بعد تفكيك «خلية» النازحين جدّية «اللجنة» تحتّم التواصل مع الحكومة السورية
معن حمية
بالأمس وُضع ملف النازحين السوريين على طاولة الحكومة اللبنانية، فتمّ تسجيل انتقاله من عهدة «خلية الأزمة» إلى لجنة يرأسها رئيس الحكومة وتضمّ الوزراء المختصين. مضافاً إلى ذلك كلام يؤكد بأنّ التعاطي مع هذا الملف لم يكن بالمستوى المطلوب، ونحن نجزم بأنه كان قاصراً وغير مجدٍ على الإطلاق.
وزير الثقافة غطاس خوري الذي تلا مقرّرات مجلس الوزراء، تحدّث عن وجوب أن يكون للدولة اللبنانية «استراتيجية»، و»سياسة متكاملة تقوم الدولة بالدفاع عنها والمطالبة بحقوق النازحين»، مؤكداً بذلك كلاماً قيل في الجلسة عن تعاطٍ لا يرقى الى المستوى المطلوب.
غير أنّ الكلام بهذا الخصوص يبقى مجرد كلام، إذا لم يتمّ وضع استراتيجية واضحة للتعاطي مع هذه القضية، وإيجاد الحلول لها.
وبالمناسبة، فإنّ اللجنة المشكلة برئاسة رئيس الحكومة لن تستطيع «القبض» على كلّ حيثيات وتفاصيل ومزاريب ملف النازحين، بمجرد إلزام الوزارات المعنية عدم طلب المساعدة بصورة منفردة، لأنّ هناك «وزارات» ظلّ عديدة تشكلت في السنوات الماضية، وكلّ الأموال الأممية التي تسجل ضمن قائمة الصرف على النازحين السوريين، تذهب بنسبة 75 في المئة منها إلى تلك «الوزارات» وما أكثرها، وما يصل إلى النازحين المسجلين على قوائم الدولة اللبنانية والأمم المتحدة هو الفتات الفتات.
معظم المسؤولين في لبنان يعرفون جيداً أنّ ملف النازحين السوريين في جانبه الإنساني لا يمثل تحدّياً اقتصادياً كما يروّج البعض، وأنّ العنصر الضاغط الوحيد على لبنان في هذا الملف يتمثل حصراً بالجانب الأمني، وكلمة السرّ بهذا الخصوص يمتلكها اللبنانيون الذين شجّعوا علانية على نزوح السوريين وقدّموا الوعود الكاذبة لهم، بغرض استخدامهم ورقة ضغط على الدولة السورية. وهذا أمر ليس خافياً على أحد، لأنه مثبت في التصريحات والمواقف، ولم يمرّ عليه الزمن.
ليست هناك استحالة على الإطلاق بأن تتوصّل اللجنة الوزارية إلى نتائج مجدية في هذه القضية، إنْ هي تعاملت بمسؤولية عالية وبكلّ جدية. فاللجنة تستطيع الوصول إلى كلّ «إضبارات» المسجّلين على قوائم النزوح، وفرزها بين ما هو نزوح فعلي نتيجة الحرب، وبين ما هو نزوح مفتَعل أملته أجندات الدول المتشاركة في الحرب ضدّ سورية.
كما تستطيع اللجنة أن تُجري مسحاً شاملاً على الأموال والمساعدات الأممية التي خصّصت للنازحين، وستكتشف أنّ ثلاثة أرباع هذه الأموال والمساعدات، لم تصل الى النازحين، بل ذهبت إلى جيوب الطواقم التي تمّ توظيفها وخزائن المؤسسات وزارات الظلّ ، وهؤلاء، أفراداً ومؤسسات، هم من غير النازحين.
طبعاً هناك مؤسسات اجتماعية تعمل بكلّ شفافية وتستخدم طواقمها هي لتوزيع المساعدات الأممية، لكن عددها لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة، في حين أنّ هناك مؤسسات عديدة ملأت خزائنها باسم النازحين.
على أية حال، ليس الوقت الآن للكلام عن سياسة «الاستشحاذ» وعمليات النهب والسمسرات باسم النازحين. فهناك لجنة وزارية تشكلت بالأمس لمعالجة ملف النازحين السوريين، والمنتظر من هذه اللجنة أن تعالج هذه القضية بكلّ مسؤولية. والمعيار الوحيد لإثبات جديتها في المعالجة، يتمّ من خلال الاتصال بالحكومة السورية، ووضع آليات عملية تكفل معالجة قضية النزوح. وإذا لم يتمّ ذلك، فإنّ فعل اللجنة لن يختلف عما فعلته «الخلية».
بعد تفكيك «خلية» النازحين، فإنّ جدية «اللجنة» تترجم بسلوك طريق التواصل مع الحكومة السورية.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي