التظاهرات الأميركية: ماذا بعد؟
حميدي العبدالله
لا تزال التظاهرات الاحتجاجية ضدّ فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية تعمّ غالبية، إنْ لم يكن جميع الولايات المتحدة الأميركية. ولكن السؤال الأهمّ ماذا بعد هذه التظاهرات؟ هل تقود إلى منع ترامب من تسلّم سلطاته الدستورية؟ هل تقود إلى انفصال بعض الولايات مثلما دعت بعض الشعارات التي رفعت في كاليفورنيا؟
لا شك أنّ موجة التظاهرات لن تتوقف في وقت قريب، وقد تلازم عهد دونالد ترامب طيلة السنوات الأربع المقبلة، وقد تؤدّي إلى ولادة حركة احتجاج دائمة تشبه الحركة التي نظمها السود في عقدي الخمسينات والستينات من القرن الماضي لنيل حقوقهم، وقد تصبح هذه المظاهرات أكثر اتساعاً وعنفاً مما هي عليه الآن إذا أصرّ ترامب على وضع خطابه الانتخابي موضع التنفيذ أثناء وجوده في البيت الأبيض، ولا سيما ذلك المتعلق بالموقف من المهاجرين والملونين، وهذا ما قد يؤدّي إلى حال من عدم الاستقرار قد يدفع نحو سيناريوات غير مألوفة وغير محتملة حتى الآن، ومن بينها إبعاد ترامب عن البيت الأبيض، أو نشوء حال من القمع الشديد، لا سيما أنّ ترامب يحظى بدعم وتأييد غالبية البيض.
أما احتمال انفصال ولايات مثل كاليفورنيا، فإنّ هذا الاحتمال غير وارد على الإطلاق، فالحكومة الاتحادية لن تسمح بذلك مهما كلف الأمر، إذ من المعروف أنّ تشكيل الولايات المتحدة جاء كخلاصة لحرب أهلية رفضت من خلالها النخبة الحاكمة السماح بقيام دول عديدة في المناطق التي تشكل الآن الولايات المتحدة، ومن غير المستبعد أن يتمّ اللجوء مرة أخرى إلى الحرب إذا اقتضى الأمر للحفاظ على صورة الدولة الأميركية الحالية.
في مطلق الأحوال أنّ السيناريو المرجح هو أن تدخل الولايات المتحدة حقبة جديدة سمتها الأساسية الاضطراب السياسي الشديد. لكن احتمال عودة الاستقرار على قاعدة تراجع ترامب عن بعض طروحاته الانتخابية، ولا سيما التي هي موضع سجال حادّ بين الأميركيين، ونجاحه في تحقيق بعض الإصلاحات، أيضاً هو سيناريو آخر لا يمكن استبعاده، لا سيما إذا نجح ترامب في الحدّ من التورّط العسكري الأميركي في حروب خارجية استنزفت الاقتصاد الأميركي، وكان لها دور كبير في خلق الأزمة الحالية التي قادت إلى وصول ترامب إلى البيت الأبيض.