حكومة العهد الأولى ثلاثينية بزمن قياسي ضمّت الجميع ناقص الكتائب

كتب المحرّر السياسي

عاد تطبيق التفاهم حول الإخلاء المتزامن بين حلب والفوعة وكفريا بعد منتصف الليل، بعدما نجحت المساعي المتعددة لإنعاش التفاهم رغم محاولات التخريب العديدة التي فشلت في إسقاط التفاهم الروسي التركي بعدما تكرّس الانقسام بالنار يوم أمس بين الفصائل التي تتبع المرجعية التركية وجبهة النصرة التي لا تزال تحت عباءة السعودية كملاذ أخير، بعد خروجهما معاً بخفي حنين مع التفاهم الروسي الأميركي من جهة، والتفاهم الروسي التركي من جهة مقابلة، والاستعداد للقاء ثلاثي روسي تركي إيراني غداً للتمهيد لمسار سياسي من خارج الرعاية الأممية يضم التشكيلات المعارضة العاملة تحت عنوان منصة موسكو ومنصة القاهرة، وتلك التي سيسمّيها الأتراك كواجهة سياسية لجماعاتهم المنضوية في درع الفرات والتي سيسمّيها الأميركيون لجماعاتهم العاملة باسم قوات سورية الديمقراطية ومسعى سعودي سيجري فحصه في زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الرياض بضم جماعة السعودية برصيد تسوية لما تبقى من ريف دمشق بحوزة جيش الإسلام كآخر معاقل للموالين للسعودية مقابل فك الارتباط بجبهة النصرة، بالتزامن مع السعي الأميركي لتسريع إقلاع التسوية اليمنية التي توقفت بعد محطة تفاهمات مسقط بتعطيل الجماعات السعودية لها، عبر رفضها من حكومة منصور هادي.

بالتزامن مع زيارة كيري كان الحدث إحراق الباصات التي كانت متوجهة لإخلاء المحاصَرين في الفوعة وكفريا من قبل جبهة النصرة وتعطّل مسار إخلاء الأحياء الشرقية لحلب من المسلحين وعائلاتهم، وتزخيم الاتصالات لحلحلة العقد وبلورة حلول تنعش التفاهمات، وبالتزامن مع الحدثين تواصلت المشاورات في مجلس الأمن يحكمها التجاذب الحاد بين موسكو وباريس حول مشروع القرار الفرنسي القاضي بإرسال مراقبين دوليين إلى حلب وتلويح روسيا باللجوء لحق الفيتو لإسقاطه، مقابل مساعٍ للتوافق على حل وسط يسمح بإصادر قرار بالتوافق أو بيان رئاسي يركز على دعم التفاهم التركي الروسي لضمان خروج المسلحين وعائلاتهم من حلب، وتأمين الإغاثة الإنسانية للمناطق المحاصرة في سورية.

بالتزامن مع هذا المشهد المتداخل إقليمياً المفتوح على فرص نجاح العودة لتفاهمات الإخلاء المتزامن من حلب والفوعة وكفريا، كان لبنان ينجح باستيلاد حكومة العهد الأولى، مسجلاً زمناً قياسياً بالمقارنة مع الحكومات السابقة، فنجح رهان حكومة ما قبل الأعياد، وبصيغة جامعة من ثلاثين وزيراً، غاب عنها حزب الكتائب، وتميّزت الحكومة بمفارقة حملتها مفاجأة رئيس مجلس النواب نبيه بري بالاسم الذي حفظه في جيبه لآخر لحظات التشكيل لوزيرة التنمية الإدارية، وهي عضو المكتب السياسي لحركة أمل الدكتورة عناية عز الدين، لتكون المرأة الوحيدة في الحكومة، وأول سيدة محجبة تدخل الحكومة في لبنان، ومن نصيب قوة سياسية لم تصنّف تقليدياً بين الأحزاب العلمانية التي دعت باستمرار لتمثيل المرأة وإنصافها في الحكومات وتشكيلاتها، وكان رئيس الحكومة سعد الحريري قد بشر بكوتا نسائية في قانون للانتخابات يعتمد النسبية، وأصرّ على مفاجأة اللبنانيين باستحداث وزارة لشؤون المرأة في حكومته الأولى بعد غياب، لكنه لسبب غير معلوم لم يوفق بإسنادها لإمرأة، فتولاها رجل هو الوزير جان أوغاسبيان.

الحكومة الثلاثينية إلى النور

وفي ما أقفلت البورصة الحكومية على انعدام احتمال ولادة المولود الحكومي نهاية عطلة الأسبوع، وفي وقت صدرت إشارات سلبية ربما متعمدة من دوائر التأليف أوحت باصطدام صيغة الثلاثين بعقد عدّة، كانت المساعي والاتصالات مستمرة بعيداً عن الأضواء بين فريقي رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف اللذين عملا ليل ونهار خلال اليومين الماضيين على تدوير الزوايا وجوجلة الأسماء وإسقاطها على وزارات الحكومة الثلاثينية التي اتفق الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري على اعتمادها كصيغة نهائية في اللقاء الأخير بينهما.

وبعد قرابة الشهر ونصف من المشاورات أبصرت الحكومة النور مساء أمس، هدية للبنانيين في الأعياد، وعقب لقاء ثنائي في بعبدا بين الرئيسين عون والحريري على مدى ساعة واحدة استدعي رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى القصر الجمهوري وانضم الى الاجتماع في لقاءٍ ثلاثي قرابة دام نصف ساعة. وعلى الأثر أعلن الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء فؤاد فليفل في بيان عن صدور ثلاثة مراسيم تتعلق بقبول استقالة حكومة الرئيس تمام سلام وتسمية الرئيس سعد الحريري رئيساً لمجلس الوزراء، وتشكيلة الحكومة الجديدة. ووقع المرسومين الأولين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فيما وقع المرسوم الثالث الرئيسان عون والحريري.

سعد الدين الحريري رئيساً لمجلس الوزراء،

غسان حاصباني نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للصحة العامة قوات ،

مروان حمادة وزيراً للتربية والتعليم العالي الحزب الاشتراكي ،

طلال أرسلان وزيراً للمهجرين الحزب الديمقراطي ،

غازي زعيتر وزيراً للزراعة حركة أمل ،

ميشال فرعون وزير دولة لشؤون التخطيط،

علي قانصو وزير دولة لشؤون مجلس النواب، الحزب القومي السوري الاجتماعي ،

علي حسن خليل وزيراً للمالية أمل ،

محمد فنيش وزيراً للشباب والرياضة حزب الله ،

جان أوغاسبيان وزير دولة لشؤون للمرأة تيار المستقبل ،

يعقوب الصراف وزيراً للدفاع الوطني رئيس الجمهورية ،

جبران باسيل وزيراً للخارجية والمغتربين التيار الوطني الحر ،

حسين الحاج حسن وزيراً للصناعة حزب الله ،

سليم جريصاتي وزيراً للعدل رئيس الجمهورية ،

نهاد المشنوق وزيراً للداخلية والبلديات المستقبل ،

محمد كباره وزيراً للعمل المستقبل ،

أيمن شقير وزير دولة لشؤون حقوق الانسان إشتراكي ،

جمال الجراح وزيراً للاتصالات مستقبل ،

معين المرعبي وزير دولة لشؤون النازحين مستقبل ،

غطاس خوري وزيراً للثقافة رئيس الحكومة ،

بيار رفول وزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية رئيس الجمهورية ،

نقولا تويني وزير دولة لشؤون مكافحة الفساد رئيس الجمهورية ،

طارق الخطيب وزيراً للبيئة رئيس الجمهورية ،

عناية عز الدين وزير دولة لشؤون التنمية الادارية أمل ،

يوسف فنيانوس وزيراً للأشغال العامة والنقل تيار المردة ،

ملحم الرياشي وزيراً للإعلام القوات ،

بيار بو عاصي وزيراً للشؤون الاجتماعية القوات ،

أواديس كدنيان وزيراً للسياحة الطاشناق ،

سيزار أبي خليل وزيراً للطاقة والمياه التيار الوطني الحر ،

رائد خوري وزيراً للاقتصاد والتجارة.

وفي قراءة أولى للتوازنات السياسية في الحكومة الحريرية الثانية، فإن فريق 8 آذار نال 9 وزراء من ضمنه وزير حزب الطاشناق وحاز على الثلث الضامن أي 10 زائداً واحداً 11 بإضافة وزيرين من حصة الرئيس عون الأربعة يعقوب الصراف وسليم جريصاتي المقربين من الرئيس السابق إميل لحود والمعروفين بمواقفهما الثابتة مع المقاومة. وتمكن فريق المقاومة من فرض تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي وتيار المردة بعد محاولات قواتية لإقصائهما عن التركيبة الحكومية، إضافة الى تمثيل الحزب الديمقراطي اللبناني، بينما حصد التيار الوطني الحر ثلاثة وزراء وحزب القوات ثلاثة وتيار المستقبل 7 وزراء والحزب التقدمي الاشتراكي وزيرين، بينما تمكنت الثنائية المسيحية «العونية» – «القواتية» من تثبيت سابقة حكومية باستبعاد توزير فريق سياسي من خارجها كحزب الكتائب الذي رفض تمثيله بوزير دولة.

ومن المقرّر أن يأخذ الوزراء الصورة التذكارية مع رئيس الجمهورية يوم الأربعاء المقبل، على أن تليها جلسة للحكومة برئاسة عون في قصر بعبدا.

الحريري: مهمتنا قانون انتخاب وانتخابات

بعد إعلان مرسوم تشكيل حكومته الجديدة، أكد الرئيس الحريري، من بعبدا أن «الحكومة الجديدة، هي حكومة انتخابات ستنكبّ خلال عمرها القصير، على معالجة ما يمكن معالجته من الأزمات، وفي مقدمتها النفايات والكهرباء والمياه، وأن أولى مهماتها ستكون بالتعاون مع مجلس النواب بالوصول إلى قانون جديد للانتخابات يُراعي النسبية وسلامة التمثيل»، مبشراً بالوصول إلى قانون انتخابات «قريباً جداً»، إضافة إلى المحافظة على الاستقرار الأمني «وعزل دولتنا عن التداعيات السلبية للأزمة السورية».

كما أشار الحريري الى أن «تشكيلة الحكومة لم تأت لتثبيت سوابق أو لتكريس أعراف. وقد تنازل كل طرف سياسي بمكان، لنتوصل إلى حكومة الوفاق الوطني»، كاشفاً أنه عرض على حزبِ الكتائب وزارة دولة في هذه الحكومة «لكنه آثر رفضها، رغم كل محاولاتي، فكان هذا هو المستطاع».

وقال: «إنه يتطلع إلى بدء العمل مع الوزراء، على تشكيل لجنة صياغة للبيان الوزاري الذي سيكون «قائماً على خطاب القسم»، معلناً «وجود تعاون كبير من الجميع لإنهاء هذا البيان في أسرع وقت ممكن».

وخلال ردّه على أسئلة الصحافيين، أشار الحريري الى أننا «سنعمل على أساس أن يقرّ قانون انتخابات جديد قريباً وهناك صيغ جديدة تبحث تتضمّن النسبية ونحن لا مانع لدينا فيها».

وقالت أوساط مستقبلية لـ»البناء» «إن الحكومة ولدت بعد اقتناع جميع الأفرقاء بضرورة تشكيلها بأسرع وقت ممكن، نظراً لتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان والتطورات الخطيرة في المنطقة، فضلاً عن ضيق المهل القانونية أمام إنجاز قانون انتخاب جديد وإجراء انتخابات نيابية».

ورجّحت الأوساط التوافق على صياغة البيان الوزاري خلال أيام قليلة من وحي خطاب القسم، كما قال الحريري»، لكنها لفتت الى أنه «لا يمكن التعويل والرهان كثيراً على هذه الحكومة حيال إيجاد حلول للأزمات والملفات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، بل مهمتها الانكباب على إنجاز قانون انتخابات بالتعاون مع المجلس النيابي وإجراء إنتخابات نيابية»، وشككت بقدرة الحكومة على إنجاز قانون جديد للانتخابات، موضحة أن هذا القانون يقرّ في المجلس النيابي حيث توجد مشاريع قوانين عدة ويجري التوافق على أحدها». وعن تمثيل تيار المسقبل في التركيبة الحكومية، اعتبرت الأوساط أنه تمثيل جيد ويراعي التوزيع المناطقي والحزبي، والحريري لا يستطيع التنازل أكثر من ذلك، لكنها تساءلت: إذا وافق جميع الأطراف على هذه التركيبة، فلماذا إذن تأخرت ولادتها كل هذا الوقت؟

وفي وقتٍ متأخر من ليل أمس، غرّد رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط عبر حسابه على تويتر قائلاً: «بعد فحوصات دقيقة ومكثفة من شتى أنواع الاخصائيين ولدت الوزارة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى