المرأة والمعترك السياسي
إيمان شويخ
إنّ الحديث عن مشاركة المرأة في الحياة السياسية تعتريه شوائب كثيرة قد تبدو للبعض عظيمة وتعيق، بدورها، المضي في التخطيط ورسم رؤى مستقبلية حول توليها للحكم تماماً كالرجل دون الانتقاص من شأنها. فما الذي يُعيق دخولها المعترك السياسي، وهي التي كان لها باع طويل في النضال والاعتصام والتظاهر والمشاركة في مؤتمرات عُقدت خصيصاً لرفع نسبة مشاركتها، كمؤتمر بكين واتفاقية «سيداو» واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة والتي تعهَّد لبنان بتطبيقها؟
على الأرض السياسية، تشكلت الحكومة مع تناقضات كثيرة وهجينة، لعلّ أبرزها تولي رجل حقيبة شؤون المرأة وهو الوزير جان أوغاسبيان، الأمر الذي أثار استهجان الرأي العام المحلي والدولي، ففي لبنان تفاجأ الجميع بهذه الخطوة وعبّروا عن ذلك بسخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
كما أنّ وسائل الإعلام الدولية سلطت الضوء على هذا الأمر مستغربة كيف يتولى رجل حقيبة نسائية، لكن في لبنان كلّ شيء وارد، والمستحيل يتحول إلى حقيقة قائمة «بليلة ما فيها ضو قمر».
لنعد إلى الوزارة المستحدثة، وهي الوزارة الأولى التي تُعنى بشؤون المرأة، وهذا يعني أنّ السلطة السياسية التي يُمسك بزمامها الذكور بشكل شبه كلي بدأت تقتنع بأنّ المرأة التي استطاعت أن تتبوّأ مناصب هامة وتوازي الرجل بإمكاناتها، خاصة في مواقع المحاماة والقضاء، هي محقّة في أن تكون قضاياها مطروحة على جدول أعمال مجلس الوزراء. لكن هل يقتصر الأمر هنا على حقوقها المدنية والعامة ووضعها في قوانين الأحوال الشخصية، أم يتعداه إلى حقوقها السياسية المتمثّلة بحقها في الترشُّح وحقها أيضاً بالحصول على نسبة مقاعد محدّدة في المجلس النيابي، ونسبة تمثيل عادلة في مجلس الوزراء.
لم تتغيّر النسبة كثيراً عن السنوات الماضية وبقيت نسبة تمثيل المرأة في الحكومة تتراوح بين 3 و4 في المئة.
من جهة أخرى، تفاءل البعض الآخر بتولي المرأة حقيبة وزارية، وهي وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، وقد قامت حركة «أمل» بهذه الخطوة لترجمة توجُّهات ومقرّرات مؤتمرات الحركة التي تشجّع على إعطاء المرأة مركزاً هاماً في مواقع صنع القرار سواء في البلديات أو في مجلس النواب أو الحكومة، بحسب ما يُؤكد مصدر قيادي في الحركة، وهذا يعني أنّ الإنجاز يُسجَّل لدولة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يشدّد دائماً على ضرورة تمثيل المرأة، وألا يقتصر وجودها فقط على الأحزاب والمكاتب السياسية.
علامات الاستفهام تتزايد، وهناك غموض يلفّ طريق المرأة المليء بالصعوبات التي تعيق وصولها، على الرغم من ازدياد الحركات المطالبة بالمساواة في القرن الواحد والعشرين. فهل تحمل الانتخابات النيابية المقبلة كوتا نسائية تضمن للمرأة نسبة مقاعد تساوي 33 في المئة، خاصة أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري قال في خطابه عقب تشكيل الحكومة إنّه سيعمل على إقرار الكوتا النسائية؟ أم أنّ الحركات الذكورية ستكون بالمرصاد وتواجه أية محاولات تعطي المرأة حضوراً أقوى في الحياة السياسية، لئلا تصبح النسبة 50 في المئة من مقاعد المجلس النيابي أو ربما تصل إلى تمثيل كامل وتقلب الآية ويبدأ الذكور بالمطالبة بكوتا ذكوريّة؟