الأديبة كوثر خليل تدخل عالم الرواية وتعتبرها الأكثر قدرة على التعبير
دمشق ـ محمد الخضر وسامر الشغري
تدخل الأديبة الشابة كوثر خليل عالم الرواية بخطى واثقة، منذ روايتها الأولى الصادرة حديثاً «رجل فوق السحاب»، لتجد في الرواية عملاً ثقافياً يعكس واقع المجتمع، فهي الأقدر على التعبير عمّا يجول في النفس. تقول: أقدمت على كتابة الرواية رغم معرفتي المسبقة بأنها خطوة ليست سهلة وتحتاج إلى الكثير من المعرفة والتأني وتراكم الثقافات، لذا عمدت إلى قراءة العديد من تجارب الكتاب العرب والعالميين الروائية مثل أحلام مستغانمي وممدوح عزام وابراهيم نصر الله وماريو فارغاس يوسا وبلزاك وماركيز، ووجدت أنني قادرة على صوغ ما هو بداخلي مثلما يصوغ أولئك الكتاب والأدباء ما في دواخلهم. ورغم أنني أكتب النص المنثور، فضلت نشر الرواية، فالنثر يحتاج إلى تأن ليتمكن من فرض حضوره، إضافة إلى أن القاعدة الشعبية للقراء تفضل دوماً الأجناس الأدبية على النثر، وهذا ينعكس على تعامل دور النشر مع الكتاب والأدباء ونشر ما لديهم من أعمال».
ترى الأديبة الشابة أن الرواية أثبتت وجودها على صعيد الحضور الأدبي وتمكنت من تخليد مراحل الحياة وتوثيقها، وإن خضعت معظم الأحيان لرؤية الكاتب وسلوكه الفني والأدبي والتربوي. وتوضح أنها اعتمدت في روايتها الأولى على الأسلوب السردي الذي تطغى عليه اللغة الشعرية، نتيجة تأثرها ببعض الكتاب الذين سلكوا هذا الاتجاه، خاصة أحلام مستغانمي، فاللغة التي يستخدمها الروائي هي أكثر الأدوات قدرة على خلق رابط عاطفي بين النص والمتلقي، إضافة إلى تأثرها بالكاتبة ايزابيل الليندي، ما أضاف لديها قدرة على السرد.
تعالج خليل في روايتها القضايا الاجتماعية الناجمة عن تداعيات الأزمة وما تفرضه الظروف من حالات قاسية تباعد ما بين الأحبة وتفكك العلاقات الاجتماعية، معتبرة أن العلاقات العاطفية في العمل الروائي ينبغي أن تخدم سياق الحوادث لا أن تحشر فيها ومن دون أن تخل بمستوى العمل الأدبي.
حول الأسلوب الذي اعتمدته في بناء الرواية تقول خليل: «اعتمدت في أسلوبي الروائي السرد على حساب الأسس الأخرى المكونة للرواية، رغم وجودها، إذ كنت أرغب في الإلمام بمعظم الجوانب التي تحرك الأبطال، وفي النتيجة يظل المستوى الفني للرواية الأهم وإن تكن ثمة مقومات تتنامى على حساب أخرى. إن الكتابة عمل انقلابي وثوري، حتى لدى المرأة، وكثيراً ما تكون الكاتبة في حياة اجتماعية مغلقة تعيش عادات وتقاليد موروثة تضع أمامها محرمات تحظر عليها تجاوزها، لكن الكاتبة عندما تتناول قضايا المجتمع سوف تخترق المحظورات وتتجاوز المحاذير وتأتي بالنتائج التي تراها مناسبة من وجهة نظرها. والعمل الأدبي الذي يتجاوز العادات يكون صحيحاً وناجحاً في حال اعتمد الكاتب ثقافات سليمة وقدم خلاصة إيجابية عن الرواسب المغلوطة، ما يؤهله للعب دور ريادي ومهم في مجتمعه. في وسع الكاتب ألاّ يكتفي بالسلبيات، بل يمكنه أن يشير إلى ما في المجتمع من علاقات اجتماعية إيجابية ومتطورة تواكب الحضارة، وعليه أن يجد السبل التي تمجد هذه الإيجابيات وتسعى إلى تعزيزها وتعميمها من غير أن يشعر القارئ بانحياز الكاتب إلى هذه الفكرة دون سواها».
من خلال محيطها، فضلاً عن تشجيع الأهل، امتلكت خليل أدوات الكتابة والنشر، فما لم تجد الموهبة محفزا قد تختفي من نفس صاحبها ليحرم المجتمع من موهبة واعدة قادمة.
عن الرواية السورية تقول خليل: «إن الرواية في بلادنا تجاوزت كثيراً من الآداب الأخرى وحصدت الجوائز عربياً وعالمياً، وثمّة هناك كتاب يعطون دفعاً للأدباء الشباب مثل الروائي حسن حميد في رواياته وأهمها «جسر بنات يعقوب» ورواية «صخرة الجولان» للدكتور علي عقلة عرسان وسواهما». متمنيّة على المؤسسات السورية أن تساهم المزيد في استقطاب الروائيين الشبّان، فسورية التي كانت منبع الحضارة وبداية الأبجدية تملك رصيداً ثقافياً وأدبياً لا مثيل له ولا ينقصه سوى الاهتمام بالمواهب الواعدة.
تختم قائلة: «لكون أعزف الأكورديون والبيانو، أرى أن ثمة علاقة تماثل بين العزف والكتابة، عبر الإحساس فحسب، إلا أن الوسائل التعبيرية تختلف بينهما، ولا ضير في اعتبار العزف قيمة ثقافية عليا تنافس الأدب وتصل إلى مستواه، فأنا أعبر عن كثير من خلجات روحي حين أعزف مقطوعة موسيقية».