الصحافة الأميركية: أين المتمرّدين المناسبين؟
عامر نعيم الياس
طغت استراتيجية أوباما لحربه على تنظيم «الدولة الإسلامية» على عناوين الصحافة الغربية وتقاريرها ومقالاتها، لا سيما ما يخص «توسيع التفويض ليشمل سورية»، نقطة جدل وانقسام، عنوان ارتباك وتردّد وبحث متواصل منذ أربع سنوات عن حلٍّ لا يكتمل من دون الدولة السورية التي كانت ولا تزال الهدف، وكانت أيضاً ولا تزال الخط الأحمر لدى الرئيس الأميركي باراك أوباما والذي لا يمكن التعامل معه، «عدم التعامل مع الأسد» والاستعاضة «بتمويل وتدريب المعتدلين في سورية» والموافقة السعودية على تدريب «خمسة آلاف مقاتل سنوياً على أراضيها» بحسب «نيويورك تايمز» الأميركية، ثالوث يشكل بديل أوباما السوري في الحرب المفترضة على تنظيم «الدولة الإسلامية» والممتدة حتى سنوات ثلاث وفقاً لتصريحات وزير الخارجية الأميركي في قمة الناتو. فما هي التحدّيات التي تواجه أوباما في سورية بلسان الصحف الأميركية والبريطانية والفرنسية، والتي لم تتضمن صفحاتها سوى عدداً قليلاً من المقالات التي أيّدت هذه الاستراتيجية التي وصفتها افتتاحية «تايمز» وحدها دون غيرها من الصحف البريطانية «بالذكية»!
ـ العقدة السورية لن تحال إلى الكونغرس بل سيتم «حشد الدعم للغارات الجوّية على سورية من دون اللجوء إلى التصويت بسبب اقتراب موعد الانتخابات النصفية للكونغرس» لكن أوباما «لا يزال يتصارع مع سلسلة من التحدّيات بما في ذلك كيفية تدريب القوات البريّة وتجهيزها لتكون فعّالة في محاربة «داعش»، وكيفية التدخل من دون مساعدة الرئيس الأسد، وكيفية حشد شركاء يشوبهم التردّد»، وذلك بحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، في الوقت الذي تساءلت فيه زميلتها «وول ستريت جورنال» عن «تحدّيات أوباما في العثور على المتمرّدين المناسبين لتدريبهم».
ـ التناقض الذي تحمله الاستراتيجية الأميركية في سورية والعراق لجهة الحلفاء على الأرض، فالأمر بحسب «يو إس أي توداي» الأميركية يتطلّب «قواتٍ بريّة أميركية على الأرض»، وذلك لأن «استراتيجية أوباما الجديدة تشمل أفكاراً غير واضحة فهو يتحالف مع معارضة وصفها سابقاً بأنها غير فاعلة»، فضلاً عن أن أوباما «سيعمل مع شركاء محليين أهدافهم قد تختلف بصوة واضحة عن أهدافه، بكل ما للكلمة من معنى… هي مغامرة محفوفة بالمخاطر» بحسب «إندبندنت» البريطانية.
ـ ما الضامن لعدم وقوع الأسلحة في يد المجموعات التي تسعى واشنطن إلى محاربتها، كما «حصل في الموصل»؟! تتساءل «غارديان» البريطانية في أحد تقاريرها، ألا يشكل رهان أوباما المتجدّد على ما يسمى المعتدلين تكراراً لما جرى عند استيلاء المجموعات الإسلامية المتطرّفة على معبر أطمة الحدودي الذي كان يقيم فيه سليم إدريس رئيس أركان ما يسمى الجيش الحر، ذلك «الفصيل المعتدل» المرتبط بالغرب والذي لا يشكل سوى «10 في المئة من القوّات على الأرض السورية» بحسب الصحافي الفرنسي جورج مالبرونو في صحيفة «لو فيغارو».
ـ خطاب أوباما حول استراتيجيته الجديدة قام على فرضية «الاستراتيجية الناجحة في الصومال واليمن»، فهل هذا هو الواقع، أم أنّ «القصف قد يأتي بنتائج سلبية كما يحصل اليوم في اليمن والصومال» بحسب افتتاحية «غارديان» البريطانية منذ أيام، والتي لاقتها «تلغراف» بالتأكيد في أحد تقاريرها على أن «الحرب الجويّة على داعش ستزيد من قوّة الجهاديين ولن تؤدي إلى تدميرهم».
ـ استبعاد إيران وسورية والمقاومة من دائرة الفعل في الحرب على «داعش»، والترويج الأميركي في الصحافة لاتخاذ «الجيش السوري مواقع دفاعية» في الآونة الأخيرة بحسب «وول ستريت جورنال»، هذه الأمور تراهن بمجملها على الدفع بالضغط إلى حدوده القصوى لدفع محور المقاومة وروسيا إلى تقديم تنازلات للبيت الأبيض وحلفائه، فهل تتحمل واشنطن هذا الانخراط المكشوف في حرب طائفية بشقها المتعلق بتركيبة التحالف الإقليمي المواكب للتحالف الدولي الخاص بـ«داعش»؟ ما الذي تفضله البيئة المؤيدة ضمناً للتطرّف الإسلامي بحجة الحرب المذهبية المقدّسة، هل تفضل واشنطن البقاء تحت سلطة «داعش»؟ هل تريد واشنطن من وراء حربها إضعاف النظام في سورية وحلفائه، وإذا كان هذا هو الهدف، هل تستطيع تحمّل فاتورة تمدّد «داعش» في سورية؟ هذا إذا افترضنا أن المحور المواجه للسياسات الأميركية لم يتحرّك إذا تحرّكت الولايات المتحدة بهذا الاتجاه بشكل ملموس.
كاتب سوري