عون: مصمّم على تحرير القضاء من التبعية السياسية
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تصميمه على تحرير القضاء من التبعية السياسية، مشدداً على ضرورة وجود علاقة متينة بين مختلف المؤسسات، مؤكداً أن أي وطن لا يمرّ في مرحلة انحطاط إلا إذا سقطت مؤسساته.
مواقف عون جاءت خلال استقباله وفد نقابة المحامين في بيروت برئاسة النقيب انطونيو الهاشم، والذي ضمّ أيضاً أعضاء مجلس النقابة والنقباء السابقين.
وقال: «إن كل من يدافع عن الحق لديه مظلّة رئيس الجمهورية وأنا إلى جانبه، سواء كان قاضياً أو محامياً. وإذا لم يكن هنالك من تنسيق بين كل الذين يدافعون عن الحق، فإننا نقع في مشكلة، والقضاء هو ميزان العدالة وعليه أن يحفظ بكفّتيه حقوق الجميع بعدالة». أريد أن تكون هنالك علاقة متينة بين مختلف المؤسسات وأنا واثق من أن أي وطن لا يمرّ في مرحلة انحطاط إلا إذا سقطت مؤسساته، والانحطاط لا يكون بسقوط مؤسسة واحدة بل بسقوط شامل يطاول السياسة والنقابات والمعتقدات، والممارسة»…
وأضاف: «سأسهر بصورة أكيدة على تنفيذ خطاب القَسَم ولن أقصّر في ذلك، لكن بقدر ما يكون التعاون قائماً بين مختلف المؤسسات، بقدر ذلك يكون الإصلاح سريعاً».
وقال: أنتم المساعدون الأوائل لنا في تصحيح الأوضاع، ولكم الفضل في تصحيح الأخطاء والخلل، وليس أصعب من وجود دولة تكون سمعة القضاء فيها غير جيدة، أو قضاؤها يكون ذا فعالية محدودة أو ليس لقضائها إنتاجية سريعة.
وتابع: «عندما يكون أصحاب العلاقة في الدولة من ذوي الكفاءات و«أوادم» تختفي الصفة الطائفية عنهم، عندها يصبح القاضي النزيه مقصداً للجميع وكذلك المحامي النظيف والطبيب القدير، بصرف النظر عن طائفتهم… يمكننا تالياً أن نحضّر لمجتمع مدني. علينا أن نناضل، فهذه حرب اجتماعية قوية. نحن مجتمع طائفي غني بثقافته، ولكن من غير المقبول أن تتحول هذه الثقافة إلى مصدر صدام. فإذا كنا مؤمنين بحرية المعتقد فلماذا تقع المشاكل الطائفية؟ وإذا كنا مؤمنين أيضاً بحق الاختلاف، وأن ديموقراطيتنا هي لإدارة هذا الحق، لماذا ستقع لدينا مشاكل؟ إن الخلل يأتي من الحاكم إلى المقترع الذي إن اكتفى بإسقاط ورقته في الصندوق لا يكون ناخباً، وإذا عمد الحاكم إلى الكيدية، فإن الخلل واقع حتماً. فمن انتُخِب هو لإدارة شؤون الدولة وليس ليكون كيدياً مع مواطن أو قاضٍ.
وختم بالقول: «نحن مدعوون لأن نرتفع بمجتمعنا إلى صورة أفضل من تلك القائمة حالياً، وآمل أن يرتفع أكثر منا أولئك الذين سيكملون من بعدنا. نحن سنعمل على خلق تضامن في الدولة وأن نعمل جميعاً وفق المبادئ نفسها والهدف نفسه. ومطلوب منكم أن تساعدونا لتحقيق هذا الهدف، لأن أبشع ما يمكن هو أن يصفق الناس للمسؤول من دون أن يساعدوه في أي أمر. ومن الأفضل أن يختفي التصفيق وتكون هنالك مشاركة في العمل.
في مستهل اللقاء، دعا النقيب الهاشم إلى قيام دولة «عمادها رئيس الجمهورية، وحكومة فاعلة متوازنة وقادرة، ومجلس نيابي فاعل وقادر، وقضاء مستقل وحرّ، وأمنٌ حقيقي وصلب… وإذ ذاك سيشعر كل لبناني بأنه ينتمي إلى تلك البقعة المتماسكة بالوحدة الوطنية التي جعلت وتجعل من لبنان رسالة بكل ما للكلمة من معنى».
وأضاف: «لقد عانينا الأمرّين، عانينا طويلاً من الآلام، ما يكفي ليكون لنا الحق، كل الحق في أن ننتشي بعد طول انتظار، وقد غمرنا الشعور بأننا أدركنا الهدف وتحقَّق المُراد. وشدّد على أن وصول العماد عون الى سدة الرئاسة الأولى يفتح مرحلة جديدة من حياة لبنان بمعناها وبُعدها التطبيقي. فالاستقلال والسيادة والتحرّر تبقى كلمات من الحاضر فحسب، إن لم نستنفر جرأتنا لنحسن النزول بالمضامين التي تنطوي عليها إلى المستوى الأعلى. فلنحفظ الماضي، ولكن علينا، من الآن، أن نبني وإياكم مستقبل لبنان».
وختم النقيب الهاشم قائلاً: «أملنا يرنو نحو تثبيت دعائم السلطة القضائية المستقلة الفاعلة، هذا من خلال إحداث نهضة شاملة في الجسم القضائي عبر الإسراع في إنجاز تشكيلات قضائية شاملة وملاحقة الفاسدين في القضاء وفي غير القضاء. فالقانون لا تدوّل له دولة. أما الدولة فبدونه تزول. وإذا بقي فيها، فغابٌ بلا شرعة، أو شرعة من أجل غاب… فلبنان الدولة هو لبنان القانون. والقانون وحده يحفظ لبنان. والقضاء هو عنوان لبنان، بل هو سيرته اليومية في الداخل والخارج. والمساس به يسيء إلى الأمة ويُضعف الثقة فيها وثقتها بنفسها. وأمل تعزيز القضاء بالقوة الرادعة الصالحة، من خلال تفعيل دور التفتيش القضائي وأجهزة الرقابة.
بطريرك السريان الارثوذكس
وكان قصر بعبدا شهد سلسلة لقاءات سياسية وروحية وأمنية. واستقبل عون بطريرك السريان الارثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني مع وفد ضم المطارنة دانيال كورية وجورج صليبا وميخائيل شمعون، نقل الى رئيس الجمهورية تهاني أبناء الطائفة بانتخابه رئيساً، معتبراً «أن الرئيس عون حامل لواء المسيحية المشرقية المعذَّبة في شرقنا المتألم، وانتخابكم رئيساً يعكس ليس فقط الوحدة المسيحية في لبنان بل أيضاً اللحمة الوطنية اللبنانية».
وشكر عون البطريرك والوفد المرافق مؤكداً العمل من اجل المحافظة على وحدة اللبنانيين، والاهتمام بمسيحيي الشرق. وتمنى الرئيس عون انتهاء محنة المطران يوحنا ابراهيم متروبوليت حلب وتوابعها للسريان الأرثوذكس مع المطران بولس يازجي في أسرع وقت.
بعد اللقاء، تحدث البطريرك افرام الثاني فلفت الى ان وجود العماد عون اليوم على رأس السلطة اللبنانية ليس فقط للبنانيين، بل هو دعم للمسيحية المشرقية، خصوصاً هو من الذين ينادون دائماً بضرورة الحفاظ على الوجود المسيحي في المنطقة. ورأى أن «وصول الرئيس عون إلى سدة الرئاسة هو دعم للمسيحيين في العراق وسورية وسائر المنطقة. وقد تمنينا كأقليات أن نحظى في العهد الجديد على فرصة لخدمة لبنان نظراً لوجود طاقات لدينا من الشخصيات التي يمكن أن تكون في خدمة لبنان واللبنانيين». وأمل البطريرك افرام الثاني أن نشهد ولادة حكومة جديدة في القريب العاجل إضافة الى قانون انتخابي للمجلس النيابي.
والتقى الرئيس عون مطران صيدا وبيت الدين للموارنة الياس نصار الذي نقل اليه تهاني ابناء الرعيّة.
ثم استقبل رئيس الجمهورية الرئيس العام للرهبانية الأنطونية المارونية الأباتي داود رعيدي يرافقه المدبّرون الأباتي أنطوان راجح، الأب مارون بو رحال، الأب جورج صدقة، والأب ريمون هاشم، على رأس وفد من الرهبانية، نقل إليه التهاني بانتخابه.
كما عرض مع قائد الجيش العماد جان قهوجي الأوضاع الأمنية وأوضاع المؤسسة العسكرية. ونقل وفد من قيادة الجيش ضمّ رئيس جهاز المراسم في أركان الجيش للعديد العميد الركن خليل يحيى والعميد عدي شمس الدين والمقدم حمّاد حيدر دعوة الى رئيس الجمهورية لترؤس العرض العسكري الذي سيُقام لمناسبة عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني الحالي.
إلى ذلك، تلقى الرئيس عون من مطران جبل لبنان للروم الارثوذكس جورج خضر رسالة تهنئة جاء فيها: «البلد في عهدتك. احمله. الحمل ثقيل. ثم تابع: لا يجوز لك أن تستريح. احمل كل الثقل لا بعضاً منه. الكثير يريد أن يرتاح. الأول يحمل كل الثقل. هذا البلد اتكالي. هذه خطيئة كبرى. أعرف أنك تحمل الجميع وكل أوزارهم وأن الأول هو مَن يجب أن يموت عند ساعة الموت.
اعرف أن الموت هو الخروج من الخطيئة. لا نحيا إلا من موت، موت الخطيئة فينا. هذه هي الحياة الجديدة. احتفظ بوديعة هذا الوطن سالمة. احتفظ بها لأبنائها يعززونها وتنحدر على أيدي الخيّرين. كل جزء من هذا الوطن عزيز.
احتفظ بسيادة الوطن، والسيادة ما هي إلا سيادة الله عليه أولاً. عززه ليسلم إلى الأجيال كما انتقل إليك. احفظه جميلاً، عزيزاً لا يخترقه فساد ليستحق دائماً عزّته.
ومساء أبرق رئيس الجمهورية الى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب برقية أمل فيها «أن يشكل انتخاب المرشح الجمهوري دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الاميركية، فرصة جديدة للبنان وأميركا لتعزيز تعاونهما المشترك في سبيل إحقاق السلام في الشرق الأوسط ومواجهة الإرهاب والتوصل الى وضع حد للحروب والعنف عبر الطرق السلمية».