عبد العال في لقاء وفد «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» في نهر البارد: لأنّ حدود المجزرة تتّسع المقاومة ستظلّ على قيد الحياة
جال وفد «لجنة كي لا ننسى صبرا وشاتيلا»، صباح أمس، على الأقسام التي أعيد إعمارها حديثاً في مخيم نهر البارد، لمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين لمجزرة صبرا وشاتيلا. وضمّ الوفد شخصيات سياسية وثقافية ونقابية وفنية وإعلامية من إيطاليا وأميركا وفنلندا وبريطانيا وماليزيا.
وللمناسبة، نُظّم لقاء في قاعة مسرح «بيت أطفال الصمود»، بدأ بتقديم وصلات فنية ترحيبية، ثم ألقى مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان وملف إعمار مخيم نهر البارد مروان عبد العال، كلمة استهلها بالترحيب بالوفد الدولي، قائلاً لأعضائه: «بحضوركم بيننا كل سنة، فإنّ الذكرى حية لن يقتلها النسيان، ولكن المجزرة لا زالت حية أيضاً لأن القاتل على قيد الحياة وطليق اليد».
وأضاف: «إن خريطة الدم تعبر حدود الصمت، وكما قالتها شاهدة حيّة من المجزرة: كأنها البارحة، حين اختلطت الأمكنة بالأزمنة وكدنا ألّا نعرف كيف اتسعت حدود صبرا وشاتيلا. بل أين تقع صبرا وشاتيلا، هل كانت في جنين وقانا وبحر البقر أم هي اليوم في الشجاعية وخان يونس والقرارة وخزاعة ورفح وبيت حانون؟».
واستطرد قائلاً: «الأمر عند المجرم سيّان، فهو معلوم مهما استعار من أسماء وألقاب واتقن من لغات وفتاوى، حتى لو كان بلا وجه أو لثام ويمتهن القتل ويحترف الوحشية بالفأس أو الصاروخ، أو يقتل على الهواء مباشرة، لكن الحقيقة تقول إنّ مهندس الدم واحد، للجريمة أكثر من قاتل… إن كذبة الراعي الأميركي للسلام هي في الحقيقة رعاية للمجازر والإرهاب والاستبداد والتخلف وكل ما يدمر الهوية والأوطان والحرّية».
وتحدّث عبد العال عن «الوثيقة السرّية التي نشرت منذ سنتين في «لو موند» الفرنسية لباحث أميركي عن تورّط أميركي في مجزرة صبرا وشاتيلا، بلقاء هام جرى بين وزير دفاع العدو خلال اجتياح بيروت عام 1982 آرييل شارون والمبعوث الأميركي موريس درايبر الذي أبلغ فيه شارون حرفياً: «نودّ منكم الرحيل ودعوا اللبنانين يتصرّفون».
وتابع عبد العال: «واليوم كما الأمس، هي أميركا التي غطّت حروب إسرائيل وأعطت الضوء الأخضر لها في الجريمة، كما الحرب الأخيرة على قطاع غزّة الحبيب. فكيف تكون راعية سلام؟ ومحاربةً ضدّ الارهاب وهي سيدته وراعيته الحقيقة».
كما توقف عند ذكرى توقيع «اتفاق أوسلو» في 13 أيلول 1993، الذي وصفه بأنه «اتفاق فخ»، وقال: «فقط على سبيل التذكير، إسرائيل شنّت خمس حروب على الشعب الفلسطيني منذ ذلك التاريخ، من حرب النفق في 1996 إلى اجتياح الضفة عام 2002 إلى حروبها الثلاث على غزّة، إضافة إلى مضاعفة الاستيطان والتهويد والجدار والعنصرية. وقتلت واغتالت، وبأساليب إجرامية متعدّدة وتحت عباءة السلام المرعيّ أميركياً، معظم القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني، لذلك من يرجو سلاماً من عدوّ فهو واهم وخاطئ».
وأضاف: «لقد قالت غزّة بالوجع والأمل، إنّ المقاومة أيضاً على قيد الحياة والانتصار معاً، استعادت فلسطين كقضية تحرّر وطني وتحدّ جدّي ببناء الحركة الوطنية الفلسطينية، تحمي الذات الفلسطينية من لعبة وتشابك المحاور القاتل للقضية، وفق أحندة مستقلة القرار موحدة الأدوات والرؤية وباستراتيحية مقاومة وطنية شاملة. كما أنّ مهمة البناء لكل ما تدمر في القطاع مهمة وطنية عاجلة. لأنه كما تعلمنا في تجاربنا، فإن المعركة لا تنتهي بمجرد إعلان وقف النار، معركة رفع الحصار والبناء معركة طويلة».
كما تحدث عبد العال عن مخيم نهر البارد، معتبراً أنّ «إعمار المخيم عبر المرحلة الخطِرة، وأنّ استكمال البناء بشكل كامل لا رجوع عنه». وقال: «إن زيارة سفراء الدول المانحة أعادت تسليط الضوء مجدّداً على التزام الدول بالتمويل، وهناك إشارات إيجابية على ذلك. إنّ الصعوبات الكبرى في الرزم الأربعة الجاري إتمامها قد تمّ تجاوزها، ونحن أمام استحقاق بناء القسم الثاني من المخيم».
وختم: «لأن البناء مقاومة والذاكرة مقاومة، ولأن المجزرة ما تزال حية فالمقاومة حية حتى إحقاق الحق في التحرر والاستقلال والعودة».
واختتم اللقاء بالردّ على استفسارات أعضاء الوفد في مواضيع مختلفة.