المواهب «تتفجّر» في طرابلس
عندما يصل إلى المسامع اسم مدينة طرابلس، تعود الى الذاكرة فوراً معارك باب التّبانة وجبل محسن. وكأنّ تلك المعارك فجّرت تاريخ طرابلس كلّه، وعراقتها، وتركت المآسي والآلام، وألغت الحضارة وحذفت الأحلام.
ضمن هذه الأجواء، نظّمت جمعيّة «مارش» بالتعاون مع عدد من الجمعيّات الطرابلسية، منها «جمعيّة باب التبانة»، «روح الشباب»، و«مجلس الأسواق القديمة في طرابلس»، مهرجاناً ثقافياً فنياً تحت عنوان «فجّر مواهبك cultural blast»، وذلك بدعم من السفارة الكندية في لبنان، وبرعاية وزير الثقافة ريمون عريجي، بهدف تشجيع شباب المنطقة على إطلاق مواهبهم، وإيصال أصواتهم التي كمّتها الحرب.
تنفجر المواهب بدلاً من القنابل يومَي السبت والأحد من 22 تشرين الأول حتى 13 تشرين الثاني في شارع سورية. وتصدح الموسيقى عوضاً عن أزيز الرصاص، في مهرجانٍ يجمع شباب الشمال وشاباته عموماً، وأهالي منطقتََي جبل محسن وباب التبّانة خصوصاً، يقدّمون فيه أعمالهم الفنية من موسيقى، مسرح، رسم، غرافيتي وغير ذلك.
شارك في المهرجان عدد من الفنانين منهم جورج خباز، الذي ساهم في التحضير للعروض المسرحية، وكذلك وسام سعد، ميشال أبو سليمان، رنين الشعّار، يوري مرقدي، حبيب آلبرتو، وجويس فيّاض.
أما هذا السبت 12 تشرين الثاني ، فيحتفل المهرجان بـ«اليوم العالمي»، وتشارك فيه الدول التالية: كندا، فنزويلا، إسبانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، فلسطين واسكتلندا، عبر تقديم أطباقٍ تراثية وشعبية، وإحياء بعض العادات الثقافية، ضمن إطار تعزيز التبادل الثقافي بين الدول. كذلك تقدم فرقتا «straight Outta طرابلس» و«غرباء» من عكار، عروضاً موسيقية،
ويُختَتم المهرجان يوم الأحد بعرض مسرحيّ للأطفال من مسرح «خيال الظلّ»، لجمعية «بسمة وزيتونة»، وأداء موسيقي لفرقة «نسيج».
تجدر الإشارة إلى أن جمعية «مارش» برئاسة لينا بارودي، بدأت مشاريعها في طرابلس منذ عام 2015 بعد انتهاء المعارك بين باب التبانة وجبل محسن، فأنتجت مسرحية تحوّلت في ما بعد إلى فيلم وثائقيّ «حبّ وحرب عَ السطح»، من تمثيل عددٍ من أبناء جبل محسن وباب التبانة تتراوح أعمارهم بين 16 و25 سنة، ويروي الفيلم حكاية شباب تحاربوا خلال الاشتباكات، وتلاقوا بعد انتهاءها، ليكتشفوا أن لديهم المشاكل والمخاوف نفسها، وليسوا مختلفين.
كذلك افتتحت الجمعية مقهى «قهوتنا» في «شارع سورية» حيث كانت خطوط تماسّ الاشتباكات، في محاولة لدمج أبناء المنطقتين في مساحة مشتركة. ويستضيف «قهوتنا» على مسرحه، مهرجان «فجّر مواهبك»، إضافة إلى نشاطات ثقافية وفنية متنوّعة من تمثيل وموسيقى راب ورسم وغير ذلك.
طرابلس، المدينة التي في فقرها كريمة وفي كبريائها متواضعة، حيث القلوب الطيّبة والشعب المضياف، مرفأ الحضارات، حيث يتمازج الماضي مع الحاضر، تبقى صامدة رغم الصعاب، ومفعمة بالحياة والمهرجانات.