الجسر ممثّلاً برّي: التسرّع والتباطؤ يؤثّران على الحياة السياسية المشنوق: الداخلية ليست جاهزة إلّا لانتخابات وفق الستين خليل: لعدم استهبال اللبنانيّين واعتبارهم متخلّفين عن مواكبة قانون جديد

نظّم مجلس النوّاب بالتعاون مع وزارة الداخلية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مؤتمراً تحت عنوان «الإطار القانوني للانتخابات النيابية» برعاية رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي في فندق «فينيسيا».

وحضر ممثّل رئيس مجلس النوّاب النائب سمير الجسر، وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وزير المال علي حسن خليل، وزير العمل سجعان قزي، وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي، وزيرة المهجّرين أليس شبطيني، وزير البيئة محمد المشنوق، ممثّل وزير الدفاع المقدّم عامر بدر، ممثّل وزير الاتصالات وسام طنوس، ممثّل وزير العدل خالد علوان.

وشارك أيضاً عدد من النوّاب، وقائد شرطة بيروت العميد محمد الأيوبي ممثّلاً المدير العام لقوى الأمن الداخلي، العميد الركن رياض طه ممثّلاً المدير العام للأمن العام. وشاركت في المؤتمر المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة سيغريد كاغ، سفيرة الاتحاد الأوروبي كريستينا لاسن، نائب المنسّق الخاص للأمم المتحدة، ومنسّق الشؤون الإنسانيّة والممثّل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان فيليب لازاريني، وعدد من السفراء وشخصيات.

وتحدّث في الجلسة الافتتاحية الجسر، الذي قال: «شرّفني الرئيس برّي، راعي هذا المؤتمر، بتمثيله فيه وبأن ألقي كلمة في المناسبة بالنيابة عنه. وإنّي إذ أنقل إليكم تحيات الرئيس برّي وتمنّياته لكم ولأعمال المؤتمر بالنجاح، فإنّي لا أجد نفسي مضطرّاً لأن أؤكّد لكم ما هو معلوم لديكم، ولكلّ المؤسسات الدولية والإقليميّة الناشطة في ميدان تطوير المؤسسات، والبرلمانيّة منها بشكل خاص، أو تلك العاملة في ميدان حقوق الإنسان وتطوير التشريع، على حرص الرئيس برّي على التجاوب مع كلّ مشروع تعاون يطوِّر عمل المؤسسة البرلمانيّة ويدفع من مستوى العاملين فيها من موظفين ومستشارين، كما يحسِّن الأداء التشريعي، شكلاً ومضموناً، بما يساعد على تحقيق المزيد من الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان والارتقاء بالمجتمع اللبناني إلى المزيد من التقدّم ومن الرفاهية».

وقال: «إنّ مؤتمركم هذا حول الإطار القانوني للانتخابات البرلمانيّة يلامس الموضوع الأكثر حساسية في الحياة السياسية اللبنانية، إذ إنّ التسرّع فيه أو الارتجال أو الانفعال من شأنه التأثير على توازنات حسّاسة أقرّها اتّفاق الطائف بعد سنوات من الألم. ولكنّ التباطؤ فيه أيضاً من شأنه أن يترك آثاراً سلبية على الحياة السياسية في لبنان».

ورأى «أنّ إقرار قوانين الانتخابات في العالم تشهد أيضاً تجاذبات، إذ تقوم في النهاية على محاولات جميع الأفرقاء السياسيّين من زيادة تمثيلهم البرلماني»، لافتاً إلى أنّ «حساسية الوضع في لبنان، الناتج من التركيبة الديموغرافية والتعدّدية المجتمعيّة والمخاوف وإنعدام الثقة التي خلّفتها الحرب الأهلية اللبنانية وعدم التعاطي مع الأمر بواقعية، يزيد في إرباكات إنجاز قانون عصريّ متقدّم يساوي بين الناس ويبدّد مخاوف الجميع من استبداد مكوِّن بآخر».

وأكّد أنّه «إذا كان تقسيم الدوائر واعتماد نظام انتخابي معيّن هو مسألة شائكة، فإنّ هناك الكثير من الإصلاحات الأخرى التي لا يُفترض على الإطلاق أن يكون الاختلاف فيها موضوع حساسية مفرطة. فالإشراف على العمليّة الانتخابيّة، وإسناده إلى هيئة مستقلّة أمر لا خلاف فيه في المبدأ، ولكن علينا أن نراعي الواقعيّة، ولو في مرحلة انتقالية، في قدرة الهيئة على ذلك».

وأشار إلى «موضوع المرأة وتمثيلها، والذي بقيَ أمراً غير مفهوم في المجال السياسي في لبنان بعد أن دخلت المرأة وبكثافة إلى عالم الإدارة العامة أو الخاصة وحتى القضاء، حتى يكاد يتبيّن للناس تأنيثاً شبه تام لبعض القطاعات ومنها قطاع التعليم».

وقال: «إنّ مؤتمركم هذا يعرض لإشكاليات أساسية تفترض الإصلاحات التشريعية، وإنّنا نأمل أن يتوصّل مؤتمركم إلى تشخيص الدّاء واقتراح العلاج الذي يمكّننا من الانتقال إلى حالة أكثر عدالة في التمثيل، وأكثر شفافية في مراقبة الانتخابات وتوفير المزيد من الإصلاحات الانتخابيّة تعزيزاً للديمقراطية في هذه الواحة من صحراء المحيط العربي».

المشنوق

ثمّ ألقى الوزير المشنوق كلمة، أعلن فيها أنّه «عمليّاً، نحن اليوم أمام قانون الستين، وهذا الموضوع موجود في كلّ النقاشات وهو مرفوض من كلّ الناس علناً، وربما مرغوب فيه بشكل سرّي عند الكثير من القوى»، معرباً عن اعتقاده «أنّنا سنبقى إلى فترة طويلة من دون قانون عاقل يحكم العملية السياسية والانتخابية، إلّا إذا تفاهمنا بشكلٍ حاسم على صيغة الشراكة بيننا كلبنانيّين».

وقال: «نحن كوزارة داخلية تعلّمنا الكثير من تجربة الانتخابات البلديّة، ولدينا مشاكل تثقيفيّة وإداريّة، فكلّ لجان القيد والموظفين كانوا يحتاجون إلى المزيد من الخبرة والتدريب، لكن إذا عاد الأمر لي فأنا أؤيّد بالكامل أن ننفّذ أو نسعى إلى تنفيذ كوتا نسائية متدرّجة في قانون الانتخاب».

وقال: «إنّنا جاهزون في وزارة الداخلية لتنفيذ الانتخابات الآن وفق قانون الستين، وأيّ كلام آخر ليس منطقياً ولسنا قادرين على تنفيذه. وبالتالي، أيّ قانون جديد يحتاج وقتاً طويلاً، أي أشهراً وليس سنوات، لترتيب الإدارة وتثقيف الناخبين ليعرفوا على أيّ أساس سينتخبون ووفق أيّ صيغة وفي أيّ مناطق. وفي وقت إعلان لوائح الشطب وبدء العمل بالآلية المتعلّقة بالانتخابات، سأقوم بواجبي القانوني بأن أعلن اللوائح وفق القانون الحالي. وبصراحة أكثر، لست متفائلاً بقدرة القوى السياسية على التفاهم حول قانون انتخاب جديد خلال شهر أو شهرين، فما عجزت عنه هذه القوى خلال سنوات لن تستطيع الوصول إليه خلال شهرين».

كاغ

أمّا كاغ، فأشارت إلى 4 نقاط أساسيّة يجب أن تُطبّق قبل الانتخابات النيابيّة، هي «المشاركة، أي زيادة نسبة الناخبين، إشراك المرأة، التطرّق إلى مسائل تهمّ الأشخاص بما يسهّل عليهم اختيار الشخص المناسب إلى جانب أهمية ممثّلي المجتمع المدني».

واعتبرت أنّ التمديد «لا يُعدّ جزءاً من العملية الديمقراطيّة»، مشدّدةً على «ضرورة أن تُقام الانتخابات في موعدها، وهذا ممكن إذا وُجدت الإرادة السياسية».

وتطرّقت إلى دور المرأة في الحياة السياسية، مشيرةً إلى أنّ «الرجال في لبنان كالنساء، يؤمنون بأنّ على المرأة أن تتمثّل أكثر من خلال الحلّ الأفضل في ما خصّ الكوتا». وتوقّفت عند «الشباب في لبنان الذين لا يشعرون بانتمائهم إلى النظام، وهو ما يبعدهم عن السياسة»، متمنّيةً «أن يُفسَح المجال لهم كي يكونوا شركاء أساسيّين في صنع القرار في المستقبل».

لاسن

ورأت لاسن أنّ «على اللبنانيّين الاستفادة من التغييرات الحاصلة من انتخاب رئيس للجمهورية، وتعيين رئيس لتكليف الحكومة لاختراق مشاكل الماضي»، متحدّثة عن عملهم لإجراء الانتخابات في موعدها.

خليل

وشارك في الجلسة الأولى وزير المال علي حسن خليل الذي ألقى كلمة رد فيها على المشنوق وقال «لا أعتقد أنّ إقرار قانون جديد هو مسألة معقّدة إلى هذه الدرجة. لا نستطيع ان نستهبل اللبنانيّين ونعتبرهم متخلّفين عن المواكبة والقدرة على التجاوب مع إقرار فانون انتخابي جديد. اللبنانيّون أوعى من ذلك بكثير، والمسؤولون عن العمليّة الانتخابية ربما مع تدريب لمدة قصيرة يستطيعون أن يديروا العملية الانتخابية بقانون جديد، خصوصاً أنّ إدارة هذه العملية تشترك فيها إدارة مجتمع مدنيّ فاعل وناشط، وأحزاب سياسية تخوض هذه الانتخابات».

وأشار إلى أنّ «اعتمادنا قوانين انتخاب غير مناسبة منذ الاستقلال إلى يومنا هذا قد ساهم في تقوية هذا النظام الطائفي الهشّ الذي نعيش فيه، وذلك بدلاً من إنتاج قوانين انتخاب تقوم على أُسُس موضوعيّة ووطنية كما هو الحال في ديمقراطيّات العالم».

وسأل: «هل نحن مع تطبيق كامل لاتفاق الطائف، أم أنّنا سنبقى واقفين أمام جدار الطائفيّة التي تمنع من تطبيقه بشكل كامل؟»، معتبراً أنّ «أساس الاتفاق هو الوصول إلى إلغاء الطائفيّة السياسية. صحيح أنّ اتفاق الطائف ينصّ على توزيع المقاعد النيابيّة بالتساوي بين المسيحيّين والمسلمين، ونسبيّاً بين طوائف كلّ الفئتين، لكنّه ينصّ على ذلك كحلّ موقّت لم يتوقّع واضعوه أن يدوم. فالحلّ الدائم الذي نصّ عليه هو إقرار قانون انتخاب خارج القيد الطائفي ينتخب المجلس النيابي على أساسه، كما وعلى إنشاء مجلس شيوخ لتمثيل العائلات الروحيّة بالإضافة إلى اعتماد اللامركزيّة الإداريّة».

وأضاف: «أنا أعرف أنّ مثل هذا الطرح الآن قد يفتح باب نقاش حول استقرار حياتنا العامة السياسية، لكن إمّا أن نكون بجرأة مع اتّفاق الطائف مع ما يحمله من نصوص جذريّة في تطوير حياتنا السياسية ودفعها نحو الحياة الأمثل على مستوى تعزيز المواطنية، وإمّا أن نبقى تحت السقف الذي ارتضيناه لأنفسنا في أن نطبِّق ما نريد أو ما يناسبنا كقوى سياسية، وأن نغفل عن تطبيق ما لا يناسبنا كقوى سياسية أخرى».

وإذ اعتبر أنّ «إقرار قانون انتخاب تمثيليّ وعادل، يبقى المحفّز لانتشال النظام اللبناني من أزماته المفتوحة»، أكّد أنّنا «على بيّنة بأنّه لا يمكن إقرار هكذا قانون للانتخابات المقبلة، لكنّنا يمكن أن نبدأ بتغيير القانون القائم والحالي».

وقال: «إنّنا وفي إطار الواقعيّة السياسية، مستعدّون لأن نتجاوز مرحليّاً قناعتنا بضرورة إقرار قانون انتخاب يقوم على اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة مع النسبيّة للانتقال لمناقشة إقرار قانون يعتمد النظام المختلط، أي دمج نظامي الانتخاب الأكثري والنسبي في عملية انتخابية واحدة، فيتمّ انتخاب عدد من النوّاب وفق النظام الأكثريّ، وعدد آخر وفق النظام النسبيّ».

وتابع أنّ «إقرار قانون انتخابي مختلط تحصل على أساسه الانتخابات المقبلة هو نقطة انطلاق مُثلى حتى ولو أتى في إطار طائفي. لذلك كنّا قد تقدّمنا باقتراح قانون يوزِّع المقاعد على أساس 64 مقعداً وفق النظام الأكثريّ و64 وفقاً للنظام النسبيّ، معتمدين الـ26 دائرة الحالية كدوائر للاقتراع، كما وتعتمد المحافظات الخمس التاريخيّة مع تقسيم محافظة جبل لبنان إلى دائرتين للاقتراع النسبيّ، على أن يتمّ الترشيح على أساس مذهبي ومناطقي وفقاً للطريقة المعتمَدة من دون تغيير».

وأعرب عن خوفه على الكوتا النسائية «من أن تكون شعاراً نرفعه في الندوات والمنتديات، وأن لا يُترجم هذا الأمر في التأكيد عليه عند إقرار قانون الانتخابات»، مجدّداً دعوته إلى إعادة النظر في سنّ الاقتراع.

مداخلات

وتحدث النواب جورج عدوان، مروان حمادة وأحمد فتفت الذين أعلنوا تأييدهم القانون المختلط، فيما أكد النائب علي فياض أن «الانتخابات النيابية يجب أن تجري في وقتها من دون أعذار للتمديد او التأجيل»، مشدداً على «التمسك بهذا الموقف»، معلنا انهم «مسؤولون عنه».

واعتبر أن «المشكلة الأساسية حول قانون الانتخاب هي أن النقاش كان خالياً من المرجعية التي تنظمه، وهو يجب أن يتمثل بالموضوعية والحيادية للبحث في الصيغة الأمثل للبنان تعنى بالدولة وليس بالقوى السياسية»، مشيراً إلى أنه «على هذه الصيغة أن تكون معنية بالتعددية وليس بالتوازنات، كي نصل إلى القانون الانتخابي الامثل».

ورأى أن «المقاربة الموضوعية تقضي بالموافقة على النسبية الكاملة».

كذلك رأى النائب آلان عون أن القانون الأنسب «هو القانون النسبي لأنه يؤمن إصلاحاً جذرياً في الحياة السياسية ويغيِّر في سلوك المرشحين والناخبين كما أنه يعطي قيمة لصوت الناخب».

وكانت مداخلتان للخبيرة في المعهد الدولي للديموقراطية والمساعدة الانتخابية داليا زخاري وممثلة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية الدكتورة فاديا كيوان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى