ديب: لمجابهة الخطر الإرهابي الظلامي بالسلاح… وبالوعي والمعرفة أسعد: سورية مصمّمة على محاربة الإرهاب بالتوازي مع إنجاز المصالحات
أقامت مديرية سويسرا في الحزب السوري القومي الاجتماعي احتفالاً بمناسبة عيد تأسيس الحزب في مقاطعة بادن في سويسرا الألمانية حضره مدير المديرية طلال ديب وأعضاء الهيئة وجمع من القوميين وأبناء الجالية.
كما حضره قنصل سورية العام في سويسرا عدنان أسعد، منسق التيار الوطني الحر مارون أبو زيد، مسؤول حركة أمل علي كوثراني، مسؤول جمعية أهل البيت حسن درباج وفاعليات.
بدأ الاحتفال بنشيد الحزب الرسمي ثم دقيقة صمت تحية للشهداء، وقدّم للاحتفال مذيع المديرية عبد الأحد صليبا بكلمة من وحي المناسبة.
القنصل أسعد
وألقى القنصل عدنان أسعد كلمة أشار في بدايتها إلى تزامن عيد تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي مع ذكرى قيام الحركة التصحيحية التي قادها الرئيس حافظ الأسد، واعتبر أنّ سورية تشهد اليوم إرهاباً أسود يسفك دماء السوريين بدعم وتواطؤ من الولايات المتحدة وحلفائها وأذنابها في المنطقة.
أضاف: كلنا رأى كيف تدخلت «إسرائيل» مباشرة وقدّمت الدعم العسكري للتنظيمات الإرهابية في جنوب سورية، وهذا التدخل هو امتداد للمشروع الغربي الاستعماري الصهيوني.
وتابع: نذكر أنّ الاستعمار الفرنسي اعتبر الحزب السوري القومي الاجتماعي حزباً غير شرعي واعتقل الزعيم أنطون سعاده ورفقاءه أكثر من مرة، لأنهم وقفوا في وجه القوى الامبريالية والاستعمار والرجعية العربية … واليوم يتكرّر الشيء نفسه مع كلّ شريف يقف في وجه الهجمة الوهّابية الصهيونية على سورية فيتهم إما بالطائفية أو بمعاداة السامية.
وأردف القنصل قائلاً: على مدى أكثر من خمس سنوات ما زال الشعب السوري، بمختلف مكوناته، يدفع ثمن الإرهاب من دم أبنائه ومن أمنه واستقراره ولقمة عيشه، فلم يوفر الإرهاب الوهّابي المدارس والجامعات والمشافي ودور العبادة والبنى التحتية في سورية.
وقال: إنّ سورية تحارب الإرهاب نيابة عن العالم كله، وقد أصبح معلوماً للجميع أنّ السعودية وقطر نشرتا الفكر الوهّابي المتطرف من خلال أموال البترودولار وبمعرفة وتغطية من الولايات المتحدة وحلفائها الذين زوّدوا الإرهابيين بأحدث الأسلحة وفتحت لهم تركيا حدودها فجاؤوا من مختلف الجنسيات تحت إشراف مباشر من الاستخبارات الغربية والتركية، وبعد كلّ ذلك تتباكى تلك الدول الاستعمارية على أوضاع السوريين في المناطق الخاضعة لسيطرة الإرهابيين الذين يحاصرون المدنيين ويتخذونهم دروعاً بشرية كما هو حاصل حالياً في شرق حلب.
وأشار أسعد إلى أنّ الدول الاستعمارية التي تتشدّق بالإنسانية، هي التي تفرض على السوريين عقوبات اقتصادية وإجراءات مالية قسرية أحادية الجانب، وقد أثرت هذه العقوبات سلباً على القطاعات الحيوية وجوانب الحياة كافة في سورية، من صحة وتعليم وكهرباء واستثمارات ومعاملات تجارية ومصرفية وقطاع طيران، كلّ ذلك بهدف ضرب موارد الشعب السوري وتدمير قدراته.
وأكد أنّ سورية، وبالرغم من كلّ هذه المعاناة، مصمّمة على محاربة الإرهاب، وذلك بالتوازي مع إنجاز المصالحات الوطنية التي نجحت في العديد من المناطق، ولا بدّ من العمل على حلّ الأزمة عبر المسار السياسي، وذلك من خلال عقد حوار وطني سوري سوري، يقرّر من خلاله السوريون مصير بلدهم من دون تدخل خارجي لأنّ الشعب السوري صاحب تاريخ وحضارة ويستطيع حلّ أزماته بعيداً عن الإملاءات الخارجية.
وتابع القنصل أسعد قائلاً: سورية فوق الجميع والسوريون يستطيعون المحافظة على استقلال سورية وسلامة أراضيها ووحدتها أرضاً وشعباً، وإننا على يقين بأنّ سورية تنبض في قلوب أبنائها وبأنّ دوركم في سويسرا هامّ للغاية في مختلف مجالات الحياة، فأنتم سفراء حقيقيون تنقلون الرسالة الإنسانية الحضارية لسورية، لذلك تستطيعون نقل صورة حقيقية عما تواجهه سورية من إرهاب وتطرف، وما تتعرّض له من تشويه غير مسبوق للحقائق عبر وسائل إعلام صهيونية مغرضة.
وقال: السوريون الشرفاء واثقون من النصر بفضل صمود والتفاف الشعب السوري حول قيادة الرئيس بشار الأسد، وبفضل الإنجازات التي يحققها الجيش السوري بدعم من القوى الصديقة، ونحن مدعوون جميعاً إلى تعزيز الوحدة والتماسك وإلى الالتفاف حول جيشنا البطل والقوى المؤازرة كأبطال نسور الزوبعة الذين كانوا مثالاً يُحتذى بالتضحية والفداء دفاعاً عن سورية.
وختم كلمته بتوجيه التحية لكلّ الشهداء الذين صانوا بدمائهم أرض سورية وإنسانها ومصيرها، وستبقى سورية لأبنائها وسيعم الأمن والأمان كلّ ربوعها، كما نقل تحيات السفير السوري للحضور.
المدير ديب
وألقى مدير مديرية سويسرا في الحزب السوري القومي الاجتماعي طلال ديب كلمة لفت خلالها إلى أنّ الظروف العصيبة التي مرّت بها بلادنا ولا تزال شاءت أن يجتمع هنا في سويسرا سوريون من دمشق وبيروت وحلب وطرابلس وصور وطرطوس والقامشلي وغيرها من نواحي ومناطق ومدن سورية الطبيعية، سوريون من طوائف ومذاهب وأعراق متنوّعة ليكونوا جالية سورية واحدة تجسّد المبدأ السادس من مبادئ حزبنا ألا وهو «الأمة السورية مجتمع واحد»، واليوم أرحّب بكم باسم هذا المجتمع السوري المُصغَّر الذي يُجسّد هنا في هذا المغترب مبادئ وقيم النهضة السورية القومية الاجتماعية.
وقال: إبّان الحرب العالمية الأولى واجهت بلاد الشام، وخاصة جبل لبنان، مجاعة عامة بسبب الحصار البحري الذي ضربه الإنكليز والفرنسيون على لبنان والحصار البري ومنع دخول القمح الذي فرضه الحاكم العثماني جمال باشا. يومها كتب جبران خليل جبران مقالته الشهيرة مات أهلي فقال: «مات أهلي وأحبائي وغمرت الدموع والدماء هضبات بلادي. مات أهلي جائعين، ومن لم يمت منهم جوعاً فَني بحدّ السيف، وأنا في هذه البلاد القصيّة أسير بين قوم فرحين مغبوطين، مات أهلي أذلّ ميتة، وأنا ها هنا أعيش في رغد وسلام وهذه هي المأساة المُستتبّة على مسرح نفسي».
أضاف: بينما شهد أنطون سعاده الذي كان فتى حينها كيف مات الكثير من أبناء شعبنا جوعاً، وكيف كانت حياته ومصيره يتقرّران من دون إرادته. كما شهد سعاده خلال الفترة نفسها كيف ضرب الاستعماران الفرنسي والبريطاني عرض الحائط بمقرّرات المؤتمر السوري الكبير في دمشق عامي 1919 و1920، والذي أعلن وحدة البلاد في سورية الطبيعية وكيف فرض علينا هذان الاستعماران التجزئة في «سايكس بيكو» ووطّدوها بـ«وعد بلفور».
وشهد سعاده أيضاً معركة ميسلون بين جيش من المتطوّعين السوريين لم يتجاوز عدده 3000 مقاتل من المتطوّعين، وجيش فرنسي بقيادة الجنرال غورو قوامه 9000 جندي ومزوّد بطائرات ودبابات ومدافع وإمدادات. فتبادر إلى ذهنه السؤالان المنهجيان: من نحن؟ وما الذي جلب على شعبي هذا الويل؟ واللذان أدّت الإجابة عنهما إلى بعث النهضة القومية الاجتماعية وتأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يشكل الخطة النظامية الدقيقة لمواجهة أعداء الأمّة، والذي نحتفل اليوم بالعيد الـ84 لتأسيسه.
وبعد درس أوّلي منظم تبيّن له أنّ فقدان السيادة القومية هو السبب الأول لما حلّ بالأمة. وكان الغرض الذي أنشأ له هذا الحزب عام 1932 هو جعل الأمة السورية صاحبة السيادة على نفسها ووطنها. وحدّد غاية الحزب في المادة الأولى من الدستور وهي «بعث نهضة قومية اجتماعية تكفل تحقيق مبادئه وتعيد إلى الأمة السورية حيويتها وقوتها».
ها نحن اليوم بعد مئة عام على هذه الأحداث التي شكلت مخاض تأسيس حزبنا نواجه ظروفاً مأساوية مشابهة لمرحلة الحرب الكبرى الأولى ونخوض من جديد معركة الدفاع عن وطننا وسيادتنا في وجه القوى الاستعمارية ذاتها. وما اختلف اليوم هو أننا نقاتل ونقرّر مصيرنا بإرادتنا مسلحين بالوعي والفكر الذي أسّس له أنطون سعاده.
لقد قال زعيمنا: «إنّ أزمنة مليئة بالصعاب والمحن تأتي على الأمم الحية فلا يكون لها إنقاذ منها إلا بالبطولة المؤيّدة بصحة العقيدة. فإذا تركت أمّة ما اعتماد البطولة في الفصل في مصيرها، قرّرته الحوادث الجارية والإرادات الغريبة». وهذه البطولة يمارسها الجيش السوري والقوى الرديفة ومنها نسور الزوبعة وقوى المقاومة اللبنانية والعراقية ولواء القدس الفلسطيني، كما يمارسها الجيش العراقي وقوى الحشد الشعبي. هؤلاء هم من يحقّقون إرادتنا، منتصرين على الإرادات الغريبة أميركية كانت أو أنكليزية أو فرنسية أو تركية أو سعودية وجيوش المرتزقة والإرهابيين الذين جمعوهم من مشارق الأرض ومغاربها.
ومن مفاهيمنا ومنطلقاتنا: «إنّ الحق القومي لا يكون حقاً في معترك الأمم إلا بمقدار ما يدعمه من قوة الأمة» فلا يمكننا الرهان على مجتمع دولي أو أمم متحدة لتنقذنا من الإرهاب، هذه المنظمة التي قال عنها سعاده: «لم تنشأ كنتيجة عامة لإنسانية عامة. نشأت من أمم منتصرة لتقرّ الحقّ الذي تقرّره الأمم المنتصرة»، أيّ تلك المنتصرة في الحرب الكبرى الثانية.
إذا كنا نحن لا ننهض ولا نعتمد على أنفسنا ولا نستعدّ لإثبات حقنا ولتنفيذ إرادتنا في ما يخصّ حقنا، كان باطلاً كلّ مجهود وتمنّ في أن نصل وأن نكون أمّة يمكن أن تحصل على الخير الذي تستحقه.
ورأى ديب أنّه بعد الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003 أجبرتنا مسارات الأحداث المأساوية وأخبارها المتوالية على معاينة ميزة التنوّع في الأمة السورية، وأنّ شعبنا بحاجة إلى حزب سعاده وفكر سعاده القادر على أن يصهر في بوتقته كلّ هذا التنوع في عصبية قومية تقوم على أساس الولاء للأمّة، فالأمّة ليست أمّة اللغة أو الدين أو العرق، بل أمّة التفاعل الإنساني في بيئة ممتازة والتي هي وطننا، الوطن السوري.
وشدّد على ضرورة مجابهة الخطر الإرهابي الظلامي، ليس بالسلاح فحسب، بل بالوعي والتزوُّد بالمعرفة، والغرف من معين حضارتنا الضاربة جذورها إلى ما قبل الزمن التاريخي الجلي.
وتطرّق إلى الفساد المستشري بين أبناء الطبقة المشتغلة بالشأن العام، أو ما يسمّى الطبقة السياسية، في كلّ كيانات هذه الأمة وبالأخصّ في الكيانات المحكومة بأنظمة مُحاصصة طائفية، فرأى أنّ الأغلبية منهم يتعاملون مع موارد الدولة ومع المال العام كمغانم يسطون عليها ويتوزعونها مع الأزلام والمحاسيب.
إنّ من يتمعّن بهذا الحجم من الفساد، يفهم ويتلمّس حاجة الأمة إلى هذه النظرة الجديدة إلى الحياة، إلى هذه النهضة ومثلها العليا: الحرية والواجب والنظام والقوة، لكي تفيض عليها بالحق والخير والجمال.
وسعاده يتميّز في تعريفه للحزب عن غيره من الأحزاب بأننا «نهضة قومية اجتماعية أكثر منا حزباً سياسياً، والنظرة القومية الاجتماعية هي التي تُملي علينا سياستنا»، ومقولة «السياسة من أجل السياسة ليست عملاً قومياً» إنها في خدمة العقيدة وليست من العقيدة. السياسة هي سياسة بلوغ الأغراض القومية.
لقد حذّر سعاده القوميين الاجتماعيين من اختلاط السياسة في عقيدتهم وإيمانهم وعناصر حيويتهم الأساسية ونأى بالصف الحزبي عن العمل السياسي لينصرف إلى تحقيق غاية الحزب وبناء الإنسان الجديد.
وختم ديب كلمته بتوجيه التحية إلى رجال الجيش السوري والعراقي الذين يسطّرون ملاحم البطولة ويصنعون مجد هذه الأمّة وإلى رفقائنا في نسور الزوبعة وقفات العز، وإلى رجال المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق.
وبعد الكلمات تناول الحضور طعام الغداء وتمّ قطع قالب الحلوى.