الاستقلال… فعل مقاومة وثقافة تحرّر وقوانين عصرية

معن حمية

اليوم، هو عيد استقلال لبنان الذي أُعلن في 22 تشرين 1943 وأصبح ناجزاً في 31 كانون الأول 1946 بعد اندحار آخر جندي أجنبي عن أرض لبنان. ولهذا الاستقلال معانٍ كثيرة، عندما يوضع في سياقه الطبيعي، فهو بالتأكيد نتاج إرادة شعبية رفضت بقاء المستعمر الأجنبي على أرضنا، ومارست فعل المقاومة لدحره.

واليوم، إذ نحيي الذكرى الـ 73 للاستقلال، فإنّ السؤال الذي لا بدّ من طرحه، هل لبنان خرج فعلاً من تحت نير الاستعمار؟ وماذا عن أنظمته وقوانينه التي لا تزال من مخلفات الاستعمار؟

حتى اليوم، لا يبدو أنّ الاستقلال اكتسب معانيه الحقيقية، ولا ترسّخت لدى عموم اللبنانيين ثقافة وطنية كاملة، فما يتمّ التركيز عليه هو فعل الاعتراض السياسي على الاحتلال الأجنبي، في حين يغيب التركيز على فعل المقاومة الشعبية التي أحد أبرز مظاهرها، الشهيد البطل سعيد فخر الدين الذي واجه الدبابات الفرنسية في بلدة عين عنوب وارتقى شهيداً، ليظفر بالشهادة ويكون شهيد الاستقلال الأول والأوحد.

واللافت أنه وبعد 73 عاماً على استقلال لبنان، لا يزال الجدول الرسمي لتكريم رجالات الاستقلال في دولة الاستقلال، خالياً من اسم الشهيد القومي سعيد فخر الدين، ما خلا مبادرات تكريمية يقوم بها رئيس الجمهورية اللبنانية!

نحن لسنا ضدّ تكريم كلّ رجالات السياسة الذين سجل الاستقلال بأسمائهم، لكننا بالتأكيد مع إعادة قراءة تاريخية لكلّ الوقائع التي سبقت الاستقلال وأسّست له، وأيضاً استعراض النهج الذي سار عليه كلّ واحد من رجالات الاستقلال وتاريخه وارتباطاته، حتى نصل إلى الحقيقة الكاملة للاستقلال، ويتعرّف الناس إلى هوية من قدّم دمه في سبيل هذا الاستقلال، وإلى من ركب موجة الاستقلال وحجز مقعداً له في قائمة المكرّمين.

هي قراءة مطلوبة، لأنه في واقعنا الراهن صارت الوطنية انتساباً يستطيع غير الوطنيين أن يكتسبوها!

وفي واقعنا الراهن، هناك بعضُ مَن يعتبر أنّ صنع الاستقلال لم يتطلّب نضالاً ولا مقاومة، وجاء على طبق من المهادنة والتسليم بشروط الأجنبي، وبالتالي فإنّ هذا «البعض» يرى أنّ تحرير أرضنا من العدو «الإسرائيلي» يجب أن يتمّ عن طريق المهادنة والحياد والضعف!

القراءة مطلوبة وضرورية، من أجل الحقيقة ومن أجل إعادة الاعتبار لثقافة المقاومة، فلا يُطمس نضال اللبنانيين ومقاومتهم التي طردت الاحتلال الفرنسي وصنعت الاستقلال.

في الواقع اللبناني الراهن، لا زال المستعمر حاضراً في تركيبة نظامنا السياسي الطائفي المذهبي وهو نظام ولاّدة للانفجارات والأزمات.

في الواقع اللبناني الحالي، لا يزال لبنان موغلاً في الفساد والارتهان، قاصراً عن ولوج الإصلاح الحقيقي، وفاقداً للإجماع على ثقافة المقاومة، وبعض اللبنانيين يتباهَون بأنهم يدورون في فضاء الأجنبي، فضاء يغطي بمداه الكيان الصهيوني.

إن معنى الاستقلال الحقيقي هو بإجماع اللبنانيين على ثقافة الوطنية والمقاومة، وأن تكون لهم إرادة واحدة، وهدف واحد ويعملون للمصلحة الوطنية، ويرفضون الترقيع في النظام السياسي الطائفي ويعملون لأجل نظام مدني ديمقراطي عماده قانون انتخابات عصري يحقق صحة التمثيل.

الآن هناك فرصة، وهناك رئيس للجمهورية في لبنان. هذا الرئيس يؤمن بالإصلاح. وطريق الإصلاح هو بناء الدولة المتحرّرة فعلاً لا قولاً من رواسب الاستعمار وثقافته وموروثاته.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى