وسام شرف للإعلام الروسي
ناصر قنديل
– عندما يصوّت البرلمان الأوروبي على توصية لمعاقبة وسائل الإعلام الروسية كخطر على أوروبا ويضعها مع الإعلام الذي يسوّق لداعش في منزلة الخطر ذاتها فهو يكشف كم تشعر أوروبا بالقلق من نمو وتطوّر الإعلام الروسي بنسخته الحديثة والمعاصرة، وليس ما يعلم الأوروبيون أنه محض افتراء بالتشبيه بين الإعلام الروسي والإعلام الذي يسوّق داعش والإرهاب، فالأوروبيون يعرفون كرأي عام أنّ روسيا تتموضع في المكان الحقيقي للحرب على الإرهاب، وأنّ حكومات أوروبا وقفت في الموقع الملتبس والذي تحوم حوله شبهات دعم الإرهاب، وهذا ما تقوله استطلاعات الرأي الأوروبية نفسها حول تدني شعبية الرئيس الفرنسي إلى 4 بالتوازي مع اتهام معارضي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند له بالوقوف مع جبهة النصرة التي تمثل تنظيم القاعدة رسميا في حربها ضدّ الدولة السورية، كما يقول مرشح يمين الوسط الأوفر حظاً ومرشحة اليمين مارين لوبان التي تنافسه على الرئاسة المقبلة في فرنسا ويتقاسمان قرابة الـ80 من الناخبين، لكنهما يتفقان على أنّ انحياز هولاند للنصرة شكل سبباً في نموها واستمرار الحرب في سورية، حيث المأخذ الذي يسجله حكام أوروبا على روسيا هو وقوفها مع الدولة السورية بوجه النصرة.
– قبل شهرين كانت الحملة الأوروبية الرسمية الشرسة تستهدف الدبلوماسية الروسية وفشلت حملات التهويل والتضليل في إضعاف موقف روسيا الدبلوماسي، واليوم يعترف حكام أوروبا بحقيقة أنّ الإعلام الروسي لم يعد هامشياً، ولا هو مجرد خصم افتراضي، بل هو إعلام ينفذ إلى قوى الرأي العام في أوروبا ويؤثر في رسم اتجاهاتها، والتوجه نحو معاقبة وسائل الإعلام الروسية مالياً وتالياً بالحظر والتضييق، ليس إلا إشهاراً للضيق الذي يشعر به حكام الغرب وهم يرون جمهورهم يصدق ما يقوله الإعلام الروسي بحق هؤلاء الحكام، بعدما كان الإعلام الغربي مصدراً ليعرف المواطنون الروس ما يريدون معرفته عن بلادهم وحكامهم، وها هي الأدوار تنقلب، ومعها تثور الهستيريا الغربية العدوانية، علامة على الثقة بالعجز عن المواجهة في ساحة الحرية ومساحاتها الواسعة، وخوض اللعبة وفق قواعد مهنية، يحظى بقبول الرأي العام الأقرب للحقيقة والأشدّ صدقاً، واللجوء للعقاب والملاحقة ليس إلا التعبير عن التسليم بحقيقتين، الفعالية العالية للإعلام الروسي من جهة والعجز عن مجاراته ومنافسته وفق قواعد المعادلة الإعلامية المهنية.
– عندما يخرج الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ويقول إنّ إدارة الرئيس باراك أوباما كانت شريكاً في ولادة تنظيم داعش، وسنداً لجبهة النصرة، وانّ المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون تدعم عبر علاقتها بالسعودية التشكيلات الإرهابية في سورية، ويصدّق الناس ترامب وينتخبونه رئيساً لبلادهم، بينما تكون الدبلوماسية الروسية قد قالت ذلك قبل سنوات، ويكون الإعلام الروسي قد جهد بتوثيق مهني للوقائع التي تكشف هذه الحقيقة، وعندما يكون المرشحون للرئاسة الفرنسية يتبارون في توجيه الاتهامات للرئيس فرنسوا هولاند بالمسؤولية عن نمو الإرهاب وتجذره في فرنسا بسبب إباحة سياسة تطويع المتطرفين إلى سورية، وينفق الإعلام الروسي جهداً ومالاً ووقتاً لتوثيق هذه الحقائق وتقديمها للرأي العام، فالمنطقي أن يحدث شيئان، الأول أن يصير الإعلام الروسي أقرب إلى الرأي العام الغربي من وسائل إعلامه العملاقة التي تستهلك مليارات الدولارات، ورغم ذلك تفشل في تسويق المرشحة كلينتون، وفي رفع شعبية الرئيس هولاند، والثاني أن يضيق حكام الغرب ذرعاً بالإعلام الروسي فيخلعون قناع الحريات ويذهبون لتصفية الحساب بقوة للقمع والمنع والحظر ومحاكم التفتيش، وهنا يحظى الإعلام الروسي باحترام الرأي العام وتعاطف أهل الحريات الحقيقيين، ويخسر خصوم الحرية والحقيقة معاركهم دفعة واحدة.
– تحية للنقلة النوعية المهنية التي تشهدها وسائل الإعلام الروسية، والتي أهّلتها لنيل أعلى وسام غربي، هو وسام العقوبات.