ترامب لا يُؤتمن على المهجَّرين
حسين حمّود
بانتظار تسلّم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مقاليد السلطة في العشرين من شهر كانون الثاني المقبل، يبقى الغموض يكتنف سياسته الخارجية، ولا سيما في الشرق وأزماته السياسية الباردة والمشتعلة باستثناء العناوين العريضة التي أطلقها ترامب خلال حملاته الانتخابية ضدّ منافسته من الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون.
لكن وقبل بدء إقامة الرئيس الجمهوري في البيت الأبيض بدأت جهات تطلق الآمال بإمكان تقديم ترامب مساعدة بلاده على حلّ بعض المشاكل الناشئة عن أحداث سورية والعراق وأهمّها تهجير المسيحيين بكثرة من مناطق عدّة في هذين البلدين فضلاً عن التهجير الصهيوني المستمرّ لأبناء الطوائف المسيحية في فلسطين المحتلة منذ العام 1948 وحتى الآن من خلال التضييق على ممارسة شعائرهم الدينية وتحكّم سلطات الاحتلال بأوقافهم الكنسية ومحاصرتهم اقتصادياً ومعيشياً.
كما أن الكيان الصهيوني يسعى إلى تقسيم البلاد العربية، وتحديداً سورية والعراق، من خلال الحروب الداخلية التي يشهدانها جرّاء الهجوم الذي شنّته التنظيمات الإرهابية التي يدعمها العدو «الإسرائيلي» عسكرياً بشكل مباشر وغير مباشر، معوِّلاً على هذه التنظيمات إحداث تغييرات ديمغرافية جذرية في المناطق التي تحتلها، ومن أهمّ هذه التغييرات استئصال الوجود المسيحي المشرقي التاريخي وتهجيره من المدن والبلدات التي يقيم فيها.
ومع ذلك، تتردّد معلومات عن أنّ وفداً كنسياً مشرقياً، يستعدّ لزيارة واشنطن لتهنئة ترامب بانتخابه رئيساً للجمهورية وإطلاعه على الواقع المسيحي المأساوي المستجدّ في الشرق وطلب المساعدة منه لوقف عمليات التهجير والحفاظ على العنصر المسيحي في هذه المنطقة وحمايته.
وفي المعلومات أيضاً أنّ لجنة ستؤلف لمتابعة هذا الموضوع على أن يكون عملها انطلاقاً من لبنان وأن تكون على اتصال مباشر مع الإدارة الأميركية الجديدة.
وتفيد المعلومات أنّ الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه اللجنة يتعلق بالحفاظ على الوجود المسيحي وحسب، من دون إبرام أيّ اتفاقات أو توسيع عمل اللجنة إلى قضايا أخرى تتجاوز الهدف المذكور آنفاً.
لكن في المقابل، تحذّر المصادر من القيام بخطوة كهذه مع الإدارة الأميركية، خصوصاً أنّ ترامب حليف كبير لـ «إسرائيل» وهي التي تقف في الأساس وراء التهجير المسيحي الحاصل لأغراض فتنوية وتقسيمية، وبالتالي فإنّ ترامب لن يدير الأذن الصاغية للوفد الكنسي.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تنبّه المصادر من خطوات كهذه باتجاه الولايات المتحدة إنْ لم تكن مدروسة ومحصّنة جيداً، خصوصاً إذا كان منطلق العمل هو لبنان لافتةً إلى أنّ بعض مستشاري ترامب لبنانيون ويميلون في توجهاتهم السياسية اللبنانية إلى قوى 14 آذار، خصوصاً إلى حزب متطرف فيها وهم معادون بشكل واضح وعلني لسورية وإيران وحزب الله ومحور المقاومة عموماً. وهؤلاء في النتيجة، يشكلون قدماً لترامب في لبنان.
لذا تنبِّه المصادر من استغلال هؤلاء المستشارين قضية التهجير المسيحي والعمل على توسيع الأنشطة التي ستجري تحت هذا العنوان من أجل أهداف أخرى حتماً لن تكون اللجنة الرسمية على علم أو اطلاع عليها، بل يمكن توظيف بعض الأنشطة لمن سيتسلّق اللجنة، في بث خطابات ودعوات طائفية تحريضية تكون لها تداعيات خطيرة. علماً أنّ أحد أبرز مستشاري ترامب متخصّص في نوع كهذا من الخطابات.
وحتى لو لم يحصل ذلك، فإنّ الولايات المتحدة ضالعة حتى النخاع في عمليات التهجير، وبالتالي فإنّ أيّ مسعى باتجاهها لوقف التهجير أو حتى الحدّ منه، ستبوء بالفشل الأكيد كرمى لعيون «إسرائيل»، تختم المصادر.