فشل المبعوثين الأمميين
حميدي العبدالله
لم يسجل في تاريخ الأمم المتحدة، ولا سيما بعد انتهاء الحرب الباردة، أن سجل أيّ مبعوث للأمم المتحدة إلى مناطق النزاع نجاحاً في تحقيق المهمة التي أوكلت له.
المبعوث الأممي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد سجل فشلاً واضحاً في أحدث جولة له بعد زيارته إلى صنعاء. وقد اتهم من قبل اليمنيين المناهضين للرئيس عبد ربه منصور هادي بالانحياز إلى جانب «التحالف العربي» الذي شنّ حرب «عاصفة الحزم» والمستمرة منذ أكثر من سنة وثمانية أشهر.
المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا سجل هو الآخر فشلاً واضحاً في أداء أيّ دور إيجابي، ولم يتمكن من تحقيق خفض لمستوى العنف حتى في بعض المواقع التي كانت أطراف الصراع لديها بعض الاستعداد للوصول إلى هذه الغاية، ولكن دور المبعوث الأممي كان سلبياً وأجهض محاولات كثيرة في حلب وفي حمص، وحتى في المناطق التي نجحت فيها عمليات خفض مستوى العنف، كانت هذه العمليات بعيداً عن أيّ دور للأمم المتحدة، كما حدث في قدسيا والهامة والمعضمية، ومناطق أخرى مثل برزة والقابون وبيت سحم في الغوطتين، الشرقية والجنوبية.
في ليبيا، كلّ الاتفاقات التي تمّ التوصل إليها عبر المبعوث الأممي، باءت بالفشل وعاد العنف والصراع الدموي إلى ما كان عليه في السابق، بل إنّ كثيراً من الأطراف أكدت أنّ ارتفاع مستوى العنف كان بسبب سياسة ومبادرات المبعوث الأممي.
إذن الفشل كان ملازماً بصورة دائمة لمبعوثي الأمم المتحدة، فما هي أسباب هذا الفشل؟
أولاً، مبعوثو الأمم المتحدة إلى مناطق الصراع في فترة ما بعد الحرب الباردة كانت الولايات المتحدة عبر هيمنتها على الأجهزة المختلفة للأمم المتحدة هي التي تقوم بتسميتهم، وهم بناءً على ذلك ملتزمون بتنفيذ سياسة الولايات المتحدة أكثر من أيّ شيء آخر، وكلّ مبادرة قد تقود إلى الاصطدام مع رؤية ومصالح الولايات المتحدة لا يمكنهم العمل من أجلها حتى وإنْ كانت هذه المبادرة هي السبيل الوحيد للخروج من الأزمات.
ثانياً، لأنّ المبعوثين الأمميين ملتزمون بالدفاع عن مصالح الولايات المتحدة قبل كلّ شيء آخر، ولأنّ الولايات المتحدة عادةً ما تكون مع طرف ضدّ طرف آخر في الأزمات المختلفة، فالنتيجة تكون واضحة، أيّ فقدان هؤلاء المبعوثين للقدرة على إنتاج حلول تستجيب لمصالح الأطراف المنخرطة في الصراع، الأمر الذي يسهّل الوصول إلى الحلول.