رحيل الرفيق متري التبشراني
تسنى لي في الستينات من القرن الماضي ان اتردد كثيراً الى اسواق الطويلة، اياس، سيور، وغيرها من اسواق وسط بيروت، هذا الذي كانت تغمره الحركة الاقتصادية، التجارية، والمصرفية، ودعي بحق قلب العاصمة النابض بالحياة.
كنت موظفاً في «بنكو دي روما» على بعد عشرات الامتار من تلك الاسواق، وكان لنا فيها رفقاء واصدقاء يملكون المتاجر او يعملون فيها وفي المصارف المنتشرة في محيط باب ادريس، وشارع رياض الصلح، المعتبر شارع المصارف، وما زلتُ اذكر محلات الرفقاء نقولا بارودي، راغب حداد، ادمون حايك، الامين الياس سمعان، والمحلات التي كان يديرها الرفيقان ميشال صباغة، فريد خزعل والمواطن نقولا صباغة قبل ان يؤسسوا أعمالاً ناجحة.
واذا كان الرفيق ادمون حايك كان يحتلّ حضوراً لافتاً، ومحله في المنطقة الفاصلة بين سوق الطويلة وسوق اياس مرجعاً للعديد من الرفقاء، فان محل الرفيق متري التبشراني في سوق اياس، لم يكن اقلّ منه حضوراً ومرجعاً.
لا اذكر اني مررتُ يوماً الى محل الرفيق ادمون حايك الا وتابعت سيري الى محل الرفيق متري تبشراني، وبينهما محلات الصوف الشهيرة باسم نبيل، للمواطن نبيل عبد النور واشقائه سهيل وسمير وابراهيم وصولاً الى محل الصديق ميشال بارودي المجاور لجريدة «النهار» قبل ان تنتقل الى شارع الحمراء، وفيه يعمل المواطن الصديق فؤاد نقولا حبيب 1 فالى بنك الريف فازور الرفيق سامي الصايغ، والى مكاتب الرفيق رجل الاعمال، رجا بارودي.
ولا انسى ايضاً كم مررت الى سوق «سيور»، متفقداً الرفيق زكريا لبابيدي 2 في مطبعته، والرفيق مهيب سماره 3 في محله.
منذ ذلك الوقت وانا على علاقة صداقة بالرفيق متري. ارتاحُ إليه واتعاطى معه دائماً بالمحبة، واثقاً بما في اعماقه من مزايا النهضة.
في سنوات الحرب المجنونة دمّرت تلك الأسواق، وتفرّق اصحاب المحلات، منهم من غادر الوطن، كالرفيقين ادمون حايك وميشال صباغة، وآخرون انتقلوا الى الاشرفية ليؤسسوا محلات تجارية في احد الشوارع المعروفة المجاورة لكنيسة السيدة. كنت ازورهم من حين الى آخر فألتقي الرفقاء متري تبشراني، فريد خزعل 4 ، سامي فاضل وغيرهم.
الرفيق متري تبشراني الرابع الى اليمين جلوساً، خلال حفل تكريمي اقامته منفذية بيروت،+
لرفقاء استمروا في النضال رغم تقدمهم بالعمر، وذلك في فترة تولي الامين توفيق مهنا لمسؤولية منفذ عام.
هذا على صعيد علاقتي الشخصية بالرفيق متري تبشراني. اما على الصعيد الحزبي فالرفيق متري استمر على مدى كلّ سنوات الحرب وما تبعها، طوداً قومياً اجتماعياً. فما عرف تخاذلاً ولا جبناً واستمرّ نابضاً بحياة الحزب، مجاهراً بإيمانه.
لا أذكر انّ مركز الحزب، او منفذية بيروت، تداولا بشأن ايّ عمل حزبي في الاشرفية الا وكان الرفيق متري تبشراني في صميم هذا التداول، كما لا أذكر انه جرت مراسم تشييع لأيّ من الرفقاء في تلك السنوات الصعبة الا وكان للرفيق متري حضوره ومشاركته.
دائماً كان قومياً اجتماعياً يشعّ بمناقب النهضة، ويذيع عقيدة الحزب في اي مكان تواجد فيه.
بعد تلقيه خبر رحيل الرفيق متري اتصل بي من فرنسا الرفيق ربيع ادمون حايك، الذي عرف الرفيق متري جيداً. كان حزنه على رحيل الرفيق متري بادياً في كلّ كلامه. قال، نقلاً عن والده الرفيق ادمون انّ حملة تبرعات كانت جرت مع الرفقاء التجار لتمويل الحركة الانقلابية.
آخرون تبرعوا بمئات الليرات. وحده الرفيق متري قدم آلافاً عديدة. كان سخياً ومتفانياً وحاضراً لكلّ واجب حزبي.
الأشرفية في تاريخ الحزب
شهدت منطقة الاشرفية حضوراً حزبياً لافتاً. ليس فقط لجهة انه تأسست 5 مديريات فيها، انما لانّ أبناء من كافة عائلاتها انتموا الى الحزب. عن هذا شرحت في محاضرة قدمتها بطلب من مديرية عائشة بكار وطبعت في كراس، واقترح لمن يرغب الاطلاع على الحضور القومي الاجتماعي اللافت في الاشرفية ان يعود اليها 5 .
سيرة ذاتية:
الاسم الكامل: متري سليم تبشراني
الام: لوريس عرموني
مواليد الاشرفية بتاريخ 01/01/1935
انتمى الى الحزب في 01/01/1952
شهود القسم: الرفيقان حليم بجاني وعوض رومية.
خسر زوجته، وبقي ارملاً.
منح وسام الواجب في 03/03/2016
منح وسام الثبات في 13/11/2010.
هوامش:
1 – فؤاد حبيب: شقيق الرفيق رفيق حبيب، الذي عُرف جيداً عند توليه ادارة جريدة «لسان الحال».
2 – زكريا لبابيدي: للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى قسم «من تاريخنا» على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية
www.ssnp.info
3 – مهيب سمارة: من الكيان الشامي. تحدث الرفيق اياد موصللي في أكثر من مكان في كتابه انطون سعاده.. ماذا فعلت عن المواقف الجريئة للرفيق مهيب قبل وبعد احداث المالكي.
4 – فريد خزعل: كان واسطة انتمائي الى الحزب. لمراجعة الكلمة التي نشرتها عنه الدخول الى الموقع المشار إليه آنفاً.
5 – مراجعة الكثير مما كتب عن الحزب في الاشرفية في قسم «من تاريخنا» على الموقع المذكور آنفاً.