حلب وترامب و«الكرد» يسقطون مراهنات أردوغان؟

نظام مارديني

من رحم انتصار حلب وعودة اجزائها الشرقية إلى وحدتها الطبيعية، يكون النظام الدولي الجديد بدأ يتلمس خطواته المتقدمة نحو نظامه الجديد، ولن يؤخر هذا التقدم القانون الذي وقع عليه الرئيس الأميركي باراك أوباما والذي يجيز إمكانية تزويد الجماعات الارهابية في سورية بمنظومات الدفاع الجوي المحمولة على الكتف، ولكن أوباما يدرك أن هذا القانون غير قابل للصرف في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض وهو، أي القانون، ليس أكثر من فقاعة صوت، كما فقاعته «الكردية» التي أعلن عنها من قبل أعضاء المجلس التأسيسي الفيدرالي لكرد سورية.

المشهد الدولي المرتقب بعد دخول دونالد ترامب، رئيساً للولايات المتحدة، إلى البيت الأبيض وقد طوى أوباما معه ملف التنظيمات الإرهابية واسدال الستار عن مؤسسيها وداعميها وقياداتها، قد ينسحب ذلك مع الإدارة الجديدة إلى معقابة مشايخ الخليج الذين احتضنوا قادة وعناصر داعش والنصرة بعد تدريبهم وتمويلهم بالاموال والسلاح وارسالهم للقتال في العراق وسورية بالاتفاق مع الجانب التركي.

مشهد النظام الدولي الجديد والمرتقب هذا، سوف يكشف كل المراهنات التي آلت اليه المنطقة. من هنا يستعجل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومشايخ النفط الخليجي الدعوات إلى تسويات سياسية لازمات سورية والعراق واليمن، ولعل أردوغان يعتبر الأكثر استعجالاً من خلال التوافق مع روسيا وإيران على حل سياسي في سورية من خلال دفع بعض الجماعات المسلحة الموالية لتركية المشاركة بالحوار الذي دعت إليه موسكو في عاصمة كازاخستان أستانا، بوهم تقوية أوراقه في الساحة السورية، استباقاً لمواجهة المشهد المرتقب الذي بدأ يصيب جمهوريته التي تعيش في أسوأ مراحلها، مع دفع الادارة الاميركية لاكراد سورية الدعوة للنظام الاتحادي الديمقراطي في شمال وشرق سورية، لذلك يراهن أردوغان على خيط من الامل، ولكن هل يستطيع ان يغير معادلة القارب والغرق وذلك بخطوة الخروج من الخنادق الداعمة للإرهاب واللاءات والمطالب المستحيلة، وتشييد خشبة النجاة من خلال التنسيق مع موسكو وطهران، والكف عن استهانته بمؤشرات الخطر الذي يطرق الباب التركي؟

يدرك أردوغان ما جاء في احدى الروايات بأن نوحاً كان قد شيد سفينته، أول الامر، في صحراء قاحلة، لا ماء فيها، وحين أغارت مياه الفيضان دفع الغرقى ثمن استهتارهم، واستهانتهم بالاخطار والنصائح.. وهنا السياسة تجيز التصارع بين الدول، لكنها في الوقت ذاته لا تجيز المقامرة.. المقامرة في السياسة قضت على دول وأمم كاملة، والغت خرائط من الوجود، فهل أدرك ذلك أردوغان مؤخراً؟

اتهام أردوغان الولايات المتحدة بعدم التزامها بمحاربة الارهاب جاء متأخراً جداً وهو كان يدرك ان احداً لا يثق بالعالم الغربي وهو يرى جثث اطفالنا فوق عري الارض وعري السماء.. هذا الغرب دخل منذ زمن بعيد في حظيرة أخلاق أكلة لحوم البشر، وهو يقدس أفتك المجرمين كداعش والنصرة والقاعدة.

ختاماً، لن نخرج من كهف الماضي لا للحاضر ولا للمستقبل ما لم نتخلص من عبودية المقدس وسجون الخط الاحمر!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى