تركيا من اليمين إلى اليسار… وتحالف العدوان ينتظر ترامب

جمال محسن العفلق

تتصدّر تركيا الاحداث في المنطقة، فبعد الهجوم الناري من أردوغان على الادارة الأميركية والتحالف الدولي ودخول القوات التركية الاراضي السورية، من دون موافقه الحكومة السورية، بحجة محاربة «داعش»، الذي اصبح يناور بعمليات إرهابية على الاراضي التركية. هذا الانتقال، كان متوقعا، خصوصا بعد محاولة الانقلاب في تركيا وزيادة اعداء أردوغان في الداخل والخارج وتخلي الحلفاء عنه في اوقات مفصلية، كان بحاجة فيها لدعمهم. فالادارة التركية شعرت أنها مستهدفه وإنها حكومة غير مرغوب بها اوروبيا ودوليا وحتى على مستوى الداخل. ما فعلته تلك الحكومة، من اعتقالات وتمديد لحالة الطوارئ، خصوصا أن أردوغان يتحدث عن الديمقراطية بصيغة تقدمه على انه الديمقراطي الاوحد في العالم، على عكس أفعاله، التي تشكل قلقا لكل المحيطين به.

لكن تركيا اليوم، شكلا، مع التحالف الروسي الإيراني وليست ضده. وقد يكون هذا التحالف مؤقتاً، لان تركيا بحاجة للخروج من كرة المشاكل الكبيره، التي نتجت عن سياسة صفر مشاكل وتحولت الى مشاكل اقليمية ودولية. فعربياً، تركيا على خلاف مع العراق وسورية. وتاتي مصر في الترتيب الثاني، بعد خلع الجيش لجماعة الاخوان المسلمين. ولا يوجد عند تركيا ما تقدمة للحلفاء العرب، خصوصا في الخليج، غير تصورها واقتناعها بأنها الدوله الوحيده المؤهلة لحمل راية الاسلام. ومشاكل تركيا مع إيران، لا تقل تعقيدا عن مشاكلها مع الاتحاد الاوربي، الذي يساوم حكومة أردوغان على كل كبيرة وصغيرة. ومازال عالق خارج الاتحاد الاوروبي، الذي يصدمة دائما بالرفض.

وفي انتظار انتقال السلطة إلى الادارة الجديده، في الولايات المتحده وما يسبق هذه الادارة من تصريحات متفاوته في الحده ومختلفه بالاهداف، فكل شيء اليوم، لدى الادراة الجديده، هو بورصة فيها بيع وشراء. فلا بيع للمواقف الأميركية بالمجان ولا تحالف من دون دفع اموال. ولا قرارات في مجلس الامن، من دون ثمن. وهذا ما يقلق تركيا أولاً، لانها ستتحمل نتيجة توقف الدعم عن الجماعات الإرهابية العاملة في سورية وفي الوقت نفسه، تعلم تركيا أن تحالف أعداء سورية وشعبها، عاجزون تماماً، عن العمل لوحدهم من دون الادارة الأميركية. وهنا سيكون على الجميع أخذ الحيطة من القادم. لكن تحالف العدوان، خصوصا العربي منه، فضل المراوحة بالمكان والبقاء على عتبة الباب، في انتظار وضوح الصورة بما ستفعلة ادارة ترامب بعد تسلمها الرسمي وما ستتخذه من قرارات اتجاه إيران وروسيا وسورية. وهل ستستمر أميركا في دعم الإرهاب وتزيين هذا الدعم بعبارة دعم الجماعات المعتدله، أو أنها بالفعل، ستتخلى عن المشاكل الدولية التي تشكل أميركا جزءً منها، اذا لم تكن هي بالاساس صانعه لها؟ هذا ما لا يمكن توقعه، أو حتى انتظارة، خصوصا من قبل السوريين، الذين يبحثون عن الخلاص وانهاء الحرب. فحتى اليوم لا يوجد الا التصريحات، عند الادارة القادمة. ويعلم الجميع أن الحزب الجمهوري، الذي جاء بدونالد ترامب، فيه قوة ضاربة ترفض التعامل مع التحالف الروسي الايراني. وكذلك، هي مجموعه تعمل على مشروع تدمير سورية، لانها تجد في هذا التدمير خدمة للكيان الصهيوني، الذي يعلن يوميا قلقله من تنامي قوة المقاومة المدعومة من سورية.

الانتقال التركي من اليمين الى اليسار، قد يكون حالة مؤقته لا يمكن الاعتماد عليها. فالتركي لا يجيد فن الاخلاص بالعلاقات. وهو جيد جدا في الانقلاب على الحلفاء والتخلي عن الاصدقاء. بل تركيا هي أسوء من ذلك بكثير، لانها تعيش دائما حالة شعور بأنها صاحبة الحق. فتركيا التي تدعي أنها راعية من الثلاثية للمفاوضات القادمة في «استانة». وأنها الضامن لتنفيذ الاتفاق الناتج. هي نفسها، التي تدير عمليات الإرهاب ضد الشعب السوري، من خلال «النصره» وغيرها من الجماعات. والسعي التركي لتشكيل صورة رومانسية عن عملية درع الفرات، ليس الا تدخلا سافرا في شؤون دوله ذات سياده وعملية ابتزاز. وعلى الرغم من هذا، فتركيا تهرب إلى الهاوية، من خلال هذا التورط العسكري. فالواقع على الارض، ليس ورديا كما تصفه الصحافه التركية. والانتصارات مازالت اعلامية، لان القوات التركية ومن معها، مازالوا في حالة مراوحه بالمكان. واذا كانت تركيا صادقة في انتقالها هذا، فعليها طرد من تسميهم معارضة سورية، خصوصا أن تركيا لديها معلومات عن هؤلاء ومن هي الجهات التي تدفع لهم وتحركهم.

أما تحالف أعداء سورية ومن بينهم ما يسمى ائتلاف الدوحة الخائن، الذي توجه منذ أيام الى قطر لاخذ التعليمات والعمل على تعطيل أي مفاوضات، فهو يعيش اليوم، كما بالامس، حاله الضياع والغرق في التقارير الكاذبة، التي ينشرها، مدعيا انه يمثل حكومة تعمل على الارض وتمارس سلطتها. ولكن لا أحد يعلم أين ومتى. فالعالم اليوم يتحدث عن الحل السياسي والمعارضة السورية وتحالف العدوان، مازالوا يقومون بسحب الصور من مواقع التواصل وتحويلها إلى قصص يتسولون فيها العطف السياسي، من بعض الذين مازالوا يصدقون هذه المسرحيات الفاشله. ولا توجد رغبة لدى المعارضة أو داعميها، للبحث عن حل. فالجهل في التغيرات الدولية وانعدام الشعور الوطني لدى من يدعون أنهم معارضة في الخارج، مازال مسيطراً. والاعتماد على اعداء الوطن هو عامود سياستهم. ويبقى أن نقول، رغم السعي السوري للحل السياسي، فإن اليد ستبقى على السلاح، فعدونا غدار وعير مؤهل لحفظ العهود والمواثيق. ومازلنا نتمنى أن تعود ادلب من دون قتال. لكن إذا لم تعد، هي معركة أخرى يفرضها الواقع، لا نسعى اليها. ولكن إن حدثت، ستكون حاسمة والنصر حليف الحق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى