تخطئون إنْ أنتجتم قوانين إرعابية
معن حمية
تُطرح في سوق التداول السياسي صيغ عديدة لما سيكون عليه قانون الانتخابات النيابية اللبنانية، ولكلّ واحدة من الصيغ المطروحة أسباب موجبة، جهوياً وطائفياً ومذهبياً.
أما صيغة لبنان دائرة واحدة واعتماد النسبية والانتخاب خارج القيد الطائفي، والتي تحظى بكلّ الدعم والتأييد في خطاب معظم القوى السياسية، فهي موضوعة جانباً، وليست محلّ نقاش، لا في العلن ولا في السرّ.
في العلن، لا تستطيع أيّ جهة التنكيل بصيغة قانون الدائرة الواحدة والنسبية، فهي وفق كلّ المعايير تحقق صحة التمثيل وعدالته، وترقّي الحياة السياسية وتشكل أساساً متيناً لبناء دولة المواطنة الحقيقية. لكن البعض في لبنان يتبرّع لحماية هذه الصيغة المثلى فيمنع اعتمادها، خشية أن يصيبها سلاح المقاومة بمكروه! وبعض آخر لحسابات أخرى معروفة.
في السرّ تطرح الهواجس وتناقش على بساط أحمدي. يخرج الدخان الأسود معلناً بأنّ القانون الذي يبدّد الهواجس هو الذي يضمن استمرار الاستئثار بالتمثيل من دون وجه حق ديمقراطي!
إنّ مشروع القانون الذي يجعل من لبنان دائرة انتخابية واحدة ويقوم على أساس التمثيل النسبي، هو مشروع حياة للبنان، ينقذه من براثن الطائفية والمذهبية، ويعزّز وحدة اللبنانيين، دونما الحاجة أن يكونوا رعايا طوائف ومذاهب.
هو مشروع يختصر الطريق فيسرّع تحقيق كلّ المندرجات الإصلاحية التي نصّ عليها اتفاق الطائف، وفي مقدّمها إلغاء الطائفية.
هو مشروع يحرّر الحياة السياسية والممارسة الديمقراطية في لبنان من لوثة الطائفية والهيمنة والاستئثار والتلاعب بمصير الناس عبر فرزهم عنصرياً على أساس الطائفة والمذهب والقبيلة…
هو مشروع لصياغة نظام جديد في لبنان، نظام مدني ديمقراطي يقوّض النظام الطائفي بكلّ مساوئه وولاءاته الخارجية.
لهذه الأسباب، ولغيرها، يوغل السياسيون الطائفيون في رفض قانون عصري للانتخابات النيابية.
ولهذه الأسباب، نرى نحن في الصيغ الأخرى الطائفية الاستئثارية تعارضاً مع مصلحة لبنان واللبنانيين، وتهميشاً وضرراً بالغاً بوحدة لبنان وسمو المواطنة.
للذين يريدون قوانين على مقاساتهم، نقول: أنتم تأخذون لبنان إلى حافة الهاوية، وتؤسّسون لأزمات مستقبلية للقضاء على ما تبقّى من أمل بغد مشرق.
لرافضي قانون الدائرة الواحدة والتمثيل النسبي، نقول: أنتم ترتكبون جريمة كبرى بحق اللبنانيين، وستحاكَمون عليها.
قد تستهزئون بما نقول، لكن لن يطول الوقت، فإن أخطأتم وأنتجتم قوانين انتخابية إرعابية، فإنّ السحر لا بدّ أن ينقلب على الساحر. فالقوانين التي تؤسّس للفرقة والتنابذ لا بدّ أن تصيب أصحابها.
بالنسبة لنا، سنبقى ثابتين على مشروعنا الإنقاذي، والنضال في سبيله مقاومة. لذا سنناضل حتى ولو انفضّت كلّ القوى من حولنا.
وللناس نقول:
تحرّروا من سطوة أمراء الطوائف والمذاهب، شكلوا محكمتكم الشعبية، لمقاضاة الذين ينتزعون حقكم في الاختيار، وحقكم في الإصلاح.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي