معركة حلب ـ غراد و«الحنان» الدولي!
خليل إسماعيل رمَّال
ألغَتْ مشيخة قطر الاحتفال «بالعيد الوطني للدولة»، حداداً على هزيمة الاٍرهاب التكفيري في حلب وتحريرها على يد الجيش العربي السوري وحلفائه في محور المقاومة، مما حدا بفقيه بلاط المشيخة، يوسف القرضاوي، للإشادة بتميم بن موزة، من دون أنْ ينسى مناشدة «إسرائيل» للمرة الثانية، التدخل لـ«إنقاذ حلب» من الجيش السوري، داعياً إلى العمل «من أجل إحياء الأمة الإسلامية»، طبعاً، بمساعدة صهيونية.
في هذه الأثناء وعلى الأرض، في الأحياء الشرقية لحلب، ظهر، قبل التحرير، تسجيل على مواقع التواصل، لرجل أميركي أسود «متأسلم» يُدعى بلال عبد الكريم، مدّعياً أنه مراسل حربي لوكالة «on the ground news»، يوحي شكل لحيته ومنظره ومنطقه، كأنه أحد الذبَّاحين، فقال إنّ هذه ربما تكون الرسالة الأخيرة له، في حلب «لأنّ الجيش العربي السوري يقترب أكثر فأكثر». مضيفاً: إنّ «الأمة الاسلامية فقدت فرصة ذهبية للانتصار. وإنّ الرئيس التركي فقد الفرصة ليكون زعيماً وينقذ آلأف البشر». بلال هذا، القريب من «النصرة»، أجرت شبكة «سي أن أن» المتصهينة، مقابلة معه واصفةً إياه بالصحافي «المستقلّ». وطبعاً، خدم بلال الشبكة بمغالطات وأكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان، تصبّ في مصلحة الدعاية الغربية، التي تدَّعي الخوف على الحلبيّين وتستصرخ العالم من أجل مجازر وعمليات إعدام لم تحصل إلا في مخيّلة الغرب وأذنابه التركية والخليجية. ولهذا دعت فرنسا – هولاند المقلوع قريباً إلى جلسة عاجلة للأمم المتحدة لمعالجة الوضع الإنساني في حلب. كذلك، تداعت جبَّانة الدول العربية لعقد اجتماع قمّة. كلّ ذلك، من أجل إنقاذ أرواح حفنة من السفاحين المجرمين، أو حتى لا ينكشف أمر التورّط الغربي والخليجي والتركي، في الهجمة الكونية على سورية.
هذا التباكي على حلب، الذي شاركت فيه «إسرائيل» صاحبة اليد الطولى في المجازر ضدّ الشعب العربي، لم نشهده عند ذبح غزَّة مرَّتين في 2008 و 2009. ولا عندما استُبيح لبنان عام 2006، فلم تعلن قطر ولا «قرضاوها» الحداد على شعب فلسطين ولبنان، بل أنَّ «حماس» ناكرة جميل سورية وإيران والمقاومة، انحازت إلى صف أعداء سورية و«دويكها» أفتى بأنّ الجهاد في سورية أوْلى من فلسطين! وها هي اليوم تعتقل الصحافيين والمؤيدين لسورية، على طريقة الإخونجية العثمانيين. بل أين هذا العطف الدولي الحنون، عندما اكتسح المجرمون حلب عام 2012 وحوّلوها إلى أشلاء. وقبلها الرقة وإدلب وبعدها الموصل والرمادي في العراق؟!
لقد كشَفَتْ سورية حقارة وزيف ادّعاء أعدائها، الذين لم يخجلوا من التحالف مع العدو ومدح «إسرائيل» بعد قصفها لمواقع في المزة ودمشق، مطالبين أياها، القيام بالمزيد من الاعتداءات على بلدهم. وهذا لا نظير له في التاريخ!
في مقابل هؤلاء الخونة، لا يخلو الأمر من وجود إعلاميين غربيين أصحاب ضمائر حية، كالصحافية الكندية أيڤا بارتليت، التي كانت مراسلة استقصائية في الميدان وبرهنت انه لا توجد منظمات خيرية صادقة في شرق حلب. وكلّ هذه المنظمات المدّعية بالإنسانية، مثل «الخوذ البيضاء»، المموّلة من بريطانيا وأميركا، تستقي معلوماتها من المراصد الإعلامية للمعارضة، المؤلفة من شخص واحد في كلّ من مرصد لندن أو باريس، متهكمة على الإعلام الغربي الذي يروِّج لأجندة تغيير النظام ويصرّ على وصف الوضع في سورية، بأنه حرب أهلية. ويصف المعارضة بأنها سلمية، كما تدَّعي صحيفة «واشنطن بوست» المتصهينة!
هذا الإعلام الأميركي المنحاز، جنباً الى جنب مع إدارة أوباما العرجاء، يلفظان أنفاسهما الأخيرة اليوم، مع تسلُّم دونالد ترامب الرئاسة رسمياً. وهو نفسه، عانى من حقد هاتين الوسيلتين الإعلاميتين عليه. وبالتالي، فمن الممتع الانتظار ومراقبة الحرب الشعواء التي ستستعر بينهم والمفاجآت التي يحضرها ترامب لهذا الإعلام وباقي المؤسسة التقليدية.
إنَّ قافلة مسيرة التحرير في سورية، تسير بخطى حثيثة ولن توقفها عمليات تمويه وترضية غربية لـ«الدواعش»، لا في تدمر ولا في مناطق أخرى، بقصد التشويش على معركة حلب – غراد الاستراتيجية. ومن لا يصدّق، فليستمع إلى عويل التكفيريين على الأرض وإحباط ويأس كبارهم، الذين علّموهم السحر في الخليج، حيث طلع أحد الخطباء هناك، بمقامات دعاء ولعن وسخط على الرئيس بشَّار الأسد، أين منها مقامات بديع الزمان الهمذاني…؟!