الأسد: إنْ كان ترامب سيحارب الإرهابيين فإننا سنكون حلفاء طبيعيين له مع الروس والإيرانيين

أكد الرئيس السوري بشار الأسد أنّ «الوضع الذي تواجهه سورية الآن أشبه بحرب دولية ضدّها وأنّ الخيار الوحيد أمامنا هو الانتصار على الإرهاب»، مبيّنا أنّ استخدام الإرهاب أو الجهاديين أو المتطرفين لخدمة أيّ أجندة سياسية «أمر غير أخلاقي»، مشيراً الى أنّ «محاربة الإرهاب في سورية لا تصبّ في مصلحة سورية أو الشعب السوري وحسب بل هي في مصلحة الشرق الأوسط وأوروبا نفسها، وهذا أمر لا يراه العديد من المسؤولين في الغرب أو لا يدركونه أو أنهم لا يعترفون به».

وقال الرئيس الأسد في مقابلة مع التلفزيون البرتغالي حول التوقعات من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب «ليس لدينا الكثير من التوقعات لأنّ الإدارة الأميركية لا تتعلق بالرئيس وحده، بل تتعلق بقوى مختلفة داخل هذه الإدارة، مجموعات الضغط المختلفة التي تؤثر على الرئيس ولذلك علينا أن ننتظر ونرى عندما يبدأ مهمته الجديدة أو يتسلّم مهام منصبه داخل هذه الإدارة كرئيس بعد شهرين، لكننا نقول دائماً إنّ لدينا تمنيات بأن تكون الولايات المتحدة غير منحازة وتحترم القانون الدولي ولا تتدخّل في الدول الأخرى في العالم وبالطبع أن تتوقف عن دعم الإرهابيين في سورية».

ورداً على سؤال حول ما إذا كان مستعداً للعمل مع ترامب في مكافحة داعش، وذلك بعدما أبدى ترامب استعداده لمحاربة داعش؟ أجاب الأسد: «بالطبع، أقول، إنّ هذا واعد، لكن هل يستطيع تحقيق ذلك؟ هل يستطيع أن يمضي في ذلك الاتجاه؟ ماذا عن القوى المهيمنة داخل الإدارة؟ ماذا عن وسائل الإعلام الرئيسية التي كانت ضدّه؟ كيف سيستطيع التعامل معها؟». مضيفاً: «لهذا، بالنسبة لنا لا يزال موضع شكّ ما إذا كان سيتمكن من الوفاء بوعوده أم لا، ولهذا نحن حذرون جداً في الحكم عليه، خصوصاً أنه لم يشغل أيّ منصب سياسي من قبل، ولهذا لا نستطيع أن نقول شيئاً عما سيفعله، لكن إنْ، وأقول إنْ كان سيحارب الإرهابيين، فإننا سنكون حلفاء طبيعيين له في ذلك الصدد، مع الروس والإيرانيين، والعديد من البلدان الأخرى التي تريد إلحاق الهزيمة بالإرهابيين».

وشدّد على أنه «سيتعاون مع الأميركيين في الحرب ضدّ الإرهابيين، لأننا عانينا أكثر من أيّ طرف آخر في العالم من الإرهاب، فإذا كانوا صادقين وإذا كانت لديهم الإرادة والقدرة، بالطبع»، مشيراً الى انه «عندما تتحدّث عن التعاون، فإنّ هذا يعني التعاون بين حكومتين شرعيتين، وليس التعاون بين حكومة أجنبية أو أيّ فصيل داخل سورية، إنّ أيّ تعاون لا يمرّ عبر الحكومة السورية غير قانوني، وإذا لم يكن قانونياً، فلا نستطيع القيام به، ولا نعترف به ولا نقبله».

وأضاف: «الأميركيون يعتقدون أنهم شرطة العالم، يعتقدون أنهم قضاة العالم، إنهم ليسوا كذلك، إنهم بلد ذو سيادة، وبلد مستقلّ، لكن هذه حدودهم، لا ينبغي أن يتدخلوا في أيّ بلد آخر، بسبب هذا التدخل على مدى الخمسين عاماً الماضية، فإنهم جيدون جداً في خلق المشاكل وحسب، وليس في حلّ المشاكل. هذه هي مشكلة الدور الأميركي، ولهذا قلت، إننا لا نعلق آمالاً كثيرة على الإدارات المتغيّرة، لأنّ هذا هو الحال منذ أكثر من خمسين عاماً، وإذا أرادوا الاستمرار في السياسة نفسها المتمثلة في خلق المشاكل في سائر أنحاء العالم، فما عليهم إلا مواصلة ما يفعلونه، وهو التدخل في شؤون الدول الأخرى».

وأشار الى انه «في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب، نحن مستعدّون للتعاون مع أيّ جهة في هذا العالم دون شروط. هذا هو جوهر سياستنا، ليس اليوم، ليس بالأمس، بل منذ سنوات، حتى قبل الحرب على سورية، كنا دائماً نقول هذا»، مضيفاً «في الثمانينيات، طالبنا بتحالف دولي ضدّ الإرهاب بعد أزمة الإخوان المسلمين في سورية، عندما بدأوا بالقتل، وبالطبع هزموا حينذاك، والآن نطالب بالشيء نفسه. وبالتالي، فإنّ هذه سياسة بعيدة المدى، وهذا ما تستند إليه سياستنا منذ سنوات».

وبالنسبة الى حلب أشار الأسد الى انّ «الجزء الشرقي من المدينة يحتله الإرهابيون منذ ثلاث سنوات، حيث يستخدمون المدنيين دروعاً بشرية، من جانبنا، كحكومة، لدينا مهمتان، المهمة الأولى هي محاربة أولئك الإرهابيين لتحرير تلك المنطقة ومدنييها منهم، وفي الوقت نفسه محاولة إيجاد حلّ لإخلاء تلك المنطقة من الإرهابيين، إذا قبلوا ما يمكن تسميته خيار المصالحة، وهو إما أن يسلّموا أسلحتهم مقابل العفو أو يغادروا المنطقة»، مضيفاً «الأمر الآخر الذي فعلناه كحكومة هو فتح ممرات يغادر عبرها المدنيون تلك المنطقة، وفي الوقت نفسه تدخل القوافل الإنسانية والمساعدات من تلك الممرات داخل ذلك الجزء من حلب، إلا أنّ الإرهابيين رفضوا علناً أيّ حلّ وأرادوا المحافظة على الوضع كما هو».

وتابع الأسد «يمكننا القول، إننا كسبنا الحرب فقط عندما نستعيد الاستقرار في سورية، لا تستطيع التحدث عن كسب الحرب طالما هناك قتل وتدمير بشكل يومي، إنّ هذا لا يعني أننا نخسر الحرب، فالجيش يحقق تقدّماً جيداً، وبشكل يومي، ضدّ الإرهابيين الذين لا يزالون، بالطبع، يتلقون الدعم من تركيا وقطر والسعودية وبعض الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة، لكن الخيار الوحيد أمامنا هو الانتصار، إذا لم ننتصر وكسِب الإرهابيون الحرب، فعندها لن يكون هناك وجود لسورية».

وشدّد على أنّ «حزب الله، وإيران وروسيا في سورية لأنّ بوسعهم تقديم مساعدة أساسية ومهمة، لأنّ الحرب التي نخوضها الآن، أو لنقل الوضع الذي نواجهه الآن لا يتعلق فقط ببضعة إرهابيين من داخل سورية، إنها أشبه بحرب دولية ضدّ سورية»، متابعاً: «لقد تلقى أولئك الإرهابيون الدعم من عشرات الدول الأجنبية، وبالتالي، فإنّ سورية بمفردها ما كانت لتستطيع مواجهة هذا النوع من الحروب دون مساعدة أصدقائها، ولهذا السبب فإنّ وجودهم ودعمهم كان أساسياً جداً»، معتبراً انّ «روسيا مهمة جداً، وإيران مهمة جداً وحزب الله مهم جداً، جميعهم مهمّون، وكلّ منهم حقق إنجازات مهمة ضدّ الإرهابيين في سورية، وبالتالي يصعب القول، من أكثر أهمية من الآخر».

ورداً على سؤال حول الدور الروسي في سورية، قال الرئيس الاسد: «الجزء الأكثر أهمية من هذا الدعم هو الدعم الجوي، وهو دعم جوهري جداً، لديهم قوة نيران قوية جداً، وفي الوقت نفسه هم المزوّدون الرئيسون لجيشنا منذ أكثر من ستين عاماً، إنّ جيشنا يعتمد على الدعم الروسي في مختلف المجالات العسكرية».

وأكد اننا «أحرار تماماً، ليس جزئياً، بل أحرار تماماً في كلّ ما يرتبط بمستقبل سورية»، لافتاً الى أنّ «الروس يبنون سياساتهم دائماً على القيم، وهذه القيم هي سيادة الدول، والقانون الدولي، واحترام الآخرين والثقافات الأخرى، وبالتالي، فإنهم لا يتدخلون بأيّ شيء يتعلق بمستقبل سورية أو الشعب السوري».

ورداً على سؤال بشأن إمكانية التعاون مع الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الذي أعلن أنّ السلام في سورية أولوية، أعرب الأسد عن استعداد سورية للتعاون بأيّ طريقة لتحقيق الاستقرار فيها، آخذين بالاعتبار مصلحة البلد وإرادة الشعب السوري، موضحا أنّ «الأمم المتحدة ليست الأمين العام رغم أنّ منصبه مهمّ وأنّ ما نتوقعه من مسؤول جديد في منصب الأمين العام أن يكون موضوعياً في أيّ تصريح يطلقه بأيّ صراع في العالم بما في ذلك سورية، وألا يحوّل منصبه إلى فرع لوزارة الخارجية الأميركية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى