معمعة قانون الانتخاب.. التأهيل طلقة خلّبية أم رصاصة انطلاق؟

هتاف دهام

تسدّ عواصف المواقف المتناقضة نوافذ التوافق بين القوى المختلفة حول قانون الانتخاب. أحياناً، يشعر مَن يتولّون التفاوض حول القانون الانتخابي، بحسب نائب مخضرم يخوض هذا الغمار منذ سنوات لـ«البناء»، أنهم على وشك التفاهم، ثم في لحظة غير مفهومة، يبدو أنّ التوافق مجرد سراب في صحراء الطوائف.

بلغ الاقتراح المختلط بالصيغة المقدّمة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري والصيغة المقدّمة من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات، مرحلة النزاع الأخير، وعلى وشك أن يتمّ دفنه وإهالة التراب على جثمانه. جثمان فرّقته تعديلات كثيرة لم تجد نفعاً.

يتمسك حزب الله بالنسبية الكاملة ومن ورائه حلفاؤه من قوى علمانية ووطنية. يحاول ضخ الحياة بالمشروع النسبي، رغم الفيتو «المستقبلي» و«الاشتراكي».

علمت «البناء» أنّ عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض، المفوّض من حزب الله، التقى في الأسابيع الماضية مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري في عين التينة وجرى استعراض صيغ عديدة وتبادل أفكار وآراء على قاعدة أنّ هذه الاجتماعات ستستكمل.

على مقلب الحلفاء، بحث فياض في اقتراحات ومشاريع قوانين الانتخاب المقترحة مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في مبنى وزارة الخارجية، بحضور النائب ألان عون. والتقى أيضاً عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان في البريستول للغاية نفسها.

على خط كليمنصو، يطغى التوتر الشديد في الآونة الأخيرة على رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط. يستعين بالتغريدات التويترية للدفاع عما يفترضه أنه عرين الطائفة الدرزية في الشوف وعاليه. يبدي خوفاً من أن تتضاءل حصته بما لا ينسجم مع موقفه السياسي.

وبذريعة التلطي بقلق المختارة وعدم إزعاج «بيكها»… يتجه بيت الوسط ومعراب إلى روحنة قانون الستين. رفض رئيس حزب القوات سمير جعجع «تويترياً» أيّ قانون انتخاب جديد لا يرضى به الحزب التقدمي الاشتراكي. وأعلن رئيس الحكومة سعد الحريري أنّ رئيس اللقاء الديمقراطي عنده هاجس أساسي، وهو جزء من المكوّن الوطني ويمثل الدروز، لديه وجهة نظره، وهو منفتح على الحوار وأنا معه في هذا الأمر».

يُبدي «الزرق» مرونة ظاهرية. لا يرفضون النظام النسبي في المبدأ، لكنهم فعلياً يغلقون الباب في وجهه. يتبنّون الاقتراح المختلط ثم يلجأون إلى تفريغه من أيّ محتوى بمعاول التعديلات التي لا تُبقي له طعماً ولا رائحة.

وحده المشروع التأهيلي الذي يقوم على مرحلتين، يستحوذ على النقاش: التأهيل وفق النظام الأكثري في المرحلة الأولى، ثم اعتماد النظام النسبي في المرحلة الثانية. لكنْ ثمّة نقاشٌ بين القوى حول:

1 ـ نسبة التأهيل: هل هي 20 أم 15 أم 10 ؟ هذا في حال اعتماد النسبة، أو اعتماد معيار آخر يتراوح بين أول مؤهليْن أو ثلاثة مؤهلين.

2 ـ حجم الدائرة في التأهيل. هل هي القضاء، أم المحافظة الصغرى، أم المحافظات الكبرى التاريخية؟ ثم ما هو حجم دائرة الانتخاب النسبي؟ المحافظة الصغرى، أم المحافظة الكبرى التاريخية؟

الأكيد، أنّ التأهيل هو الطلقة الأخيرة في التوافق اللبناني هل تكون خلّبية كاذبة تتلاشى كومضة في سماء التناقضات اللبنانية؟ أم تكون الرصاصة التي ستخرق جدار الأزمة؟ هذا ما سيظهر ويتجلى في ما تبقى من مهلة متسارعة في الأيام المقبلة…؟

يبدو أكيداً لبعض المتابعين أنّ ما يجري لن يتعدّى استهلاك الوقت للحظة اقتراب نهاية المهل القانونية للانتخابات، وصولاً إلى إعلان الخبر الحزين، «عالستين يا بطيخ». ويكفي لمعرفة هذه النتيجة تخيّل معنى أن يكون رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي بشر اللبنانيين يوماً بالنسبية خارج القيد الطائفي ولبنان دائرة واحدة قبل أن يسمعوا بها وهو يقود الحركة الوطنية وبرنامجها الإصلاحي، هو رئيس الحزب نفسه الذي يقود اليوم الحرب على شعار كان يختصر برنامج حزبه لسنوات!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى