ورد وشوك
تعب الحبّ وأراد أن يتحرّر من قيد المتخاصمين المتنافرين، فقرّر الهرب بعيداً حتى عن مدار الزمان والمكان، فما عاد لوجوده بينهما معنى يراعيه.
فالحروب وكوارثها في كلّ الأصقاع، والدماء جداول تصبّ في أنهار غارت فيها المياه من شدّة ظلم الإنسان لأخيه الإنسان.
حالات سادت، تملّق كراهية نكران، لفّ ودوران في المكان نفسه، صورة قاتمة الملامح عاشها الحبّ، كانت وراء اتخاذه القرار. سيقنع الفرح ويأخذه معه في ترحال لا يعرف له اتجاهاً.
تردّد الفرح، قضّ مضجعه الخوف من خوض هذا الغمار، لكنّه أيقن أنه من دون الحبّ يخسر الرهان. جمع مُكرهاً أسبابه وحملها معه معلناً أنه لا وجود له إلّا مع الحبّ أينما حطّ الرحال.
مَضَيا تائهَين في جغرافية الحياة، تاركَين التجهّم يغطّي المساحات. أضناهما التعب من التخبّط في مجهول لا يعرفان فيه متى وأين ستكون نهاية المشوار في منفى هما له من اختار.
شكا الفرح للحبّ شدّة اشتياقه لسكنه في عيون الأطفال، يزهر فيها أملاً، يعدهم بمستقبل قادم أحلى مهما تلاعبت بهم الأنواء.
عندئذٍ، أقرّ الحبّ أنه لم يعد قادراً على كتم شوقه لموطنه في قلوب أمهات فيه، يطلبن من الله النصر لأولادهنّ الأشاوس في مختلف جبهات النضال.
صرّحا باشتياقهما للتموضع في ضمير الآباء، يدفعانهم إلى دوام البذل والعطاء بعيداً عن الملل والاكتئاب، ولمشاطرتهما أماني الصبايا والشباب في تحقيق ما جاؤوا من أجله إلى الحياة، بعيداً عن التردّد والضياع.
استدارا عائدَين معلنَين أنهما سيكونان بلسماً تلتئم به الجراح تحت سماء وطن قاوم وانتصر، فعمّ فيه الحبّ والفرح ورداً فاح شذاه.
تلك كانت سطور قرأتها في زاوية في صحيفة «البناء»، بعدها بفرح وحب دخلت حديقتي، فرشت شالي تحت شجرة الياسمين أتلقّف المتساقط منها بتسارعٍ، بفعل برد الشتاء، وهو يزمع الرحيل لعلّ شعوره بدفء شالي يطيل بعمره القصير، ويبثّه ما يسبّب غيابه من حزن أكيد بعد أن همست لها أنها في ضعفها هي رمز الأصالة والعراقة، رمز دمشق مدينة السحر والحبّ، بلدي بلد الياسمين.
رشا المارديني