من هم أبواق «داعش» الإعلامية؟
جمال العفلق
من الطبيعي أن يمتلك أي تنظيم أو حزب وسائل إعلام خاصة به يحاول من خلالها تقديم نفسه وتبرير أفعاله وتعريف الناس به.
ولأن تنظيم «داعش» ليس حزباً أو حركة سياسية بقدر ما هو تنظيم مصنوع لمهام محددة محصورة في نشر الذعر والخوف لدى الناس وتنفيذ أعمال القتل ونشر الفوضى في الدول التي يتواجد فيها، ولا يملك مقراً ثابتاً وجل عناصره من اللقطاء القادمين من دول العالم باحثين عن المال واللذة ولدى البعض منهم اعتقاد أنه يحمل راية الدين وحريص على الدين أكثر من غيره.
فلا يملك التنظيم وسائل إعلام بالمعنى المعروف ولو استثنينا تلك المقاطع التي يقوم فيها بقطع رؤوس الناس أو صلبهم أو حرق الكتب وغير ذلك لا شيء يرتقي لفكرة الإعلام، فمن هم أبواق «داعش» الإعلامية الذين يسوقون له ويقدمونه للناس على أنه كيان موجود؟
لنجد الجواب يكفي أن نتابع تصريحات السياسيين الذين يجدون أفعال «داعش» فرصة لهم لقنص المكاسب السياسية ولتقديم مشاريعهم تحت غطاء محاربة «داعش». وحقيقة الأمر أن ما يقومون به هو عملية تسويق لهذا التنظيم لا أكثر ولا أقل.
فأن يساوي السيد سمير جعجع بين حزب الله و«داعش» هو نوع من الهرطقة السياسية والغرق بالمصالح الآنية التي تخدم تنظيم «داعش» على حساب لبنان الوطن. والواضح أن السياسيين وجدوا لأنفسهم متنفساً يديرون فيه حربهم القديمة الجديدة ضد المقاومة من خلال «داعش» الذي من أسباب وجوده أصلاً تيار المستقبل ونقل السلاح الذي لم ينته عبر الأراضي اللبنانية إلى الجماعات المتطرفة في سورية التي قويت بالمال السعودي والقطري والدعم التركي والأردني والغربي فكان «داعش» و«النصرة» نتاج هذا الدعم الذي ما زال مستمراً حتى اليوم.
ليكمل السنيورة الرواية بزرع الفتنة من خلال مهاجمته لحزب الله وتشبيه الحزب بـ«داعش» وأن من يحمل راية الولي الفقيه لا يختلف عن حامل راية الخلافة في الرقة… وهذا لا يندرج تحت عنوان رأي سياسي بل يندرج تحت عنوان واحد هدفه انتزاع سلاح المقاومة وتحميلها وزر وجود «داعش» الذي أوجده ودعمه من جاء بالسنيورة إلى الحكومة ومن ثم إلى رئاسة الحكومة في لبنان وهم السعوديون الذين أعادوا الحريري إلى بيروت حاملاً ورقة المليار التي كانت عنوان الصحف وما زالت حبراً على ورق. فمن غير الطبيعي أن تدعم السعودية الجيش اللبناني وتغضب «إسرائيل». ولو كانت السعودية تريد حماية لبنان أو دعم جيشه لما وقفت بجانب المعتدي في حرب تموز 2006.
هذه التصريحات وغيرها هي بحقيقة الأمر تهدف إلى التسويق لتنظيم إرهابي وجعل وجوده في وجدان الناس وجوداً ثابتاً وواقعاً، وأنا لا أنكر وجود التنظيم إنما أنكر توصيف حقيقة التنظيم لدى أبواقه الإعلامية التي تصر على تقديمه على أنه نتيجة لأوضاع أو واقع ما، وتضلل الناس أن هذا التنظيم المصنوع استخباراتياً وفي مكاتب الاستخبارات ومن خلال غرفة العمليات التي أصبح يعرفها كل من هو مطلع أنها موجودة في الأردن، وأن تركيا سعت لدعمه بكل ما يلزم، وأن صناعته أتت من أجل خلق نوع من التوازن من أجل حصد المكاسب السياسية حتى لو كانت تلك المكاسب على حساب الوطن.
فالأجدر بالسياسيين الذين يسعون لجلب قوة أممية تحرس حدودهم أن يكفوا عن تقديم الدعم المالي واللوجيستي لهذا التنظيم. وكان الأجدر بهم أن يبحثوا عن الحاضنة التي وفروها في قرى وبلدات ومدن لعناصر التنظيم.
وهذا بمجمله يصب في خانة واحدة هي دور إعلامي طلب من هؤلاء أن يقوموا فيه. وهذا ليس دورهم الأول، فمنذ سنوات كانت خطاباتهم النارية تصب على دمشق بحجة دعم الثورة التي لم يستطع أحد حتى اليوم إثبات وجودها… فهذه الأبواق تردد ما يصدر عن الدوائر الدولية، خصوصاً ما يصدر من واشنطن وتصبح أولوياتها متطابقة مع ما تصرح به الناطقة باسم البيت الأبيض أو وزارة الخارجية الأميركية.
ومن يدير هذا المشروع يعلم حنين بعض السياسيين إلى المليشيات والاغتيالات التي يجدون فيها أنفسهم أكثر من المنابر.
فمثل ما كانوا سابقاً وما زالوا أبواقاً لجيش ما يسمى «إسرائيل» الذي لا يقهر هم اليوم يستخدمون نفس الكلمات على رغم تغير المصطلحات بشتم وسب «داعش» ولكن من باب المودة لا الكره. ولأنهم يقدمون مصالحهم على مصالح الوطن ليست لديهم مشكلة بعدم البحث عن مخطوفي الجيش إذا كان هذا البحث سيزعج الممول.