الفنانة التشكيلية هناء الساحلي لـ«البناء» و«حواس»: اللوحة هي روح الفنّان وأحاسيسه

حاورها: محمد عمرو

الفنانة التشكيلية هناء الساحلي، تشدّك بتعابيرها السحرية البسيطة، لكنها خارقة لأعماق المعرفة، عابرة لأفاق الأمكنة والأزمنة. تستخدم الحكمة بتراتبية معناها ودقيقة في رؤيتها، تستجمع الصورة في مخيّلتها في أرقّ ملامحها وإبداعها.

عندما تحاورها، تحدّثك وكأنّ أناملها ترقص على اللوح فّناً، وعلى إيقاع ترانيم موسيقى الألوان، فتصبح لوحتها مصنوعة من الطبيعة ومن الخيال الإبداعي السرمدي.

«البناء» و«منبر حواس» التقيا الفنانة التشكيلية هناء الساحلي، وكان معها هذا الحوار.

كيف نتعرّف إلى الفنانة التشكيلية هناء الساحلي؟

ـ هناء الساحلي من بلدة أنصار الجنوبية، أملك موهبة الرسم منذ طفولتي. وعندما كبرت رغبت في تطويرها، وقد عملت في تدريس مادة الفنون لمدّة 15 سنة، إضافةً إلى رسم الجداريات والخلفيات المسرحية.

كيف جئت إلى عالم الفنّ التشكيليّ؟ وما الذي استهواك في هذا الفنّ العظيم؟

ـ بدأت الرسم منذ الصغر، وكنت ألفتُ انتباه المعلّمين في المدرسة لتميُّزي عن زملائي. فحصلت منهم على التشجيع ومن أهلي وأصدقائي. وقد عشقت هذا الفنّ، فمن خلاله أستطيع إعادة تشكيل العالم كما أحبّ وأشعر.

هل كانت لكِ ميول فنّية أخرى كالعزف أو الموسيقى أو الغناء؟

ـ أجدني في فنون كثيرة، لكنّني ركزت على الرسم فقط، وبه اختصرتها. فبالألوان أعزف وأروي أجمل القصص.

مَن مَثَلك الأعلى من الفنّنين؟ وهل تأثرتِ بفنّانين محلّيين أو عالميين؟

ـ تأثّرت بالفنان العالمي رينوار، وقد أعدتُ رسم بعض لوحاته. ومحليّاً تأثرت بالفنان اللبناني مصطفى فروخ.

أما زلتِ تذكرين اللوحة الأولى لكِ؟

ـ نعم، كانت نقلاً عن الفنان العالمي رينوار.

برأيك، أيّهما يعتبر الأهمّ، الفنّ الواقعيّ أم الفن التجريديّ؟ وهل صحيح أن على الفنان أن يبدأ بالمدرسة الواقعية حتى تكون لديه مرجعية لأسس اللون وتكوين لوحته؟

ـ المدرسة التي يستطيع الفنان من خلالها التعبير عن ذاته تصبح هي الأهمّ بالنسبة إليه. ولكن لا بدّ من الانطلاق من المدرسة الواقعية قبل أن يتعمّق في أيّ فنّ. فهي الأساس.

مَن يرسم اللوحة، هي التي ترسم نفسها؟ أم الكامن في أعماق الفنّان، أم موهبته وقدرته على الرسم البارع؟

ـ اللوحة هي روح الفنان. بها يعبّر عن أحاسيسه. ولكي يعبّر عنها بإتقان لا بدّ أن يملك القدرة والموهبة.

هل تحرصين على نهج مدرسة معيّنة أو أكثر؟ أم أنّك لا تتقيدين بمدرسة معيّنة؟

ـ أفضّل المدرسة الواقعية.

ما الذي يحرّك في داخلك حسّ الفنّانة لتبدعي عبر الريشة والألوان؟

ـ حبّ الطبيعة بألوانها الساحرة وتبدّل فصولها.

كيف تتعاملين مع الألوان، كيف تختارينها، وما دور الألوان في إغناء اللوحة وجماليتها؟

ـ الألوان تحدّد شخصيتي. أختارها من الطبيعة فأقيم معها حواراً يعكس حزناً أو فرحاً يبرزان في اللوحة.

مِن أين تستلهمين مواضيع أعمالك؟

ـ من الطبيعة اللبنانية والتراث والواقع الذي يحيط بي.

يعتبر الفنّ التشكيليّ من أعظم الفنون لأنه لا يحتاج إلى ترجمة، ما رأيك؟

ـ أوافقكم الرأي. فهو يعيد صوغ الواقع بإضافة شيء من روح الفنان. وباستطاعة أيّ شخص فهمها من دون اللجوء إلى الفنان لترجمتها وفكّ رموزها.

كفنانة تشكيلية، ماذا قدّمتِ للفنّ التشكيليّ؟

ـ الفنّ هو الذي قدّم لي، فهو وسيلتي للتعبير ويمنحني الشعور بالمتعة والفرح بعيداً عن ضغوطات الحياة. وهو اللغة التي أصل بها إلى قلوب الناس.

ما هي اللوحة الفنية التي تجدين نفسك منجذبة إليها؟

ـ تشدّني اللوحة التي تعكس حركة الناس والقرية اللبنانية، حيث الحياة البسيطة والبيوت القديمة التي تعيدني إلى الزمن الجميل.

هل تعتقدين أنّك قربَ الجسر الذي سوف يوصلكِ إلى مبتغاكِ؟

ـ آملُ ذلك، فمتطلّبات الحياة أحياناً تُشكّل عائقاً أمام أهدافنا وتُغيّر المسار.

هل أنتِ مقتنعة أنّك وصلتِ الى المأمول في داخلك، أم أنّ رضى المتذوّق للفنّ غاية لا تُدرَك من وجهة نظرك؟

ـ الرضى التام يقتل الطموح ويمنع التقدّم. أنا أعتبر نفسي ما زلتُ في بداية الطريق.

كم عدد ثروتكِ من اللوحات والأعمال الفنّية؟

ـ أنجزت الكثير لكنّني لا أملك منها إلّا القليل، لأن أعمالي بمعظمها كانت ضمن الوظيفة التي قضيت فيها سنوات طويلة من عمري.

هل لكِ أن تصِفي ولو بإيجاز كيف كان شعورك عندما أُعجب مَن أُعجب بلوحةٍ من لوحاتك، وطُلب منكِ تقدير قيمتها المادية لمن رغب في حيازتها؟

ـ هو شعورٌ رائع أن يُعجَب الناس بأعمالي ويرغبوا باقتنائها. إنّما في الوقت نفسه لم يكن من السهل التخلّي عنها وتقديرها ماديّاً.

أتذكرين التوصيف الحقيقي لمفارقتك تلك اللوحة، أتذكرين عنوانها؟

ـ تنتابني مشاعر متناقضة. أحزن لمفارقتها فهي جزءٌ من الروح كأنك تودّع أحد أبنائك أو تتخلّى عن قصة حبّ صادقة. وأفرح في الوقت نفسه حين تخرج أعمالي إلى الضوء ويتمتّع الناس بالنظر إليها.

هل كنتِ راضيةً عن تقييم عملك الفنّي من قبل المشاهدين؟

ـ إعجاب الناس يمنحني السعادة، خصوصاً عندما يكون أحد كبار الفنانين. فكنت أعتبره شهادة أعتزّ بها.

هل من كلمة الأخيرة؟

ـ أودّ أن أتقدّم إليكم بجزيل الشكر مع تمنّياتي لكم بدوام النجاح والتقدّم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى