إنجاز الجيش السوري في الحسكة يقلب المعادلات في حرب «داعش»
كتب المحرر السياسي
سورية التي استمعت إلى تهديدات أوباما تبسّمت كما تبسّم الإمام علي الخامنئي لدى قراءة طلب أوباما للتعاون في الحرب على «داعش»، فالدولتان جدّيتان في الخيارات وتعرفان معنى الالتزام، ولذلك تعرفان أنّ واشنطن تهتمّ بالبعد الإعلامي لما يصدر عنها في هذا المجال أكثر من جديتها في الذهاب للحرب، التي ينقصها سبب معطل ليس عند سورية ولا عند إيران، وهو مشاركة تركيا، التي لا تشارك بضوء أخضر أميركي خلفيته عدم إنهاء «داعش»، التي يقول ديبلوماسي أميركي سابق إنها هدية إلهية، كي لا يترتب على الأجيال «الجهادية» التي لا سبيل لوقف تناسلها في الغرب أي أزمات خطيرة، فتبقى «داعشتان» المحاصرة والمنهكة عاجزة عن تشكيل خطر جدي في الإقليم، لكنها تبقى قطباً جاذباً لهؤلاء.
في سورية تصعيد غير مسبوق، بتوزيع قذائف الهاون وصواريخ قصيرة المدى، بصورة عشوائية للإرباك، واندفاعات انتحارية بلا جدوى لعشرات المسلّحين في عدد من الأحياء، بما يؤكد أنّ قراراً، أبعد من لعبة محلية لحيّ محاصر مثل جوبر تقف وراءها، خصوصاً أنّ أمكنة إطلاق القذائف، واندفاعات المسلحين متعدّدة، ومشاركة فصائل مثل «الجبهة الإسلامية» و»النصرة» وبقايا «الجيش الحر»، يؤكد المتسرّب من معلومات عن قرار توافقي سعودي قطري بجعل الخبر الأبرز في التطورات السورية، الإرباك الأمني لأحياء العاصمة السورية، حيث تكفل الجيش بالتعامل مع كلّ هذه الاندفاعات وامتصاص قدراتها، واعتقال وقتل أغلب منفذيها، ما يجدد التأكيد على أنها أعمال انتحارية، ولو شارك فيها مئات المسلحين.
مع الإنجازات العسكرية في العاصمة، على رغم الضغط المكثف من جانب المجموعات المسلحة بتسمياتها المختلفة، التي تريد تقديم أوراق اعتمادها لنيل التمويل في ما وصلها من معلومات عن ميزات للمشاركين في الحرب على «داعش» والدولة السورية معاً، كان الجيش السوري ينجز ما يتعدّى حدود العمل العسكري التقليدي بسيطرته على عشرات القرى في الحسكة، بصورة بدا معها أنه يقترب من السيطرة على معادلة الحدود العراقية – السورية، كخط عسكري يجعل الحرب على «داعش»، ضمن معادلة مختلفة، تسقط فرضية خطر التمدّد عبر الحدود، وفصل الحرب على «داعش» العراق عن «داعش» سورية، ضمن خطة يبدو أن هدف الجيش منها منع اندفاع مسلّحي داعش للتسلّل نحو سورية هرباً من الغارات الجوية في العراق، ومنع التهديدات الأميركية والمبرّر للغارات ضمن أراضي سورية بذريعة التسلل المعاكس.
لبنانياً يبدو أن الخيارات التسووية تقترب من إنجاز تفاهم يبدأ بجلسة نيابية تشريعية وينتهي بالتمديد للمجلس النيابي، فقد.شهدت الساعات القليلة الماضية إشارات إيجابية تنبئ بعودة المجلس النيابي لعقد جلسات تشريعية في غضون الأسبوعين المقبلين وتمثل ذلك بإبلاغ عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان رئيس المجلس نبيه بري الذي التقاه أمس في عين التينة، استعداد «القوات» لعقد جلسات تشريعية متمنياً أن يكون جدول الأعمال القضايا الضرورية. وتبلغ من رئيس المجلس أن لا خلاف في هذا الأمر. كما أبلغ عدوان بري أن هذا الموقف هو موقف تيار «المستقبل» أيضاً. لكن مصادر مطلعة قالت إن هذا الأمر غير مؤكد كلياً نظراً إلى أن التجارب السابقة مع رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة لم تكن مشجعة.
ومساء أبلغ بري زواره أن اللقاء مع عدوان كان إيجابياً وأنه سمع منه موقفاً بأن القوات مع عقد الجلسات التشريعية من دون شروط لكنه يفضل أن يكون التشريع محصوراً بالقضايا الضرورية، ورد عليه بري بأن هذه النقطة لا خلاف عليها. واعتبر أن ما سمعه من عدوان هو موقف متقدم وينطوي على تفاهم مبدئي ينتظر ترجمته مع حلفاء القوات مع العلم أن بري سمع من النائب سامي الجميل أثناء استقباله له في عين التينة أول من أمس، كلاماً إيجابياً لكنه لم يقل صراحة إنه مع التشريع. أما الأولويات المطروحة للتشريع فعرض بري أبرزها أمام زواره وهي: سلسلة الرتب والرواتب، اليوروبوند، الموازنة العامة، موضوع دفع الرواتب للموظفين، تعديل قانون الانتخاب بالنسبة للمهل.
وأشار بري إلى أنه يستطيع عقد جلسة واحدة لإقرار هذه المواضيع. من جهة أخرى، جدد بري تأكيده رفض التمديد، وقال: «إذا قرر المجلس التمديد في جلسة مقبلة فإن كتلتي ستكون ضد ذلك وهذا موقف ليس للمناورة ولا للمقايضة»، مشيراً إلى أن الوقت متاح لإجراء الانتخابات، وأن الوضع الآن أفضل من عام 2013 عندما مدّد المجلس لنفسه. وفي المعلومات أيضاً لـ«البناء» من مصدر في «14 آذار» أن اتصالات ستجرى بين أطراف هذا الفريق لحسم الموقف نهائياً، وإذا كانت النتائج إيجابية فإن ذلك سيفتح الطريق أمام الجلسة التشريعية المرتقبة.
وبحسب المعلومات فإن بري سيدعو هيئة مكتب المجلس للاجتماع وإقرار جدول أعمال هذه الجلسة مع العلم أنه يوجد جدول أعمال سابق وفي كل الأحوال ستكون السلسلة على رأس الجدول، بعدما أصبحت مقاربتها أفضل ما قد يؤدي إلى إقرارها بحسب المصدر.
وأكد النائب أنطوان زهرا لـ«البناء» أن التمديد ليس مطلباً لـ14 آذار، وأن الوضع لا يحمل مزايدات، لافتاً إلى أن الفريق المذكور جاهز للانتخابات أكثر من 8 آذار. إلا أنه أشار إلى أن اللقاء بين الرئيس بري والنائب عدوان درس كيفية تجنب الوصول إلى الفراغ في المؤسسات الدستورية، ولا سيما في ظل الفراغ في سدة الرئاسة، وإن كان هناك استحالة في إجراء الانتخابات يجب تفادي تمدد الفراغ إلى المجلس.
من ناحية أخرى، أشار زهرا إلى أن اللجنة التي سيكلفها فريق 14 آذار التواصل مع فريق 8 آذار ستجتمع مع مختلف القوى السياسية بعيداً من الإعلام لاستمزاج بعض الآراء السياسية، باستثناء كتلة الوفاء للمقاومة التي سيلتقي بعض نوابها بأعضاء اللجنة في المجلس.
موجبات التمديد أمنية وسياسية
في هذا الوقت، بدا موضوع التمديد للمجلس أنه يسلك طريقه أيضاً بعيداً من الأضواء.
ويقول مصدر نيابي مطلع إن كل ما يحصل من إجراءات قامت بها الحكومة وآخرها ما يتعلق بالترشيحات للانتخابات التي انتهت مهلة تقديمها منتصف ليل أمس، إنما هي من باب الالتزام بما ينص عليه القانون طالما لم يقر موضوع التمديد في مجلس النواب، على اعتبار أن الحكومة لا يمكنها أن تترك الأمور من دون أن تقوم بالتزاماتها. ويرى المصدر أن هذه الإجراءات ستتواصل إلى حين صدور إجراء أو قرار معاكس لذلك إما عن الحكومة أو مجلس النواب وهذا الإجراء أو القرار ينتظر حصول توافق بين الكتل النيابية أو معظمها على الأقل حول آليات إخراج التمديد وبالدرجة الأولى مع الرئيس بري بهذا الخصوص والتي سيكون عنوانها إعادة النشاط لعمل مجلس النواب وعودة «قوى 14 آذار» عن قرار مقاطعة التشريع.
ويلاحظ المصدر أن الموجبات التي ترجح التمديد ليست أمنية فقط بل هي سياسية كذلك، ومنها رفض كتل نيابية أساسية وأبرزها كتلة المستقبل ومرجعيات روحية أيضاً وفي مقدمها البطريرك الماروني بشارة الراعي حصول الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، بالإضافة إلى إشكالية قانونية تتعلق بالاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات النيابية وأيضاً إصدار مراسيم قبول استقالة الحكومة الحالية وتشكيل الحكومة الجديدة.
ولهذه الأسباب يعتقد المصدر أن السير بالتمديد ينتظر الوصول إلى توافق بين الكتل النيابية، خصوصاً مع الرئيس بري حول تفعيل عمل المجلس في المرحلة المقبلة بانتظار انتخاب رئيس للجمهورية. ورأى المصدر أن مدة التمديد مرجحة أن تزيد على السنة ونصف السنة .
وصعوبات لوجستية
إلى ذلك، أقفل عند الثانية عشرة من منتصف الليل باب الترشيحات للانتخابات النيابية المقبلة في مبنى وزارة الداخلية، حيث وصل عدد المرشحين إلى 514 مرشحاً بينهم 35 مرشحة.
وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق أن الانتخابات العامة تأتي في 16 تشرين الثاني على أساس قانون الستين، لافتاً إلى أن الإشكال في شأن تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات لم يحل بعد وصدور المرسوم لم يتم حتى الآن بسبب الخلافات السياسية داخل مجلس الوزراء.
كما أعلن المشنوق أنه للمرة الأولى ستحصل انتخابات خارج لبنان في كل من الكويت وسيدني ومالبن في أستراليا، كما أنه للمرة الأولى يجري الترشح بواسطة نظام مكننة متطور بحيث تستقبل الوزارة طلبات الترشيح وتصدر الإيصالات.
وأشار إلى «أن وزارة الداخلية باتت جاهزة بشكل أفضل من عام 2009 لإجراء الانتخابات وأن الأمر الآن أصبح في عهدة السياسيين ومجلس النواب»، مؤكداً «أنه يلتزم بقرار كتلة المستقبل بحال قررت التمديد أو عدمه».
ورجحت مصادر معنية أن تكون تقارير الأجهزة الأمنية التي طلبها وزير الداخلية من قادة الأجهزة الأسبوع المقبل، تميل نحو تفضيل عدم إجراء الانتخابات على اعتبار أن هناك صعوبات أمنية ولوجستية أمام حماية العملية الانتخابية، خصوصاً أن هذه العملية تحتاج إلى نقل وحدات عسكرية كبيرة من محافظة إلى أخرى وهو أمر فيه الكثير من الصعوبات اليوم نظراً للمهمات الأمنية الواسعة والكبيرة الملقاة على عاتق الجيش وباقي الأجهزة الأمنية، ولأن هناك أيضاً مخاطر إزاء ترك هذه الوحدات للمناطق التي تتمركز فيها حالياً.
القدرة الإلهية تدير الوطن
وأكد الوزير السابق مروان شربل لـ«البناء» بعد زيارته الرئيس بري أمس، أن لا جدية في إجراء الانتخابات النيابية منذ العام الفائت، وإلا لكان تم خلال التمديد الأول، العثور على قانون جديد للانتخابات. ورأى أن التمديد حاصل مقابل شروط قاسية سيلتزم بها الجميع فالرئيس بري لن يقبل بالتمديد لمجلس يبقى معطلاً، وبالتالي فإن التمديد سيقابله إقرار سلسلة الرتب والرواتب وإقرار اليوروبوند والموازنة، ولا سيما أن هناك شغوراً في سدة الرئاسة والحكومة واقفة على «صوص ونقطة».
وأشار إلى أن التذرع بالوضع الأمني ليس دقيقاً ولا سيما أن قائد الجيش أعلن جاهزيته لمواكبة العملية الانتخابية عتاداً وعديداً، لافتاً إلى أن المشكلة تقع عند هيئة الإشراف على الانتخابات التي كان من المفترض أن تؤلف قبل عشرة أيام من دعوة الهيئات الناخبة الأمر الذي يجعل من الترشيحات التي قدمت غير قانونية ومخالفة للمادة 25 من الدستور. وشدد شربل على أن النار تحيط بلبنان وأن القدرة الإلهية هي التي تدير الوطن.
صفقة التمديد تمت
وأكدت مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن فريق 14 آذار بدأ يسوق للتمديد الذي كان مدار بحث في اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة القوات اللبنانية جورج عدوان. وأشارت المصادر إلى أن صفقة التمديد ستسلك مقابل تفعيل العمل المجلس، وإقرار اليوروبوند وموازنة 2014 التي أعدها وزير المال علي حسن خليل، بالإضافة إلى إعادة تكوين السلطة عبر إقرار قانون انتخابي جديد على أساس النسبية.
إلى ذلك، أعرب رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون عن اعتقاده بأن صفقة التمديد للمجلس النيابي قد تمت، مشيراً إلى أن «القناعة كانت قد تشكلت قبل الجلسة النيابية الأخيرة».
وكرر عون في حديث إلى محطة O.T.V ضمن برنامج «بلا حصانة، رفضه التمديد معتبراً أن «لا شيء يمنع إجراء الانتخابات النيابية حتى لو تأخر تشكيل الهيئة». وأعلن أن اثنين فقط من التكتل لا يريدان تقديم ترشيحاتهما وهناك أسماء جديدة.
وأكد عون «أننا مع إجراء الانتخابات النيابية على أن ينتخب المجلس الجديد رئيس جمهورية جديداً»، متسائلاً: «لماذا أعمل بالسياسة حتى تأتي دولة أجنبية وتضع فيتو علي؟». واعتبر أن «الرئيس يجب أن يكون حراً وغير مرهون ليكون حكماً، وبقدر ما يكون مستقلاً يكون حكماً جيداً وفي ما عدا ذلك لا يمكنه أن يحكم الشعب اللبناني».
تنصيب المفتي
على صعيد آخر، تحول حفل تنصيب مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في مسجد محمد الأمين عصر أمس، إلى لقاء سياسي وديني لبناني وعربي جامع. وألقيت كلمات شددت على الوحدة الوطنية والتمسك بالعيش المشترك لجبه المخاطر المحدقة بلبنان المتمثلة بالإرهاب التكفيري.
النصرة تهدد: حمية سيدفع الثمن
وفي ملف العسكريين المختطفين لدى «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش»، أكد الوزير شربل أن هناك صعوبة في تحريرهم، لافتاً إلى أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم يوظف خبرته وعلاقته مع قطر وتركيا لإطلاق سراح المخطوفين، إلا أنه لا يجوز تحميله أكثر مما يحتمل إذا أخفق في هذه المهمة ولا سيما أن هؤلاء الإرهابيين لا يعترفون بلبنان أو بسورية أو العراق.
من جهتها، أعلنت «جبهة النصرة» أن تصريحات المسؤولين الأخيرة حول المفاوضات في شأن العسكريين المحتجزين لديها تشير إلى أن الطريق مسدود.
وقالت الجبهة عبر حسابها على تويتر: «ليعلم الجميع أن طريق المفاوضات لم يغلق من قبلنا، وليس عندنا مطالب تعجيزية كما يدعون ولكن عندما سمعنا تصريحاتهم أن المفاوضات قد تطول لشهر أو شهرين علمنا أن الطريق مسدود من قبلهم». وزعمت أنها أيقنت ذلك «عندما رأينا الجيش المسير من الحزب الإيراني يتابع عملياته الممنهجة بالتضييق على اللاجئين السوريين في الداخل وعلى حدود عرسال فلا تلومونا إن طفح الكيل».
وهددت «النصرة» أن يكون محمد معروف حمية أول من سيدفع الثمن نتيجة تعثر المفاوضات». وأشار قيادي في «النصرة» لوكالة «الأناضول» إلى أن «مفاوضات إطلاق سراح العسكريين متوقفة على عكس ما يوحي المسؤولون اللبنانيون»، لافتاً إلى أن «الوسيط القطري لم يزرنا منذ أسبوع».
إلى ذلك، واصل الجيش دهم أماكن تجمع النازحين السوريين في مختلف المناطق وأوقف عدداً منهم لحيازتهم أسلحة أو مشتبه بانتمائهم إلى تنظيمات إرهابية. وأوقفت مخابرات الجيش في بلدة علمان الساحلية في إقليم الخروب سبعة سوريين بتهمة تجنيد أشخاص لدى منظمات إرهابية، وقد بوشرت التحقيقات مع الموقفين، وعلم أن الموقفين من المقيمين في بلدتي الرميلة وعلمان.