الخلاف المزعوم بين إيران وروسيا
حميدي العبدالله
ردّدت بعض وسائل الإعلام المعادية لسورية، وجارتها بعض وسائل الإعلام الداعمة لسورية، معلومات تفيد بوجود خلافات بين إيران وروسيا حول الهدنة وحول الموقف من الغزو التركي لبعض الأراضي السورية، وتصاعد الحديث عن الخلاف في الآونة الأخيرة، وتحديداً بعد اتفاق وقف العمليات الذي وقعته تركيا مع روسيا.
فهل ثمة خلافات جدية بين إيران وروسيا، ولا سيما حول اتفاق وقف العمليات مع تركيا؟ مصالح الدول في غالب الأحيان لا تتطابق، ويكون هناك تباين في هذه المصالح. لكن في سورية مصالح ورؤية إيران وروسيا هي أقرب إلى التطابق، وقد يكون للدولة السورية رؤية مختلفة مع روسيا وإيران مثلاً حول مدى الرهان على إمكانية تغيير موقف تركيا من الأزمة السورية، دمشق لا ترى وإنّْ لم تعارض، أن محاولات روسيا وإيران التأثير على موقف تركيا ستحقق نجاحاً.
على أية حال عدم الخلاف بين روسيا وإيران في الآونة الأخيرة تؤكده وقائع يصعب تجاهلها، ذلك أنّ إعلان اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع بين تركيا وروسيا تمّ التوصل إليه في اللقاء الثلاثي الذي جمع وزراء خارجية إيران وروسيا وتركيا وتضمّنه إعلان موسكو. وبموجب هذا الإعلان كلفت روسيا التفاوض نيابة عن الحكومة السورية وإيران إجراء حوار مع تركيا للوصول إلى هذا الاتفاق كون تركيا تحوز على تأثير كبير على الجماعات المسلحة في سورية، ولا سيما الجماعات غير المستثناة من وقف إطلاق النار لأنها غير مصنفة إرهابية دولياً.
إذاً اتفاق وقف إطلاق النار، كذلك الذهاب إلى أستانة، خطوات تمّ التوافق عليها بين روسيا وإيران وتركيا في اللقاء الثلاثي وتضمّنها إعلان موسكو الذي وقعت عليه الدول الثلاث.
هكذا فإنّ من يتحدث عن خلاف بين روسيا وإيران حول اتفاق وقف القتال أو الذهاب إلى أستانة يدحضه توقيع إيران على إعلان موسكو الذي تضمّن هذه الخطوات.
في الواقع الحديث المتصاعد في وسائل الإعلام المعادية لسورية عن خلافات روسية إيرانية هو ترجمة لتوصية قدّمها «معهد واشنطن» الموالي للكيان الصهيوني والذي يدعو إلى إثارة الخلاف والشقاق بين روسيا وإيران، ولأنّ مصالح ورؤية روسيا وإيران حول سورية متطابقة، أو على الأقلّ متقاربة إلى حدّ كبير، فإنّ ثمة محاولات تبذل لضرب وحدة الرؤية الروسية الإيرانية لما لذلك من تأثير إيجابي على الحرب ضدّ الإرهاب في سورية.