيين في السجون، وتشريد عشرات الآلاف من وظائفهم، وكمّ الأفواه وتقييد حرية الإعلام والرأي والتعبير؟
أردوغان قال: «فليفعل الغرب ما يستطيع، لكن ليعلم أنّ الشعب التركي استفاق وسيرتقي إلى مستوى الأمم المعاصرة»، فهل حقاً قرّرت تركيا الأردوغانية خوض مواجهة مع الغرب غير عابئة بقوة هذا الغرب وتأثيره وسطوته؟
في هذه المشهدية، يرى كثيرون ونحن منهم، بأنّ الإعلان التركي عن «التصدّي» للغرب ليس سوى مسرحية بهلوانية شبيهة بمسرحية «التصدي» لـ «إسرائيل» في دافوس…
لن يطول الوقت حتى تتكشف حقيقة «جنون البطر» وتداعيات «وقاحة الغرب».
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي