من حلب إلى الرقة… يد أوباما تتطاول ولسان بوتين: حاضرون

د. محمد بكر

من الطبيعي أن لا يسمع الوزير وليد المعلم كلاماً من المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا حول تحديد موعد لاستئناف الحوار السوري السوري، وكلّ دلو الرجل أيّ دي ميستورا هو إعادة ذات الطرح الذي عرضه سابقاً لجهة إدارة ذاتية في شرق حلب، إذ لطالما تحشد إدارة أوباما كلّ ثقلها وهي تستعدّ للمغادرة لمواجهة جملة ما رسخه خصومها من مشاهد غير سارة بالنسبة لها، ولا سيما في الميدان الحلبي، وكلّ الكلام التوافقي الذي أبداه أوباما مع بوتين على هامش قمة التعاون الاقتصادي «أيبك» لجهة استئناف التعاون السياسي بين الجانبين لإيجاد حلول للحرب السورية هو في إطار الحديث اللحظي العابر، فتصاعد العمليات العسكرية الروسية خلال اليومين الماضيين في حلب والتحضير لهجوم بري واسع لاستعادة المدينة، وتقدم قوات درع الفرات بالمقابل المدعومة من تركيا وتوسعها ميدانياً في المنطقة بحسب صحيفة «نيزافيسمايا غازيتا» الروسية، وتراجع القوات الكردية إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات استعداداً لموقعة الرقة، كلّ تلك المشاهد تشي بالضرورة عن سيناريو تصادمي قد يتجاوز في صورته الاعتيادية المجسّدة للاشتباك بين دمشق وحلفائها ضدّ الفصائل المسلحة العاملة في الميدان السوري، فاللعب الأميركي بالورقة الكردية واستخدامها لحصار الرقة، ومن ثم الإتيان بالبعد التركي كما قال وزير الخارجية المعلم، كله يأتي في اعتقادنا في إطار سعي واشنطن لصياغة وقائع ميدانية ضاغطة على الأرض تعيق تسارع وتيرة العمليات العسكرية الروسية من جهة، وتخلط المشهد وتعقد من تشابكاته الميدانية لتصنيع ناتج مثالي ينطلق منه ترامب مرغماً ، على قاعدة البناء على سياسة أوباما وليس نسفها.

البروفيسور «الإسرائيلي» ايال زيسر كتب في صحيفة «إسرائيل اليوم»: «بوتين يستعدّ لفرض حقائق على الأرض قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض، والأخير أبدى استعداده للتعاون مع روسيا، وحتى مع بشار الأسد، لقتال الراديكالية الإسلامية، ولكن في الوقت الذي سيصل فيه ترامب إلى سدة الرئاسة سيقول لبوتين إنّ رئيساً واحداً موجود يجلس في البيت الأبيض وليس في الكرملين، وروسيا تعوّل على قدرتها على ردع الخصم من المواجهة معها وقد فازت في كلّ ميادين المعركة مع واشنظن، وكلّ ما تبقى أن يتعلم ترامب، هذه الحقيقة الأساسية».

الفترة المقبلة إلى حين وصول ترامب ستكون حافلة بالأحداث وصور الكباش، السؤال فيها كيف ستقولب موسكو سياسياً جملة من الوقائع سواءً في جبهة حلب وتحديداً مع التركي الذي تتجاوز أهدافه وتقدّمه باتجاه مدينة الباب، هدف إحداث شرخ فقط بين عفرين وعين عرب، ولا سيما في ميزان دمشق، إذ وجد الأسد في أردوغان رجلاً مريضاً ومصاباً بداء جنون العظمة، وماذا عن الورقة الكردية التي تعمل واشنطن على مراكمتها والاستثمار في حضورها اللوجستي في مدينة الرقة. وكيف سيكون شكل الميدان وملامح تطوراته إلى حين تسلّم ترامب الذي لا يمكن أن نستقرئ شكل الأرضية الذي سينطلق منها إنْ كانت على قاعدة التقاسم التوافقي أو تغيير مسارات الإدارة السابقة لكن من دون تغيير الهدف.

في حلب وصولاً إلى الرقة تغدو اليد الأميركية أكثر إيغالاً وتطاولاً في تشكيل وصياغة «الأوراق الانتقامية» من «فرعنة الروس»، في كباشٍ من العيار الدولي المصفى على أرض الشام.

كاتب صحافي فلسطيني مقيم في ألمانيا

Dr.mbkr83 gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى