دومينو التحرير… ماذا عن معسكر الخاسرين؟
هشام الهبيشان
تزامناً مع التقدّم العسكري الكبير الذي يحققه الجيش السوري والحلفاء بعمق أحياء حلب الشرقية وتحرير ما يزيد على 35 من مساحة هذه الأحياء السكنية، بدأت تدرك جميع القوى المنخرطة بالحرب على سورية أنّ معركة الجيش السوري وحلفائه والرامية إلى تحرير محافظة حلب بشكل عام واحيائها الشرقية بشكل خاص ستكون لها الكلمة الفصل وفق نتائجها المنتظرة بأيّ حديث مقبل يتحدّث عن تسويات بمسارات الحرب على الدولة السورية وتغيير كامل ومطلق بشروط التفاوض المقبلة بين جميع الأطراف، فالمعركة لن تتوقف عند حدود أحياء حلب الشرقية بل ستمتدّ إلى الريف الشرقي والجنوبي والشمالي وستكون لها تداعيات كبيرة على عموم ملفات الميدان العسكري السوري.
اليوم يراقب العالم ككلّ مسار معركة أحياء مدينة حلب الشرقية، التي تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة من عمر الحرب على الدولة السورية، فاليوم بات لا خيار أمام الدولة السورية وحلفائها إلا الاستمرار بالحسم العسكري لتطهير الأرض السورية من رجس الإرهاب ومتزعّميه وداعميه ومموّليه، وأن تقرّر مصيرها بنفسها بعيداً من تقاطع مصالح المشروع الأميركي – الإسرائيلي وأدواته من الأنظمة الرجعية العربية والمتأسلمة في الإقليم، وجزء من هذا الحسم هو حسم معركة محافظة حلب التي بدأت منذ مطلع شهر تشرين الأول 2015، فالمحافظة تحتلّ أهمية استراتيجية باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتدّ على طول السلسلة الحدودية بين سورية وتركيا.
في سورية اليوم يساوي تحرير مدينة حلب بمجموعها وتحرير ريفها الشمالي والشمالي الشرقي بالتحديد للدولة السورية وحلفائها مكسباً كبيراً وورقة رابحة جديدة في مفاوضاتها المقبلة مع كبار اللاعبين الدوليين المنخرطين في الحرب على الدولة السورية ومن خلال ورقة حلب المدينة وريفها الشمالي وما بعدها، ستفرض الدولة السورية شروطها هي على الجميع، وعندها لا يمكن ان تحصل أي تسوية إلا بموافقة الدولة، ووفق ما تراه من مصلحة لسورية الشعب والدولة، بعد كلّ ما لحق بهذا الشعب من أذى من قبل أطراف الحرب على سورية.
وهنا لا يمكن لأيّ متابع أن ينكر حجم الأهمية الاستراتيجية لمحافظة حلب عسكرياً والمتموضعة بموقعها الاستراتيجي بشمال سورية، باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتدّ على طول الجغرافيا السورية، فهي نقطة وصل بين مناطق شمال وشمال غرب وشمال شرق وشرق ووسط سورية، امتداداً على طول شريط المناطق الحدودية التركية، وهي تعتبر تقريباً من أكبر معاقل المجاميع المسلحة الإرهابية العابرة للقارات، وخصوصاً ريفها الشمالي والشمالي الشرقي والغربي والذي تتمركز فيه بشكل واسع مجاميع «داعش والنصرة»، وهذا ما يعكس حجم الأهمية الاستراتيجية الكبرى لهذه المحافظة، بخريطة المعارك المقبلة بشمال وشمال شرق سورية بشكل عام.
معركة محافظة حلب بشكل خاص والشمال السوري بشكل عام، تعني الاطراف الدولية والاقليمية المنخرطة بالحرب على سورية، فهناك أطراف عدة تعنيها هذه المعركة، فالأتراك والسعوديون والفرنسيون والقطريون الذي هدّدوا باستمرار دعمهم للمجاميع المسلحة الإرهابية بالسلاح، فهذه الاطراف لا تريد أن تتلقى هزيمة جديدة، وقد تكرّرت هزائمها مؤخراً بمناطق سورية عدة، فتحرير مدينة حلب وريفها الشمالي يعني للأتراك والسعوديين والفرنسيين والقطريين سقوط كلّ ما يليها كأحجار الدومينو، وبالتالي خسارة جديدة وكبيرة للنظام السعودي والتركي والقطري والفرنسي، فمن المتوقع بعد إتمام معركة أحياء حلب الشرقية أن تنتقل عمليات الجيش العربي السوري وحلفائه إلى تصعيد وتيرة المعركة بعموم ريفي حلب الشمالي والجنوبي والشرقي، وهذا ما لا يريده لا الأميركان ولا النظام التركي ولا النظام السعودي ولذلك نرى أنّ هناك حالة من الترقب والدعم المستمر من هذه الأنظمة للمجاميع المسلحة في محاولة لوقف تقدّم الجيش العربي السوري وحلفائه على الأرض.
موقف واشنطن قبيل عهد ترامب من معركة حلب، يمكن أن يقرأ من خلال الصحافة ووسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الأميركية التي بدأت تتحدث عن فشل الرؤية والاستراتيجية الأميركية لإدارة اوباما بخصوص موقفها من الحرب على سورية، بعد فشل أميركا وحلفائها في تحقيق أيّ إنجاز فعلي على الأرض بسورية، وتؤكد مراكز الأبحاث هذه أنّ صمود سورية يهيّئ الأرضية لانتصارها مستقبلاً مدعومة بحلفائها.