كاسترو.. حلم أم أسطورة؟

نظام مارديني

أخيراً توقف صهيل الخيول الكوبية وودّع «أبو الثوار وملاك الفقراء» فيديل كاسترو، أحرار العالم بعد تسعين فانية قضاها في مواجهة الهيمنة الخارجية التي تمثلها الولايات المتحدة الأميركية، التي فرضت في عهد جون كينيدي في شباط 1962 حظراً تجارياً ومالياً على كوبا، لا يزال ساري المفعول حتى الآن ويؤثر بشدة على اقتصاد كوبا رغم سلسلة من إجراءات التخفيف التي اعتمدتها إدارة الرئيس باراك اوباما، بعد عودة العلاقات الديبلوماسية بين الدولتين في تموز من العام 2015.

فهل كان كاسترو يحمل قائمة بمحاولات الاغتيال التي تعرّض لها خلال سنوات عمره، ما بين محاولة قتله بقناصة، وما بين حشو سيجاره الخاص بالمتفجّرات، ودسّ السم له في كأس البيرة، أو عبر كريم للشعر.. هل حمل هذه القائمة الثقيلة للاغتيالات حاولت المخابرات الأميركية اغتياله 638 مرة، بحسب موسوعة غينيس في عقله، كما احتفظ الفيلسوف كانط بقائمة الموتى في جيبه؟

ولكي يحظى بأن يكون القدوة في الثورة على الموروث القائم في مجتمعه، ثار كاسترو على إرث عائلته التي كانت من ملاكي الأراضي من ذوي الاصول الاسبانية، وقد فاجأ حتى أنصاره بتقرّبه من موسكو بعيد توليه الحكم في كانون الثاني 1959.

وفي تشرين الأول 1962 وقعت ازمة الصواريخ التي تسبب فيها نصب صواريخ نووية سوفياتية في كوبا، ما ولد مزايدات وضعت العالم على حافة الحرب النووية. وقررت واشنطن فرض حصار بحري على كوبا، وانتهى الأمر بسحب موسكو صواريخها مقابل وعد أميركي بعدم غزو كوبا.

دفع كاسترو، رفيق سلاحه القائد الثوري الأرجنتيني ارنستو تشي غيفارا، لأن يكون بطل تصدير الثورة الماركسية في أميركا اللاتينية، وكذلك في أفريقيا وخصوصاً في أنغولا التي انخرطت فيها قوات كوبية لمدة 15 عاماً.

وأثارت تلك الثورة حينها نوعاً من الإعجاب، وافتخر النظام الكوبي بانه قضى على الأمية وأقام نظاماً صحياً ناجعاً وفي متناول جميع سكان كوبا البالغ عددهم 11.1 مليوناً، وهو إنجاز نادر في بلد فقير في اميركا اللاتينية.

لكن انهيار الاتحاد السوفياتي، أهم ممول لكوبا، في 1991 سدّد ضربة قوية للاقتصاد الكوبي. وواجه السكان نقصاً كبيراً في الغذاء. واعلن كاسترو عندها ما أسماها بـ «فترة خاصة في زمن السلم»، ما دفع البعض إلى التكهن بنهاية نظامه.

غير لأن كاسترو بقي بطل الانبعاث السياسي، وجد مصدراً جديداً للدخل مع السياحة، وخصوصاً مع حليفين جديدين هما الصين وفنزويلا في عهد الرئيس هوغو تشافيز الذي قدّم باعتباره «الأبن الروحي» لكاسترو.

أبقى كاسترو حياته الخاصة في منأى عن الأضواء.. رغم مواقفه الصاخبة وخطبه المطوّلة بزيّه العسكري الأخضر الزيتوني وسيجاره ولحيته الأسطورية..

………

خلجة

الثورة لا تورَّث إلا باثنين:

بزعيم ككاسترو.. واستمرار القضية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى